المقام الثالث: فیما استثنى من الأصل المثبت

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
المقام الثانی: لماذا لیس الأصل المثبت بحجّةالمقام الرابع: الفرق بین مثبتات الاُصول والأمارات

وقد استثنى من عدم حجّیة الأصل المثبت وانصراف الأدلّة عنه موارد خاصّة معدودة:

أحدها: ما إذا کانت الواسطة خفیّة، کما إذا استصحب رطوبة النجس من المتلاقیین مع جفاف الآخر فیحکم بنجاسة الملاقی الجافّ، مع أنّ تنجّسه لیس من أحکام ملاقاته للنجس رطباً، بل من أحکام سرایة رطوبة النجاسة إلیه وتأثّره بها، والسرایة من الآثار العقلیّة للملاقاة بالنجس رطباً، ولکنّها لا اعتبار بها لخفائها.

وأظهر منه ما مرّ سابقاً ممّا ورد فی نفس أدلّة الاستصحاب من استصحاب الطهارة للصلاة، مع أنّ صحّة الصّلاة أثر لتقیّدها بالوضوء لا نفس الوضوء، والتقیّد بالوضوء من الآثار العقلیّة لبقاء الوضوء، وهکذا فی سائر الشرائط، لأنّ الجزء فیها إنّما هو التقیّد، وأمّا القید فهو خارج، ولکن الإمام (علیه السلام) حکم بحجّیة الاستصحاب، ولیس ذلک إلاّ لمکان خفاء الواسطة.

ونظیره أیضاً استصحاب بقاء شهر رمضان وترتیب أثر صحّة الصیام علیه، مع أنّ الصحّة من آثار وقوع الصیام فی شهر رمضان، ولکنّه لا بأس به أیضاً لخفاء الواسطة.

ثانیها: ما إذا کانت الواسطة جلیّة جدّاً بحیث یرى العرف ملازمة بین تنزیل المستصحب وتنزیلها، فإذا نزّل المستصحب منزلة المتیّقّن السابق نزّلت الواسطة تبعاً کذلک، فیجب ترتیب أثرها الشرعی قهراً.

وإن شئت قلت: إنّ شدّة وضوح الواسطة وجلائها توجب عدّ أثر الواسطة أثراً لذی الواسطة، نظیر أصالة عدم دخول هلال شوّال أو بقاء شهر رمضان فی یوم الشکّ المثبت لکون الغد یوم العید فیترتّب علیه أحکام العید من الصّلاة والغسل وزکاة الفطرة وغیرها، فإنّ إتّصاف الغد بصفة العید بعد استصحاب بقاء رمضان فی یوم الشکّ من اللوازم العقلیّة قطعاً، لکنّ العرف لا یفهمون من وجوب ترتیب آثار عدم انقضاء رمضان وعدم دخول شوّال إلاّ ترتیب أحکام آخریة ذلک الیوم لشهر، وأوّلیة غده لشهر آخر، لأجل وضوح لزوم أحدهما للآخر وعدم انفکاکهما فی جعل الأحکام.

ثالثها: ما إذا کانت الواسطة والمستصحب من قبیل المتضایفین کاستصحاب بقاء زید زوجاً، الذی یلازم بقاء هند مثلا على زوجیتها، ولا یفهم العرف من جعل أحدهما إلاّ جعل الآخر، ولا یصحّ عندهم ترتیب آثار الزوجیّة على خصوص الزوج دون زوجته بل یرون هذا من قبیل التناقض فی الجعل (وإن لم یکن کذلک حقیقةً).

هذا ـ ویمکن جعل هذا المورد من مصادیق جلاء الواسطة الذی مرّ بیانه آنفاً، والأمر فی عدّهما أمرین مختلفین أو مصداقین لأمر واحد سهل.

هذا کلّه ما استثنى من الأصل المثبت.

ولکن قد اُورد علیها من جانب الأعلام إشکالات:

الأوّل: ما أورده المحقّق النائینی على الشیخ الأعظم(رحمهما الله) فی القسم الأوّل وهو ما إذا کانت الواسطة خفیة، وتبعه بعض أعاظم تلامذته، وهو: «أنّه لا مسوّغ للأخذ بهذه المسامحة، فإنّ الرجوع إلى العرف إنّما هو لتعیین مفهوم اللفظ عند الشکّ فیه أو فی ضیقه وسعته مع العلم بأصله فی الجملة، لأنّ موضوع الحجّیة هو الظهور العرفی، فالمرجع الوحید فی تعیین الظاهر هو العرف، سواء کان الظهور من جهة الوضع أو من جهة القرینة المقالیّة والحالیّة، ولا یجوز الرجوع إلى العرف والأخذ بمسامحاتهم بعد تعیین المفهوم وتشخیص الظهور اللفظی کما هو المسلّم فی مسألة الکرّ ... وکذا فی مسألة الزکاة»(1).

أقول: یرد علیه:

أوّلا: أنّ المسامحات العرفیّة على قسمین: قسم منها ما یکون العرف فیه ملتفتاً إلى تسامحه کما فی باب الکرّ والنصاب، فإنّه یعلم أنّ 999 مثقالا من الذهب أو الماء لیس الف مثقال، ولکن یسامح فی اطلاق الألف علیه، ففی هذا القسم، الصحیح کما قال، أی عدم حجّیة التسامح العرفی، وقسم منها ما لا یکون کذلک،أی یکون العرف غافلا عنه ولا یلتفت إلیه ولو عند الدقّة، کما فی مثل الدم فهو یحکم بأنّ لونه لیس دماً، مع أنّه یمکن أن یقال: بأنّ انتقال العرض من شیء إلى شیء آخر بدون انتقال معروضه محال عقلا، فبقاء اللون دلیل على بقاء الأجزاء الصغار من الدم، وکذا فی ما إذا لاقت یده المیتة وأصاب بها رائحتها، فهو یحکم بعد الاغتسال بعدم وجود أجزاء المیتة فی الید، ففی مثل هذه الموارد لا إشکال فی الحجّیة، وإلاّ کان على الشارع اخراج العرف عن الغفلة، ولا إشکال فی أنّ خفاء الواسطة قد یکون من هذا القسم.

ثانیاً: أنّ موارد خفاء الواسطة داخلة فی القسم الأوّل من کلامه، أی ما إذا کان الشکّ فی تعیین المفهوم أو سعته وضیقه، فیکون المرجع فیها العرف، وبعبارة اُخرى: کان الوجه فی عدم حجّیة المثبتات انصراف دلیل «لا تنقض» عنها، وهو لیس جاریاً فی المقام، أی لا یکون ذلک الاطلاق منصرفاً عن موارد خفاء الواسطة عند العرف.

وإن شئت قلت: یستفاد من تعمیم الشارع حجّیة الاستصحاب لموارد خفاء الواسطة فی مورد حدیث زرارة وروایة علی بن محمّد القاسانی أنّ أثر الأثر أثر عنده فی هذه الموارد.

الثانی: ما أورده المحقّق الأصفهانی(رحمه الله) على صاحب الکفایة فی المورد الثانی والثالث (مورد جلاء الواسطة والمتلازمین) وحاصله: «أنّه لا حاجة إلى إثبات بقاء أحد المتضایفین باستصحاب الآخر، بل یجری الاستصحاب فی کلّ واحد منهما.

هذا فی المتلازمین، وهکذا فی جلاء الواسطة (الذی مثّل له بباب العلّة والمعلول کاستصحاب حرکة الید وإثبات آثار حرکة المفتاح) فیمکن إجراء استصحاب حرکة المفتاح فی عرض استصحاب حرکة الید، للعلم بوجود کلّ واحد منهما»(2).

ویرد علیه أیضاً: أنّ کلامه فی مورد جلاء الواسطة صادق فی مثل ما ذکره من مثال حرکة الید والمفتاح وما أشبهه من موارد العلّة والمعلول، لا فی مثل ما ذکرناه من مثال استصحاب بقاء رمضان فی یوم الشکّ، لعدم جریان الاستصحاب بالنسبة إلى کون الغد عیداً، فلا یمکن إثباته إلاّ من طریق استصحاب بقاء عدم دخول هلال شوّال فی یوم الشکّ.

الثالث: وجود الأصل المعارض فی موارد خفاء الواسطة دائماً، لأنّ استصحاب بقاء الرطوبة فی الذباب لإثبات نجاسة الثوب مثلا معارض مع استصحاب بقاء الطهارة فی الثوب.

وفیه: أیضاً أنّ الاستصحاب الثانی محکوم للأوّل، لأنّه من قبیل الأصل المسبّبی فی مقابل الأصل السببی، حیث إنّه بعد جریان استصحاب بقاء الرطوبة لا یبقى شکّ فی نجاسة الثواب تعبّداً حتّى تصل النوبة إلى استصحاب طهارته.

فظهر أنّ الوارد من هذه الإشکالات إنّما هو إشکال المحقّق الأصفهانی(رحمه الله)فی خصوص المتضایفین وأشباهه.

هذا کلّه فی المقام الثالث.


1. راجع مصباح الاُصول: ج3، ص159، طبع مطبعة النجف.
2. راجع نهایة الدرایة: ج5 ـ 6، ص190، طبع مؤسسة آل البیت.

 

المقام الثانی: لماذا لیس الأصل المثبت بحجّةالمقام الرابع: الفرق بین مثبتات الاُصول والأمارات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma