التنبیه السادس: الاستصحاب التعلیقی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
التنبیه الخامس: استصحاب الاُمور التدریجیّةالتنبیه السابع: استصحاب أحکام الشرائع السابقة

هل هو حجّة (بناءً على جریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیّة) کالاستصحاب التنجیزی أو لا؟.

وتوضیح ذلک: أنّ الأحکام الشرعیّة قد تصدر من جانب الشارع على نهج القضایا التنجیزیة کأکثرها، وقد تصدر على نهج القضایا التعلیقیة، کحکمه فی العصیر العنبی بأنّه إذا غلى ینجّس (أو یحرم)، ثمّ وقع الکلام فی الفقه فی أنّه إذا تبدّل العنب بالزبیب فما هو حکم العصیر الزبیبی إذا غلى؟ وممّا استدلّ به على الحرمة أو النجاسة هنا هو الاستصحاب التعلیقی، ولعلّ أوّل من استدلّ به هو العلاّمة السیّد الطباطبائی بحر العلوم(رحمه الله)، وقد ناقش فیه السیّد محمّد المجاهد بعده وذهب إلى عدم حجّیة الاستصحاب التعلیقی، وصرّح بأنّ والده (وهو صاحب الریاض) أیضاً کان یقول بعدم حجّیته، ولکن ذهب إلى مذهب السیّد بحر العلوم الشیخ الأعظم الأنصاری والمحقّق الخراسانی(قدس سرهما)، وتبعهما جماعة ممّن بعدهما، کما خالفهما جماعة اُخرى.

أقول: لا بأس أن نتکلّم أوّلا فی خصوص المثال الذی ذکروه للمسألة، ونشیر إلى حکمه الفقهی، ثمّ ندخل فی البحث عن حجّیة الاستصحاب التعلیقی وعدمها على نحو کلّی.

فنقول: أنّ الغلیان على قسمین: غلیان بنفسه وغلیان بالنار وشبهها، أمّا الغلیان بنفسه فهو نشیش اسکاری یحصل بنفسه أو فی مقابل الشمس ویکون من مقدّمات انقلاب العصیر مسکراً، وقد ذکر أهله أنّ المواد الحلوة الموجودة فی العصیر العنبی أو الزبیبی أو التمری وغیره تنجذب بالمواد المخمّریة وهى خلیّات حیّة، ثمّ یحصل منه المواد الکحولیة وغاز الکربن، وهذا الغاز هو الذی یوجب النشیش، وهو المسمّى بغلیان الخمر (جوشش می)، وأمّا الغلیان بالنار فهو نشیش فیزیکی یحصل للعصیر بحرارة النار.

والفرق بین هذین النوعین من الغلیان والنشیش ماهوی، والذی یوجب الاسکار وتجری علیه جمیع أحکام الخمر ولا یطهّره ذهاب الثلثان هو النوع الأوّل من الغلیان، أی الغلیان بنفسه، وأمّا النوع الثانی فهو یوجب الحرمة فقط ولا دلیل على نجاسته، ویطهر العصیر فیه بذهاب الثلثان وقد ذکرنا فی التعلیقة(1) على العروة أنّ الحکمة من تحریمه لعلّها هى أنّ العصیر المتّخذ للشرب مدّة مدیدة إذا لم یذهب ثلثاه ینقلب خمراً تدریجاً فحرّمه الشرع مطلقاً حمایة للحمى، وأمّا إذا ذهب ثلثاه فلا ینقلب مسکراً لأنّ من شرائط التخمیر وجود کمیّة وافرة من الماء.

ولعلّ أوّل من التفت إلى الفرق المذکور هو المحقّق شیخ الشریعة الأصفهانی(رحمه الله) فی رسالته القیّمة فی العصیر العنبی.

فقد ظهر ممّا ذکر أنّه لا ربط بین الغلیان بالنار والغلیان بنفسه، وأنّه لا دلیل على نجاسة العصیر إذا غلى بالنار، بل الدلیل قام على حرمته فقط. هذا أوّلا.

وینبغی أن نشیر ثانیاً: إلى أنّ الثابت من هذه الحرمة إنّما هو فی العصیر العنبی، وأمّا الزبیبی والتمری ونحوها فالاجتناب عنهما هو الأحوط، وثالثاً أنّ هذا الحکم یجری فیما صدق علیه العصر عرفاً وأمّا ما یلقى من العنب أو الزبیب أو التمر فی الغذاء فیغلى فلا دلیل على حرمته فتوىً أو احتیاطاً لعدم صدق عنوان العصیر علیه.

إذا عرفت هذا فلنرجع فی أصل البحث فنقول:

استدلّ القائلون بحجّیة الاستصحاب التعلیقی بأنّ أرکانه تامّة، من الیقین السابق والشکّ اللاحق وبقاء الموضوع عرفاً، فإنّ الزبیبیة من الحالات عرفاً لا من المقوّمات.

وإستشکل علیه القائلون بعدم الحجّة أوّلا: بأنّ عنوان الزبیب غیر عنوان العنب عرفاً فقد تبدّل الموضوع وتغیّر.

والجواب عنه واضح: لأنّ هذا مناقشة فی المثال، مضافاً إلى أنّ الصحیح کون الزبیبیّة والعنبیة من الحالات، کما یحکم به الوجدان العرفی فی نظائره من سائر الفواکه إذا جفّت، بل فی سائر الأغذیة بعد الجفاف، کالخبز إذا جفّ، فهو نفس الخبز قبل الجفاف فإنّ الجفاف وعدمه لیس من مقوّمات الشیء، نعم أنّه کذلک فی مثل تبدّل الکلب إلى الملح وفی إنقلاب الخمر خلا أو الماء بخاراً.

وثانیاً: بأنّ هذا الاستصحاب معارض مع استصحاب آخر تنجیزی، وهو استصحاب الطهارة أو الحلّیة الثابتة قبل الغلیان.

والجواب عنه: أنّه محکوم للاستصحاب التعلیقی لأنّ الشکّ فی الطهارة أو الحلّیة التنجیزیة مسبّب عن الشکّ فی بقاء الحرمة أو النجاسة المعلّقة على الغلیان.

وإن شئت قلت: أنّ الحلّیة أو الطهارة کانت مغیّاة بعدم الغلیان فی حال کونه عنباً فنستصحبها فی حال کونه زبیباً، ومن المعلوم أنّ هذه الطهارة المغیّاة لا تنافی الحرمة المعلّقة على الغلیان.

وثالثاً: (وهو العمدة) بأنّه یشترط فی حجّیة الاستصحاب ثبوت المستصحب خارجاً فی زمان من الأزمنة قطعاً ثمّ یحصل الشکّ فی ارتفاعه بسبب من الأسباب، ولا یکفی مجرّد قابلیة المستصحب للثبوت باعتبار من الاعتبارات، أی بتقدیر من التقادیر، فإنّ التقدیر أمر ذهنی خیالی لا وجود له فی الخارج.

واُجیب عنه بوجوه:

1 ـ ما أجاب به الشیخ الأعظم الأنصاری(رحمه الله)، وهو أنّ الملازمة (وبعبارة اُخرى سببیة الغلیان لتحریم ماء العصیر) متحقّقة بالفعل من دون تعلیق، وبهذا یرجع جمیع الاستصحابات التعلیقیّة إلى التنجیزیّة.

وأورد علیه: بأنّه مخالف لما اختاره فی ماهیة الحکم الوضعی من عدم کونه مجعولا من جانب الشارع بل أنّه مجرّد انتزاع ذهنی من الحکم التکلیفی، ولیس من الأحکام الوضعیّة السببیّة، فهى لا تکون مجعولة بید الشارع حتّى یمکن له الحکم باستصحابها.

2 ـ ما أجاب به الشیخ الأعظم الأنصاری(رحمه الله) أیضاً، وتبعه فیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله)، وهو أنّه لا مانع من استصحاب الحرمة على تقدیر الغلیان، لأنّ الحکم التقدیری أیضاً له حظّ من الوجود، فیکون له نحو وجود متحقّق فی نفسه فی قبال العدم المحض.

وأجاب عنه المحقّق النائینی(رحمه الله): بأنّ ثبوت الحرمة على تقدیر الغلیان للعنب لیس ثبوتاً شرعیاً وحکماً على موضوعه، بل هو من جهة حکم العقل بأنّه متى وجد جزء الموضوع المرکّب فلا محالة تکون فعلیة الحکم متوقّفة على ثبوت الجزء الآخر.

توضیح ذلک: قد ذکرنا فی بحث الواجب المشروط أنّ کلّ شرط یکون لا محالة مأخوذاً فی موضوع الحکم کما أنّ کلّ موضوع یکون شرطاً فی الحقیقة، فقولنا «یحرم العنب إذا غلى» عبارة اُخرى عن قولنا: «العنب المغلّى حرام» وبالعکس، ولهذا الحکم ثبوتان حقیقیّان تشریعاً: أحدهما: ثبوته فی مرحلة الجعل والإنشاء مع قطع النظر عن وجود عنب فی الخارج أصلا، والرافع للحکم فی هذه المرحلة هو النسخ لیس إلاّ، ثانیهما: ثبوته الخارجی بفعلیة تمام موضوعه، أعنی به وجود العنب وغلیانه، إذ مع إنتفاء أحد قیود الموضوع یستحیل فعلیة الحکم، وإلاّ لزم الخلف وعدم دخل ذلک القید فی موضوعه، والمفروض فی المقام عدم الشکّ فی بقائه فی مرحلة الإنشاء، وعدم فعلیة موضوعه فی الخارج، فأین الحکم الشرعی المتیقّن حتّى یستصحب وجوده؟ نعم حیث إنّ الحکم الشرعی مترتّب على الموضوع المرکّب فالعقل یحکم عند وجود جزء منه بکون الحکم متوقّفاً على ثبوت الجزء الآخر، وهذا الثبوت عقلی محض وغیر قابل للاستصحاب أصلا»(2).

أقول: یرد علیه: أنّ إرجاع شرائط الوجوب إلى قیود الموضوع مخالف للمتبادر من القضیّة الشرطیّة وظاهرها، فإنّ ظاهرها (کما هو واضح لمن راجع وجدانه) کون الشرط قیداً للوجوب لا للواجب ولا للموضوع، وإمکان إرجاع أحدهما إلى الآخر بتمحّل عقلی لا یفید شیئاً فی المقام بعد ظهور القضیة فی کون الشرط راجعاً إلى الوجوب، فهذا الوجه أیضاً لا یمکن المساعدة علیه، فإنّه کما لا یمکن المساعدة على مقالة الشیخ(رحمه الله) من إرجاع القیود إلى الواجب، کذلک لا یمکن المساعدة على ما ذکره المحقّق النائینی(رحمه الله) من إرجاع القیود إلى الموضوع (کالعصیر المغلی وکالمستطیع فی مسألة الحجّ).

فالصحیح فی حلّ الإشکال تحلیل ماهیة الواجب المشروط، فنقول: قد مرّ فی محلّه أنّ فیه مذهبین: مذهب الشیخ الأعظم الأنصاری(رحمه الله) من أنّ القیود الموجودة فی الواجب المشروط ترجع إلى الواجب لا الوجوب، أی أنّها ترجع إلى مفاد المادّة لا الهیئة، ولذلک ترجع عنده جمیع الواجبات المشروطة إلى الواجبات المعلّقة فی الواقع واللبّ، ومذهب المشهور وهو أنّ القیود قیود للوجوب (لا الواجب) کما هو ظاهر القضیّة الشرطیّة، ولکن المعضلة الکبرى فی هذا القول الذی یجب حلّها هو أنّ إنشاء الوجوب نوع من الإیجاد، وهو شیء أمره دائر بین النفی والإثبات، فکیف یتصوّر فیه التعلیق؟ ولذا ذهبوا إلى بطلان التعلیق فی العقود.

وقد مرّ منّا فی محلّه من الواجب المشروط طریق لحلّ هذا الإشکال ممّا ینحلّ به إشکال التعلیق فی الإنشاء وإشکال الاستصحاب التعلیقی فی المقام أیضاً، وحاصله: أنّ الأحکام على قسمین: قسم منها تنجیزی کقولک لزید: «إذهب إلى السوق»، وقسم منها تعلیقی، وهو ما یصدر بعد فرض شیء کقولک: «إن جاءک زید فأکرمه»، فالقضیّة الشرطیّة عبارة عن إنشاء حکم بعد فرض خاصّ، وهو مفاد إنّ الشرطیّة أو کلمة «اگر» فی اللغة الفارسیة عند مراجعة الوجدان، فقولک: «إن جاءک زید فأکرمه» عبارة اُخرى عن قولک: «یجب علیک إکرام زید على فرض مجیئه» فالقید وهو مجیء زید راجع إلى مفاد الهیئة وهو وجوب الإکرام، لا مفاد المادّة وهو نفس الإکرام.

وإن شئت قلت: المتکلّم قد یرى أنّ زیداً قد قدم فیقول: «قم یاغلام وأکرمه» واُخرى یعلم أنّ زیداً لم یجیء بعد، ولکن یتصوّر ویفرض قدومه فیُظهر شوقه إلى إکرامه حینئذ، فینشىء وجوب الإکرام فی هذا الفرض الذی هو مفاد «ان» و «اگر»، فیقول: «إن جاءک زید فأکرمه»، فلیس هناک تعلیق فی إنشائه، کما أنّه لیس هناک إنشاء فعلی، بل هو إنشاء بعد فرض، فلذا لا أثر له إلاّ بعد تحقّق ذاک الفرض، فإنّ هذا هو المعنى المعقول فی القضیّة الشرطیّة.

ولذلک قلنا فی محلّه أنّ التعلیق فی العقود لیس بمحال عقلا بل هو من قبیل القضیّة الشرطیّة فیمکن أن یقال: «بعتک إن جاءک زید» فیکون هو تملیکاً على فرض، نعم المانع من صحّته الإجماع أو عدم کون مثل هذا العقد عقلائیاً، وبهذا یظهر أنّ للحکم التعلیقی (أی الحکم على فرض) أیضاً حظّ من الوجود فیمکن أن یستصحب.

بقی هنا أمران:

الأوّل: أنّ النزاع فی الاستصحاب التعلیقی یتوقّف أوّلا على جریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیّة کما مرّ، وثانیاً على کون التعلیق فی لسان الشرع، لا بنظر لاعقل، لأنّه إذا کان التعلیق شرعیاً کان هناک حکم صادر من ناحیة الشرع، غایة الأمر أنّه حکم على فرض، فصدر على أی حال إنشاء وحکم من ناحیة الشارع، فله حظّ من الوجود، وأمّا إذا کان التعلیق عقلیاً (بإرجاع قیود الموضوع إلى شرط الحکم) فلیس لنا حکم صادر من جانب الشارع حتّى یستصحب، فإنّ التعلیق العقلی إنّما هو فی الواقع إنتزاع من ناحیة العقل وإخبار عن تحقّق حکم عند تحقّق موضوعه.

الثانی: بناءً على جریان الاستصحاب التعلیقی فی الأحکام فهل یجری هو فی الموضوعات أیضاً، أو لا؟ قد یستفاد من بعض التعبیرات جریانه فی الموضوعات أیضاً، فاستدلّ به فی مسألة اللباس المشکوک لصحّة الصّلاة بأنّ المصلّی قبل لبسه اللباس المشکوک لو کان یصلّی کانت صلاته صحیحة، وبعد لبسه إیّاه یستصحب ویقال: لو صلّى فی هذا الحال فصلاته صحیحة أیضاً.

ولکن یرد علیه: أوّلا:عدم بقاء الموضوع بعد لبسه إیّاه، کما هو واضح.

وثانیاً: أنّ التعلیق فیه لیس فی لسان الشرع بل إنّه إنّما هو بتحلیل عقلی، ولیس له حظّ من الوجود.


1. راجع التعلیقة على العروة: ج1، ص28.
2. أجود التقریرات: ص412، طبع مطبوعات دینی.

 

التنبیه الخامس: استصحاب الاُمور التدریجیّةالتنبیه السابع: استصحاب أحکام الشرائع السابقة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma