التنبیه الثامن عشر: النسبة بین الاستصحاب وسائر الاُصول العملیّة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
التنبیه السابع عشر: تقدّم الأمارات على الاستصحابالتنبیه التاسع عشر: تعارض الاستصحابین

والکلام فیه أیضاً یکون فی وجه تقدیم الاستصحاب على سائر الاُصول، وإلاّ لا إشکال فی أصل تقدّمه علیها بل ادّعى اتّفاق الأصحاب علیه.

وقد قرّر فی محلّه أنّ الاُصول العملیّة على قسمین: عقلیة وشرعیة، أمّا العقلیّة فهى ثلاثة: البراءة العقلیّة (قبح العقاب بلا بیان) والاحتیاط العقلی (فی أطراف العلم الإجمالی وشبهه) والتخییر العقلی (فی دوران الأمر بین الواجب والحرام) نعم قد مرّ فی مبحث البراءة أنّ المختار أنّها عقلائیّة لا عقلیّة، لأنّ العقل کما یحکم فی موارد العلم الإجمالی بالاحتیاط یحکم فی موارد الشبهات البدویة أیضاً به، لما مرّ هناک من أنّ مقاصد المولى لا تکون أقلّ أهمیة من مقاصد العبد نفسه، فکما أنّ العقل یحکم بالاحتیاط فیما إذا احتمل العبد کون هذا الطعام مثلا مضرّاً ضرراً معتدّاً به حفظاً لمقاصده الشخصیة، کذلک یحکم به فیما إذا احتمل کون هذا الشیء مبغوضاً لمولاه.

وعلى هذا فالاُصول العقلیّة إثنان لا ثلاثة، نعم إنّ بناء العقلاء قام على البراءة، فلا یؤاخذون العبید والمأمورین بشیء قبل البیان الواصل إلیهم، وقد أمضاه الشارع أیضاً.

ولکن لا یخفى أنّه لیس فارقاً فیما هو المهمّ فی المقام، لأنّ موضوع البراءة سواء کانت عقلیّة أو عقلانیّة هو عدم البیان، وبعد قیام الاستصحاب یتبدّل عدم البیان إلى البیان.

وکیف کان، لا إشکال فی أنّ الاستصحاب وارد على الاُصول العقلیّة لأنّ موضوعها یرتفع به، أمّا البراءة العقلیّة (أو العقلائیّة) فلما عرفت آنفاً، وأمّا الاحتیاط العقلی فلأنّ موضعه عدم الأمن من العقوبة فیما إذا علم إجمالا بخمریّة أحد الإنائین مثلا، ومع استصحاب خلیّة أحدهما ینحلّ العلم الإجمالی من أصله ویحصل الأمن من العقاب، وهکذا فی التخییر العقلی، فإنّ موضوعه عدم الترجیح بین المحذورین والاستصحاب مرجّح.

هذا فی الاُصول العقلیّة.

وأمّا الاُصول الشرعیّة المنحصرة فی البراءة الشرعیّة فقد وقع النزاع فی وجه تقدیم الاستصحاب علیها فذهب المحقّق الخراسانی(رحمه الله) إلى أنّ الاستصحاب وارد(1) على البراءة الشرعیّة بمعنى کونه رافعاً لموضوعها (أی الشکّ) بعد قیامه.

وقال فی توضیح مرامه ما حاصله: إن قلت: هذا لو أخذ بدلیل الاستصحاب فی مورد الاُصول، ولکن لماذا لا یؤخذ بدلیلها ویلزم الأخذ بدلیله؟

قلنا: لأنّه لو أخذنا بدلیل الاستصحاب لم یلزم منه شیء سوى ارتفاع موضوع سائر الاُصول بسببه، وهذا لیس بمحذور، وأمّا لو أخذنا بدلیل البراءة الشرعیّة دون الاستصحاب فیلزم منه إمّا التخصیص بلا مخصّص إن رفعنا الید عن الاستصحاب الجاری فی مورد البراءة الشرعیّة بدون مخصّص لدلیله، وإمّا التخصیص على وجه دائر إن رفعنا الید عنه لأجل کون البراءة الشرعیّة مخصّصة لدلیله، فإنّ مخصّصیتها له ممّا یتوقّف على اعتبارها معه، واعتبارها معه ممّا یتوقّف على مخصّصیتها له، وهو دور محال (انتهى کلامه مع شرح وتوضیح).

ولکن یرد علیه: أنّ موضوع البراءة الشرعیّة إنّما هو الشکّ فی الحکم الواقعی، وهو باق على حاله واقعاً حتّى بعد قیام الاستصحاب، لأنّ المفروض أنّ الاستصحاب لیس أمارة حتّى یحصل به الاطمئنان بالواقع، أضف إلى ذلک أنّه یجری عین هذا البیان (لزوم التخصیص بلا مخصّص أو التخصیص على وجه دائر) فی الطرف المقابل أیضاً، لأنّهما فی عرض واحد ولسانهما واحد.

وذهب المحقّق النائینی(رحمه الله) إلى أنّه حاکم على البراءة الشرعیّة من باب «أنّها من الاُصول غیر التنزیلیة (غیر المحرزة) فیکون الاستصحاب المتکفّل للتنزیل رافعاً لموضوعها بثبوت التعبّد به شرعاً فیکون حاکماً علیها»(2).

ولکن یرد علیه أیضاً:

أوّلا: ما مرّ سابقاً من أنّه لا فرق من هذه الجهة بین الأمارة والأصل، فإنّ الشکّ مأخوذ فی موضوع کلیهما، حیث إنّ الوارد فی دلیل حجّیة الأمارة أیضاً (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) (أی عند الشکّ وعدم العلم)، نعم کأنّه قال: «اسألوا حتّى تعلموا» فالغایة هو العلم بالواقع والوصول إلى الواقع، بخلاف الأصل فإنّه لمجرّد رفع الحیرة فی مقام العمل، وبه لا یصل المکلّف إلى الواقع.

ثانیاً: أنّ مفاد دلیل الاستصحاب إنّما هو النهی عن نقض الیقین السابق حیث یقول: لا تنقض الیقین (أی الیقین السابق) بالشکّ، ولا یقول: لا تنقض لأنّک على یقین من الحکم المتیقّن سابقاً حتّى یکون مفاده تنزیل المؤدّى منزلة الواقع.

ثمّ إنّ للشیخ الأعظم(رحمه الله) بیاناً آخر للحکومة أی حکومة الاستصحاب على البراءة الشرعیّة بالنسبة إلى بعض أدلّتها مثل قوله(علیه السلام): «کلّ شیء مطلق حتّى یرد فیه نهی» ونحوه، وإلیک نصّ کلامه: «إنّ دلیل الاستصحاب بمنزلة معمّم للنهی السابق بالنسبة إلى الزمان اللاحق فقوله (علیه السلام): «لا تنقض الیقین بالشکّ» یدلّ على أنّ النهی الوارد لابدّ من إبقائه وفرض عمومه، فمجموع الروایة المذکورة (کلّ شیء مطلق ...) ودلیل الاستصحاب بمنزلة أن یقول: «کلّ شیء مطلق حتّى یرد فیه النهی، وکلّ نهی ورد فی شیء فلابدّ من تعمیمه لجمیع أزمنة احتماله» فتکون الرخصة فی الشیء وإطلاقه (المستفاد من قوله کلّ شیء مطلق) مغیّى بورود النهی المحکوم علیه بالدوام وعموم الأزمان (بدلیل الاستصحاب) فکان مفاد الاستصحاب نفی ما یقتضیه الأصل الآخر (البراءة الشرعیّة) فی مورد الشکّ لولا النهی، وهذا معنى المحکومة» (انتهى).

وحاصل کلامه أنّ دلیل البراءة الشرعیّة یقول: کلّ شیء مطلق ومرخّص حتّى یرد فیه نهی، ودلیل الاستصحاب یقول: إنّ النهی السابق نهی فی الزمان اللاحق أیضاً، فیرتفع به موضوع أصالة البراءة وهو عدم وجود النهی فیکون حاکماً علیه.

ولکن یرد علیه: أنّ المستفاد من دلیل الاستصحاب إنّما هو عدم ترتّب آثار الشکّ فی مقام العمل ولزوم ترتّب آثار الیقین السابق کذلک، لا أنّ النهی السابق موجود فی الآن اللاحق، لأنّه لیس حاکیاً عن بقاء النهی بحسب الواقع، وإلاّ یلزم کونه من الأمارات.

وبعبارة اُخرى: إمّا أن تلتزموا بکون الاستصحاب من الأمارات کما التزم به بعض الأعلام(3) ونتیجته أنّه مقدّم على البراءة الشرعیّة بالورود أو الحکومة، أو تجعلونه من الاُصول العملیّة فلا وجه حینئذ لکونه مقدّماً من جهة الورود أو الحکومة، بل إنّه یعارض البراءة الشرعیّة ولابدّ حینئذ من ملاحظة الترجیح بین أدلّتهما. فنقول: أنّ وجه التقدیم کون أدلّة الاستصحاب بعد ملاحظة التأکیدات الکثیرة والعبارات المترادفة المتعدّدة فیها أقوى وأظهر دلالة من أدلّة البراءة کما لا یخفى، فالمرجّح إنّما هو الأظهریّة والأقوائیّة فی الدلالة، ویؤیّده ما قد یقال: من أنّ ألسنة بعض روایاته کقوله(علیه السلام): «فلیس ینبغی أن تنقض الیقین بالشکّ» فی الصحیحة الثانیة لزرارة وقوله(علیه السلام): «فإنّ الشکّ لا ینقض الیقین» فی روایة محمّد بن مسلم آب عن التخصیص لا سیّما بعد کون التعلیل بأمر إرتکازی عقلی.

إلى هنا تمّ الکلام عن التنبیه الثامن عشر.


1. إنّه لم یعبّر بالورود فی کلامه، ولکنّه حیث قال: «فالنسبة بینها وبینه هى بعینها النسبة بین الأمارة وبینه» وکان مبناه هناک الورود فلیکن هنا أیضاً کذلک.
2. أجود التقریرات: ج2، ص494، طبعة مؤسسة مطبوعات دینی.
3. فی مصباح الاُصول.

 

التنبیه السابع عشر: تقدّم الأمارات على الاستصحابالتنبیه التاسع عشر: تعارض الاستصحابین
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma