تعارض الأدلّة من أهمّ المسائل الاُصولیّة، أمّا کونه مسألة اُصولیّة فلأنّ موضوع علم الاُصول إمّا أن یکون هو الأدلّة بذواتها فلا إشکال فی أنّ التعادل أو التراجیح وصفان عارضان على ذوات الأدلّة لأنّ المراد من التعادل هو تعادل الدلیلین وتساویهما، والمراد من الترجیح هو الترجیح بین الدلیلین، وإمّا أن یکون الموضوع مطلق الحجّة فی الفقه کما ذهب إلیه بعض الأساتذة الأعلام، فکذلک لا إشکال فی أنّ البحث عن تعادل الدلیلین أو الترجیح بینهما بحث عن عوارض الحجّة، وهکذا لو قلنا أنّ الموضوع هو الأدلّة بوصف حجّیتها، فإنّ البحث عن التعادل والترجیح إنّما هو بعد ثبوت الحجّیة لکلّ من الدلیلین فی نفسه ومع قطع النظر عن التعارض، وإلاّ فلو لم یکن الدلیل حجّة فی ذاته لا تصل النوبة إلى مسألة التعارض، وعلى هذا یکون ما نحن فیه من المسائل الاُصولیّة حتّى عند من یرى البحث عن حجّیة خبر الواحد من المبادىء.
وأمّا کونه من أهمّ المسائل الاُصولیّة فلجریانه وسریانه فی جلّ الأبواب الفقهیّة، ولذلک اعترض بعض الأعلام فی مصباح الاُصول على جعله خاتمة لعلم الاُصول بزعم أنّه مشعر بکونه خارجاً عنه کمبحث الاجتهاد والتقلید، ولکن الصحیح أنّه لا إشعار له بهذه الجهة، لأنّ المراد من عنوان الخاتمة أنّه یختم مسائل الاُصول ویکون أخرها، کما أنّه کذلک فی سائر موارد استعماله کخاتم الأنبیاء وخاتم المجتهدین والفقهاء.
وکیف کان لابدّ فی المقدّمة من رسم اُمور: