تفصیل الشیخ الأعظم الأنصاری; بین الشکّ فی المقتضی والشکّ فی الرافع

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
استدلال بعض الأعاظم للتفصیل ونقدهتنبیهات الاستصحاب

ثمّ إنّ هیهنا تفصیلا آخر من الشیخ الأعظم قدّس سرّه الشریف الذی نسبه إلى المحقّق(رحمه الله)فی المعارج (وإن کان فی النسبة نظر کما سیأتی) وهو التفصیل بین الشکّ فی المقتضی فلا یکون الاستصحاب حجّة، وبین الشکّ فی الرافع فیکون حجّة، وتحلیل المسألة وإیضاح الحقّ فیها یحتاج إلى رسم اُمور:

1 ـ بیان الموارد من المقتضی والمانع.

2 ـ دلیل الشیخ الأعظم(رحمه الله) على هذا التفصیل.

3 ـ نقد کلامه الشریف.

أمّا الأمر الأوّل فنقول: قد أوضح الشیخ(رحمه الله) بنفسه مقصوده من المقتضی والمانع بأوفى البیان مع ذکر المثال، ولا ینقضی تعجّبی عن بعض الأعلام من أنّه کیف أتعب نفسه الزکیّة فذکر لتوضیح مراد الشیخ(رحمه الله)احتمالات عدیدة هى أجنبیة عن مرامه ومخالفة لما صرّح به نفسه؟

وإلیک نصّ کلام الشیخ(رحمه الله) فی مبحث تقسیم الاستصحاب باعتبار الشکّ المأخوذ فیه: «الثالث من حیث إنّ الشکّ فی بقاء المستصحب قد یکون من جهة المقتضی، والمراد به الشکّ من حیث إستعداده وقابلیته فی ذاته للبقاء، کالشکّ فی بقاء اللیل والنهار وخیار الغبن بعد الزمان الأوّل، وقد یکون من جهة طروّ الرافع مع القطع باستعداده للبقاء، وهذا على أقسام ...»(1).

ثمّ ذکر الأقوال فی حجّیة الاستصحاب وقال: «والأقوى هو القول التاسع وهو الذی اختاره المحقّق، فإنّ المحکیّ عنه فی المعارج أنّه قال: إذا ثبت حکم فی وقت ثمّ جاء وقت آخر ولم یقم دلیل على انتفاء ذلک الحکم هل یحکم ببقائه على ما کان، أم یفتقر الحکم فی الوقت الثانی إلى دلالة؟ کما یفتقر نفیه إلى الدلالة، حکى عن المفید(رحمه الله) أنّه یحکم ببقائه ما لم تقم دلالة على نفیه، وهو المختار، وقال المرتضى(رحمه الله): لا یحکم. ثمّ مثل بالمتیمّم الواجد للماء فی أثناء الصّلاة، ثمّ احتجّ للحجّیة بوجوه: منها: أنّ المقتضی للحکم الأوّل موجود، ثمّ ذکر أدلّة المانعین وأجاب عنها، ثمّ قال: والذی نختاره أن ننظر فی دلیل ذلک الحکم فإن کان یقتضیه مطلقاً وجب الحکم باستمرار الحکم کعقد النکاح فإنّه یوجب حلّ الوطی مطلقاً. فإذا وقع الخلاف فی الألفاظ التی یقع بها الطلاق، فالمستدلّ على أنّ الطلاق لا یقع بها لو قال: حلّ الوطی ثابت قبل النطق بهذه الألفاظ فکذا بعده، کان صحیحاً، لأنّ المقتضی للتحلیل ـ وهو العقد ـ اقتضاه مطلقاً، ولا یعلم أنّ الألفاظ المذکورة رافعة لذلک الاقتضاء، فیثبت الحکم عملا بالمقتضی(2).

فظهر أنّ کلام الشیخ(رحمه الله) واضح لا حاجة فی توضیحه إلى بیان احتمالات عدیدة، نعم الظاهر أنّ کلام المحقّق(رحمه الله) لا ربط له بالاستصحاب وبالشکّ فی المقتضی أو المانع المبحوث عنه فی مبحث الاستصحاب، بل الظاهر أنّ مراده من المقتضی إنّما هو العمومات التی یرجع إلیها عند الشکّ فی المخصّص، والشاهد علیه ما صرّح به فی ذیل کلامه حیث قال: «وقوع العقد إقتضى حلّ الوطی لا مقیّداً بوقت» فإنّه ناظر إلى عموم «اُوفوا بالعقود» و «أحلّ الله النکاح» الذی لا نعلم تخصیصه بالألفاظ المشکوکة فی أبواب الطلاق، فالتمسّک بالعموم عند الشکّ فی المخصّص شیء، والتمسّک بالاستصحاب شیء آخر، وهذا نظیر الاستدلال لأصالة اللزوم فی أبواب المعاملات بـ «اُوفوا بالعقود» و «أحلّ الله البیع» و «تجارة عن تراض» وغیرها، کما تمسّک الشیخ الأعظم نفسه بها فی ابتداء مباحث البیع والخیارات. ثمّ أضاف إلیها لاستصحاب بعنوان دلیل آخر.

وأمّا الأمر الثانی: فاستدلّ الشیخ(رحمه الله) لهذا التفصیل بما حاصله: أنّ للنقض معنىً حقیقیّاً وهو عبارة عن رفع الهیئة الإتّصالیّة کما فی نقض الحبل، ومعنى مجازیاً أقرب وهو رفع الأمر الثابت، أی المستحکم الذی فیه إقتضاء الثبوت والاستمرار، ومعنىً مجازیاً أبعد وهو مطلق رفع الید عن الشیء وترک العمل به ولو لعدم المقتضی له، فإذا تعذّر المعنى الحقیقی کما فی المقام ودار الأمر بین المعنیین المجازیین، فیتعیّن الأوّل منهما الأقرب، فیختصّ الیقین حینئذ بما کان متعلّقه أمراً ثابتاً مستحکماً فیه اقتضاء الاستمرار کالزوجیّة والملکیّة والعدالة ونحوها ممّا یحتاج رفعه إلى وجود رافع ومزیل دون ما لیس فیه اقتضاء الثبوت والاستمرار بل یرتفع بنفسه.

إن قلت: هذا یستلزم التصرّف فی معنى الیقین وإرادة المتیقّن منه، وهو خلاف الظاهر.

قلنا: لابدّ من هذا التصرّف على أی حال، لأنّ الیقین بما هو یقین لا یتعلّق به النقض الاختیاری، ولا یتصوّر بالنسبة إلیه النقض أو عدم النقض، وبعبارة اُخرى: التعبیر بالنقض قرینة على أنّ المراد من الیقین إنّما هو المتیقّن.

وأمّا الأمر الثالث: فقد أورد (أو یرد) على کلامه إشکالات أربع:

الأوّل: (وهو العمدة) أنّه لا بأس بأن تکون صفة النقض بلحاظ وصف الیقین لا المتیقّن، أی یکون متعلّق النقض الیقین نفسه، وهذا لا ینافی کونه من الأفعال الاختیاریّة التی تتعلّق بما یکون فعلا اختیاریاً، لأنّ النهی عن عدم نقض الیقین کنایة عن العمل على طبقه والإجراء على وفقه عملا، وحینئذ نقول: أنّ وصف الیقین أمر مبرم ومستحکم سواء کان متیقّنه أیضاً کذلک أو لم یکن.

إن قلت: لا معنى لنقض الیقین بأی معنى کان فی مورد الاستصحاب، لأنّ المفروض إنّ زمان الیقین قد مضى، والموجود الآن هو الشکّ.

قلنا: المفروض فی مورد الاستصحاب أیضاً أنّ الشارع غضّ نظره عن زمان متعلّق الیقین والشکّ وعن تغایر المتعلّقین من ناحیة الزمان، فلاحظهما معاً، ثمّ نهى عن نقض أحدهما بالآخر، فیکون النقض حاصلا.

الثانی: أنّ تفصیله مبنى على شمول جمیع روایات الاستصحاب على التعبیر بـ «لا تنقض» مع أنّه لم یرد فی روایة الخصال، حیث إنّ الوارد فی صدرها «فلیمض على یقینه»، وهکذا حدیث علی بن محمّد القاسانی الذی عبّر بـ «الیقین لا یدخل فیه الشکّ صم للرؤیة وافطر للرؤیة» ولا إشکال فی أنّ تعبیری المضیّ والدخول عامان لا یختصّان بخصوص موارد الشکّ فی الرافع.

نعم، یمکن أن یقال بالنسبة إلى الروایة الاُولى (کما قال به الشیخ الأعظم(رحمه الله)نفسه) أنّ ذیله وهو «فإنّ الشکّ لا ینقض الیقین» قرینة على تقیید الصدر.

وأمّا الروایة الثانیة فأجاب عنها الشیخ(رحمه الله): بأنّها ناظرة إلى استصحاب الإشتغال لا الاستصحاب المصطلح، ولا یخفى أنّ استصحاب الإشتغال یکون دائماً من قبیل الشکّ فی الرافع، لأنّ شغل الذمّة دائمی إلى أن یرفعه رافع.

لکن جوابه هذا غیر تامّ صغرى وکبرى:

أمّا الصغرى: فلأنّ المفروض فی هذه الروایة أنّ الشکّ متعلّق بعمر شهر رمضان وشهر شعبان، ولا إشکال فی أنّ الشکّ فی عمر الشهر من قبیل الشکّ فی المقتضی.

مضافاً إلى أنّه لا إشتغال للذمّة بالنسبة إلى یوم الشکّ فی إبتداء رمضان حتّى یکون الاستصحاب فیه من قبیل استصحاب الإشتغال.

وأمّا الکبرى: فلأنّه لو فرضنا کون المورد من قبیل الشکّ فی الرافع إلاّ أنّ الکبرى الواردة فی صدر الروایة وهى قوله «لا یدخل ...» عامّ لا یخصّص بالمورد.

ومن الروایات التی لم یرد فیها التعبیر بالنقض روایة عبدالله بن سنان الواردة فی باب العاریة، ولکن الشیخ(رحمه الله) ذکرها مؤیّداً لسائر الروایات، لا دلیلا مستقلا على الاستصحاب، فلا ینقض بها کلامه.

الثالث: أنّ من مصادیق الاستصحاب المجمع علیها استصحاب عدم النسخ حتّى عند الشیخ الأعظم(رحمه الله)نفسه، مع أنّ الشکّ فی مورده یکون دائماً من قبیل الشکّ فی المقتضی، لأنّه شکّ فی عمر الحکم الشرعی، لما ذکر فی محلّه من أنّ حقیقة النسخ دفع الحکم لا رفعه.

اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّ استصحاب عدم النسخ ثابت بالإجماع، لا الروایات والظاهر أنّ الإجماع معتمد على العموم الأزمانی الموجود فی أدلّة الأحکام، أو على روایات نظیر قوله(علیه السلام): «حلال محمّد حلال إلى یوم القیامة ...» لا على روایات الاستصحاب.

الرابع: أنّه قد مرّ أنّ الأساس فی باب الاستصحاب إنّما هو بناء العقلاء، وهم لا یفصّلون بین الشکّ فی المقتضی والشکّ فی الرافع، لأنّ القدر المسلّم من مصادیق الاستصحاب عندهم استصحاب الحیاة، ومن المعلوم أنّ النفوس المختلفة متفاوتة فی مقدار استعداد البقاء، وقد یکون إنسان مستعدّاً للبقاء إلى ثلاثین أو أربعین أو خمسین سنة، وقد یکون أقلّ من ذلک أو أکثر، ولا ینبغی الشکّ فی جریان الاستصحاب عند العقلاء فی جمیع هذه الموارد، بل لو قلنا أنّ الحدّ الوسط فی الاستعداد للبقاء مثلا هو خمسون أو ستّون سنة فلا شکّ فی جریان الاستصحاب بعده أیضاً، مع أنّه من قبیل الشکّ فی المقتضی.

إلى هنا تمّ الکلام عن أدلّة الاستصحاب، والآن نشرع فی بیان التنبیهات التی ذکرها الأصحاب فی کلماتهم، فنقول ومنه جلّ شأنه التوفیق والهدایة:


1. فرائد الاُصول: ص558 ـ 559، طبع جماعة المدرّسین.
2. فرائد الاُصول: ص561، طبع جماعة المدرّسین.

 

استدلال بعض الأعاظم للتفصیل ونقدهتنبیهات الاستصحاب
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma