الجهة الاُولى: فی الأجزاء

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
المقام الثانی: فی دوران الأمر بین الأقل والأکثر الارتباطیینالجهة الثانیة: فی الشرائط

والأقوال فیها ثلاثة:

الأوّل: البراءة عن الأکثر، وهو المشهور بین العامّة والخاصّة.

والثانی: الاحتیاط، وهو ما نقل عن الشیخ الطوسی والسیّد المرتضى(رحمهما الله) فی بعض کلماته، والشهید الأوّل والثانی(رحمه الله) وبعض آخر.

الثالث: ما ذهب إلیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فی الکفایة، وهو التفصیل بین البراءة العقلیّة فلا تجری، والبراءة النقلیة فتجری، فتکون النتیجة بالمآل وفی مقام الفتوى عنده هو البراءة، لحکومة أدلّة البراءة الشرعیّة.

واستدلّ الشیخ الأعظم الأنصاری(رحمه الله) فی الرسائل للقول الأوّل بقاعدة قبح العقاب بلا بیان، وبأحادیث البراءة فهو یقول بانحلال العلم الإجمالی وصیرورة الشبهة بدویة بالنسبة إلى الأکثر.

والمحقّق الخراسانی(رحمه الله) أنکر الانحلال، واستدلّ لوجوب الاحتیاط عقلا بدلیلین:

الدلیل الأوّل: لزوم المحذور العقلی من الانحلال، وهو عبارة عن محذور الخلف، ومحذور لزوم عدم الانحلال من الإنحلال (أی یلزم من وجود الانحلال عدمه، وهو التناقض المحال).

أمّا محذور الخلف فبیانه: أنّ دعوى انحلال العلم الإجمالی فی المقام خلاف الفرض لأنّ المفروض توقّف الانحلال على تنجّز وجوب الأقل على کلّ تقدیر، سواء کان الواجب الواقعیهو الأقل أو الأکثر، مع أنّه لیس کذلک، فإنّ الواجب الواقعی لو کان هو الأکثر لم یکن وجوب الأقل منجّزاً، إذ وجوب الأقل حینئذ یکون مقدّمیاً ومن باب تبعیة وجوب المقدّمة لوجوب ذی المقدّمة فی التنجّز، والمفروض عدم تنجّز وجوب ذی المقدّمة وهو الأکثر لجریان البراءة فیه على الفرض، فلیس وجوب الأقلّ ثابتاً على کلّ تقدیر، مع أنّ المعتبر فی الانحلال وجوب کذلک، وهذا خلف.

وأمّا محذور لزوم عدم الانحلال من الانحلال فتوضیحه: إنّ انحلال العلم الإجمالی بالعلم التفصیلی والشکّ البدوی منوط بالعلم بوجوب الأقلّ تفصیلا، وهذا العلم التفصیلی موقوف على تنجّز وجوب الأقلّ مطلقاً، نفسیاً کان أو غیریّاً، وتنجّز وجوبه الغیری یقتضی تنجّز وجوب الأکثر نفسیّاً حتّى یترشّح منه الوجوب على الأقل، ویصیر واجباً غیریّاً، ولا یخفى أنّ تنجّز وجوب الأکثر یقتضی عدم الانحلال، فلزم من الانحلال عدم الانحلال وهو محال.

أقول: لا یخفى رجوع الإشکال الثانی إلى الأوّل، لأنّ الخلف أیضاً یؤول إلى ما یلزم من وجوده عدمه.

وقد أخذ المحقّقون فی الجواب عنهما، وکلّ اختار طریقاً لحلّ المشکلتین.

فقال المحقّق النائینی(رحمه الله): یرد علیه أمران:

الأوّل: إنّ ذلک مبنى على أن یکون وجوب الأقل مقدّمیاً على تقدیر أن یکون متعلّق التکلیف هو الأکثر، إلاّ أنّ ما نحن فیه لیس من هذا القبیل، لما تقدّم من أنّ وجوب الأقلّ لا یکون إلاّ نفسیّاً على کلّ تقدیر، لأنّ الأجزاء إنّما تجب بعین وجوب الکلّ، ولا یمکن أن یجتمع فی الأجزاء کلّ من الوجوب النفسی والغیری.

الثانی: إنّ دعوى توقّف وجوب الأقل على تنجّز التکلیف بالأکثر لا تستقیم، ولو فرض کون وجوبه مقدّمیاً، وسواء اُرید من وجوب الأقلّ تعلّق التکلیف به أو تنجّزه، فإنّ وجوب الأقل على تقدیر کونه مقدّمة لوجود الأکثر إنّما یتوقّف على تعلّق واقع الطلب بالأکثر، لا على تنجّز التکلیف به، لأنّ وجوب المقدّمة یتبع وجوب ذی المقدّمة واقعاً وإن لم یبلغ مرتبة التنجّز، وکذا تنجّز التکلیف بالأقل لا یتوقّف على تنجّز التکلیف بالأکثر بل یتوقّف على العلم بوجوب نفسه، فإنّ تنجّز کلّ تکلیف إنّما یتوقّف على العلم بذلک التکلیف، ولا دخل لتنجّز تکلیف آخر فی ذلک(1).

أقول: لعلّ نظر المحقّق النائینی(رحمه الله) فی هذا الإشکال (الإشکال الثانی) إلى وجوب حفظ ماء الوضوء مثلا قبل الوقت، أو وجوب أخذ جواز السفر والخروج مع الرفقة قبل مجیء أیّام الحجّ فیکون وجوب المقدّمة فیهما فعلیّاً ومنجّزاً مع عدم تنجّز وجوب ذیها.

لکن یرد علیه: بالنسبة إلى إشکاله الأوّل بأنّه لو قبلنا وجوب الجزء العاشر مثلا على کلّ تقدیر وأنّه دخیل فی قوام الکلّ فإذا سقط عن الفعلیة والتنجّز سقط بالتبع وجوب سائر الأجزاء عن الفعلیّة، سواء قلنا بمقدّمیتها أو لم نقل.

وإذاً ینحصر الإشکال فی الثانی، ویردّه أنّه یستحیل وجوب المقدّمة فعلا مع عدم وجوب ذیها فعلا لأنّ وجوب المقدّمة بناءً على المقدّمیّة مترشّح من وجوب ذیها وفرع علیه، ولا یمکن زیادة الفرع على الأصل، وأمّا المثالان المذکوران فوجوب المقدّمة فیهما من أجل العلم بوجوب ذی المقدّمة فی موطنهما، وحکم العقل بوجوب حفظ غرض المولى الذی یتوقّف على الإتیان بالمقدّمة کما ستأتی الإشارة إلیه. ولا یخفى أنّ المقام لیس من هذا القبیل.

ثمّ إنّه اُجیب عن مقالة المحقّق الخراسانی(رحمه الله) بوجوه اُخر، والمختار فی الجواب:

أوّلا: النقض بعکس کلامه، لأنّه یلزم من وجب الاحتیاط أیضاً عدم وجوب الاحتیاط فإنّه فرع تنجّز الواقع على کلّ حال، ولازمه العلم التفصیلی بوجوب الأقلّ، ونتیجته انحلال العلم الإجمالی وجریان البراءة فی الأکثر.

وثانیاً: أنّ لزوم الخلف ولزوم عدم الانحلال من وجوده یتصوّر فیما إذا وجد الانحلال وعدم الانحلال فی آن واحد، لا ما إذا کان وعاؤهما زمانین مختلفین، وکان أحدهما فی طول الآخر، کما أنّه کذلک فی الشبهة البدویة، فیجب الاحتیاط قبل الفحص ولا یجب بعده، وبعبارة اُخرى: یشترط فی التناقض ولزوم الخلف ثمانیة شرائط: منها الوحدة فی الزمان، وهى مفقودة فی المقام.

وثالثاً: أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بیان بناءً على المختار قاعدة عقلائیّة، والعقلاء لیس بناؤهم فی دائرة الموالی والعبید على إجراء الاحتیاط فی الاجزاء والشرائط المشکوکة فی المرکّبات فإذا أمر المولى عبده أو الرئیس مرؤوسه بأمر مرکّب، ولم یذکر فیه إلاّ تسعة أجزاء مثلا، ثمّ شکّ العبد أو المرؤوس فی لزوم جزء عاشر فلا یصحّ مؤاخذته بدون البیان، والعقاب بلا برهان.

إن قلت: لیس الأمر خالیاً من إحدى الحالتین فإمّا ینحلّ العلم الإجمالی أو لا ینحلّ. فإن انحلّ فتکون الشبهة بالنسبة إلى الأکثر بدویّة، والحکم فیها هو البراءة کسائر مصادیق الشبهات البدویّة فلا خصوصیّة لما نحن فیه، وإن لم ینحلّ فکیف یکون بناء العقلاء على البراءة مع وجود العلم الإجمالی وتنجّزه عقلا؟

قلنا: إنّ العلم الإجمالی وإن لم ینحلّ بل کان منجّزاً عند العقل، لکن مع ذلک جرى بناء العقلاء على البراءة، وأمضاه الشارع المقدّس کما مرّ تفصیله عند الکلام فی البراءة العقلیّة مستوفاً.

هذا کلّه هو الدلیل الأوّل للمحقّق الخراسانی(رحمه الله) على وجوب الاحتیاط.

الدلیل الثانی: ما یکون مبتنیّاً على مقالة العدلیّة من أنّ الواجبات الشرعیّة الطاف فی الواجبات العقلیّة، وإنّ الأوامر والنواهی مبنیّة على مصالح ومفاسد واقعیّة لمتعلّقاتها، وهو إنّا نقطع بوجود ملاک ومصلحة ملزمة قائمة بالأقل أو الأکثر، وإذا لم یأت بالأکثر یشکّ فی حصول الملاک وتلک المصلحة، فیحکم العقل بلزوم إتیان الأکثر حتّى یحصل العلم بحصول الملاک.

إن قلت: هذا لا یلائم مقالة الأشاعرة ومبنى من یقول بوجود المصلحة فی خصوص الأمر نفسه لا فی متعلّقه.

قلنا: إنّا لسنا مسؤولین عن عقائد الأشاعرة بل علینا أن نبحث وفقاً لمبانینا.

إن قلت: لا یمکن فی المقام تحصیل الغرض، لاحتمال اعتبار قصد الوجه (وهو إتیان الأجزاء بقصد الوجوب) فیه، وهو لا یمکن بالنسبة إلى الأکثر.

قلنا: قد مرّ کراراً عدم وجوب قصد الوجه، ولو سلّمنا بوجوبه فإنّه واجب بالإضافة إلى مجموع العمل لا کلّ جزء جزء.

أقول: هذا الدلیل أیضاً غیر تامّ لأنّه لا دلیل على لزوم تحصیل الغرض إلاّ فی ثلاث حالات:

الاُولى: فیما إذا لم یکن المولى قادراً على البیان کما إذا کان محبوساً.

الثانیة: فیما إذا وقع الغرض بنفسه تحت أمر المولى کما إذا کان المأمور به فی الوضوء مثلا عنوان الطهارة المعنویة التی هى من الاُمور البسیطة، فیجب الاحتیاط فی الأجزاء حتّى یعلم بحصولها.

الثالثة: فیما إذا حصل لنا العلم من ناحیة دلیل خارجی کالإجماع ونحوه بعدم حصول غرض المولى فیجب الاحتیاط حتّى یعلم بحصوله.

وفی غیر هذه الموارد لا یجب تحصیل الغرض، ولا دلیل على وجوبه، وإنّما الواجب على المکلّف الإتیان بالتکالیف الواصلة وامتثال الأوامر والنواهی الثابتة، فإنّها هى حلقة الإتّصال بین المولى والعبد، ولا علم للعبد بأغراض المولى، لأنّ أغراضه تحت إختیاره ومربوطة به، ولا ربط للعبد بها إلاّ فی ما ذکر، فیدور أمره فی غیره مدار الإبلاغ والوصول. هذا أوّلا.

وثانیاً: قد وقع فی هذا الوجه الخلط بین قصد الوجه وقصد الجزم، فإنّ قصد الوجه حاصل فی المقام لأنّه یأتی بالأکثر بقصد الوجوب لکن لا جزماً بل احتمالا، فالمفقود هو قصد الجزم (لا قصد الوجه)، ولا دلیل على اعتباره، ولذلک اخترنا إمکان الاحتیاط فی العبادات، ولو سلّمنا باعتبار قصد الجزم فإنّه منحصر بصورة التمکّن عنه، والمقام لیس کذلک.

ثالثاً: فی قول المستدلّ من أنّ المصلحة قد تکون فی نفس الإنشاء: إن کان المقصود إمکان تصوّر ذلک فی مقام الثبوت فلا إشکال فی إمکانه، وإلاّ فإنّا لم نظفر به فی الشرعیّات فی مقام الإثبات حتّى فی مورد واحد.

نعم قد یتوهّم بوجوده فی ثلاثة موارد:

أحدها: الأوامر الامتحانیّة کما فی قصّة ذبح إسماعیل (علیه السلام).

والصحیح أنّ المصلحة فیها أیضاً فی نفس العمل لا فی خصوص الإنشاء: فإنّ فی قصّته (علیه السلام) وإن لم تکن المصلحة فی المأمور به المباشری وهو الذبح، لکنّها کانت موجودة فی مقدّماته وفعل التهیّؤ للذبح والإقدام به، ولعلّ المأمور به الواقعی عند المولى کان هو الإتیان بمقدّمات الذبح الدالّة على کمال إیثار الخلیل والذبیح وإخلاصهما، کما یشهد علیه قوله تعالى (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْیَا) کما لا یخفى.

ثانیها: الأوامر الجزائیّة کما فی قصّة البقرة لنبی إسرائیل فقد ورد فی الحدیث: «ولکن شدّدوا فشدّ الله علیهم»(2) فإنّ ظاهره عدم وجود المصلحة فی لونها وسنّها، بل المصلحة کانت فی مجازاتهم بالتضییق علیهم.

لکن الإنصاف فیه أیضاً أنّ المصلحة فی المنشأ لا فی الإنشاء، فإنّ اللون الخاصّ مثلا وإن لم یکن ذا مصلحة بعنوان الأوّلی (لعدم کونه قیداً فی المأمور به فی إبتداء الأمر) لکنّه صار ذا مصلحة بعنوان ثانوی وهو سدّ باب الأعذار الواهیّة واللجاج من المکلّفین فی مقابل الأوامر الإلهیّة.

ثالثها: بعض الأوامر الواردة فی مقام التقیّة، حیث إنّ الإمام (علیه السلام) ینشأ الوجوب فی ذلک المقام، مع أنّه لا وجوب فی الواقع ولا مصلحة فی الفعل المتعلّق للأمر الذی صدر تقیّة، وإنّما المصلحة فی نفس الإنشاء.

والصحیح خروج هذا القسم عن محلّ البحث أیضاً، لأنّ محلّه هو الأوامر الجدّیة، أی البحث فی المقام فی أنّه هل یوجد فی الشریعة قانون جدّی کانت المصلحة فیه فی نفس الإنشاء، أو لا؟ والأوامر الصادرة تقیّة لیست جدّیة، ولذا یقال: إنّ أصالة الجدّ فیها ساقطة.

هذا کلّه فی البراءة العقلیّة.

وأمّا البراءة النقلیة فالمحقّق الخراسانی(رحمه الله) تبعاً للمشهور ذهب إلى جریانها، لأنّ عموم حدیث الرفع قاض برفع جزئیة ما شکّ فی جزئیّته، ویعیّن الواجب فی الأقلّ.

ثمّ یستشکل على نفسه بما حاصله: أنّ البراءة تجری فیما تناله ید الوضع والرفع التشریعیین، وجزئیّة السورة المجهولة مثلا لیست بمجعولة شرعاً، لأنّها لیست أثراً شرعیّاً (کحرمة شرب التتن أو وجوب الدعاء عند رؤیة الهلال) وممّا یترتّب علیها أثر شرعی (کالشکّ فی الالتزام النفسانی المجرّد عن اللفظ فی باب النذر الذی یکون سبباً لوجوب الوفاء شرعاً).

ویجیب عنه: بأنّ الجزئیّة وإن لم تکن مجعولة لکونها أمراً انتزاعیاً، إلاّ أنّ منشأ انتزاعها وهو الأمر مجعول شرعی، وهذا کاف فی صحّة جریان البراءة فیها.

ثمّ إستشکل ثانیاً: بأنّه بعد جریان البراءة فی الأمر بالأکثر (الذی هو منشأ انتزاع الجزئیّة) لا یبقى أمر یتعلّق بالأقل لأنّ متعلّق الأمر هو الکلّ لا الجزء، وحینئذ لا وجه لجریان البراءة وتعیّن الواجب فی الأقل.

وأجاب عنه أیضاً: بأنّ الأمر بالأقلّ یثبت بالجمع بین أدلّة الاجزاء وأدلّة البراءة الشرعیّة، حیث إنّ وجوب الأقل معلوم بنفس أدلّة الاجزاء، ووجوب الأکثر منفی بالبراءة

الشرعیّة فیکون حدیث الرفع بمنزلة الإستثناء لأدلّة الأجزاء، ویقیّد إطلاقها لحالتی العلم والجهل بجزئیّة الأجزاء فکأنّ الشارع قال: «یجب فی الصّلاة التکبیر والقراءة والرکوع والسجود والتشهّد مطلقاً، علم بها المکلّف أم لا، وأمّا السورة فهى واجبة فی خصوص ما إذا علم بجزئیّتها»، أو أنّه قال: «ایت بالکلّ إلاّ السورة لأنّک لا تعلم أنّه واجب».

أقول: لا حاجة فی حلّ المشکلة إلى طیّ هذا الطریق، لإمکان حلّها بالأوامر الضمنیّة فیقال: إنّ حدیث الرفع ینفی خصوص الوجوب الضمنی المتعلّق بما شکّ فی جزئیته، ولا ینفی الوجوب عن الباقی.

بقی هنا أمران:

الأوّل: قد یقال أنّ المحقّق الخراسانی قد عدل عن مقالته فی بعض کلماته، وذهب إلى عدم جریان البراءة عقلا وشرعاً فقال فی تعلیقته على کتابه (کفایة الاُصول) ما لفظه «لکنّه لا یخفى أنّه لا مجال للنقل فیما هو مورد حکم العقل بالاحتیاط، وهو ما إذا علم إجمالا بالتکلیف الفعلی، ضرورة أنّه ینافیه رفع الجزئیّة المجهولة، وإنّما یکون مورده ما إذا لم یعلم به، بل علم مجرّد ثبوته واقعاً (یعنی ولو لم یکن فعلیّاً)(3).

ولعلّه مبنیّ على ما اختاره سابقاً من أنّ العلم الإجمالی إذا علم کونه فعلیاً من جمیع الجهات یکون علّة تامّة للتنجّز فلا یمکن صدور الترخیص لأطرافه من ناحیة الشارع.

ولکن بما أنّ الصحیح المختار فی ذلک البحث عدم کون العلم الإجمالی علّة تامّة، وإنّه لیس إلاّ مجرّد المقتضی للإحتیاط (وذلک لأنّه لا یستفاد من أدلّة الواجبات والمحرّمات إلاّ کونها مقتضیة للفعلیّة، غیر منافیة لما یعرض علیها من العناوین الثانویة وغیرها ممّا یمنعها عن الفعلیّة، وإنّه لا طریق لنا إلى کشف الفعلیّة من جمیع الجهات من ظواهر الأدلّة نعم إذا ثبت المقتضی ولم یمنع منه مانع نحکم بفعلیّته) فلا مانع حینئذ من جریان البراءة فی ما نحن فیه.

الثانی: قد یتصوّر إمکان جریان أصالة الاشتغال فی ما نحن فیه، وذلک من طریقین:

أحدهما: استصحاب اشتغال الذمّة بالتکلیف.

وفیه: أنّ البراءة مقدّمة على الإشتغال لأنّها فی محلّ الکلام بمنزلة الأصل السببی، وأصالة الاشتغال أصل مسبّبی، لأنّ منشأ الشکّ فی فراغ الذمّة إنّما هو الشکّ فی جزئیة السورة مثلا، وهو یرتفع بجریان البراءة فیرتفع موضوع أصالة الاشتغال.

ثانیهما: أنّ الشکّ فی المقام یرجع إلى الشکّ فی المحصّل، لأنّ المأمور به وهو عنوان الصّلاة مثلا عنوان بسیط، ولا نعلم أنّه هل یحصل بإتیان تسعة أجزاء، أو لا؟ فلابدّ لإحرازه من إتیان الجزء العاشر أیضاً.

وفیه: أنّه لیست الصّلاة أمراً خارجاً وراء الاجزاء، حاصلا منها ومسبّباً عنها حتّى یکون الشکّ شکّاً فی المحصّل، بل إنّما هى عین الاجزاء، والأمر بها منبسط على الاجزاء.

هذا کلّه فی الجهة الاُولى، وهى ما إذا کان الأقل والأکثر من قبیل الجزء والکلّ.


1. راجع فوائد الاُصول: ج4، ص156 ـ 158، طبع جماعة المدرّسین.
2. بحار الأنوار: ج13، ص262، ح2.
3. کفایة الاُصول: ص366، طبع مؤسسة آل البیت(علیهم السلام).

 

المقام الثانی: فی دوران الأمر بین الأقل والأکثر الارتباطیینالجهة الثانیة: فی الشرائط
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma