الضوابط الکلّیة للجمع الدلالی العرفی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
الأمر الخامس: موارد الجمع العرفی لیست من التعارضالأمر السادس: الفرق بین التعارض والتزاحم

لا إشکال فی أنّ الاُصول لا تبحث عن القرائن الخاصّة الجزئیّة للجمع الدلالی بین المتعارضین التی لا تدخل تحت ضابطة کلّیة، بل إنّما تبحث عن القرائن الکلّیة التی تشکّل قاعدة عامّة وقانوناً کلّیاً للجمع الدلالی، وهذه الضوابط والقرائن کثیرة نذکر منها أهمّها وهى:

1 ـ إذا تعارض عام ومطلق، أی دار الأمر بین تخصیص عام وتقیید مطلق کما إذا قال المولى: أکرم عالماً ثمّ قال: لا تکرم الفسّاق، ووقع التعارض فی العالم الفاسق (فالعالم مطلق یشمل العادل والفاسق منه، والفسّاق جمع محلّى باللام یدلّ على عموم الحکم لجمیع أفراد الفاسق، فالنسبة بینهما عموم من وجه فیتعارضان فی مادّة الإجتماع وهى العالم الفاسق)، ومثاله الشرعی تعارض قوله تعالى: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)روایة «نهی النبی عن الغرر» (لو فرضنا کون الروایة بهذا النحو، حیث إنّ المعروف بل المأثور «نهی النبی عن بیع الغرر»(1)) فإنّهما یتعارضان فی العقود الغرریة کما لا یخفى، فقد یقال بترجیح ظهور العموم على الاطلاق أی تقدیم التقیید على التخصیص، واستدلّ له بوجهین:

الأوّل: أنّ ظهور الاطلاق تعلیقی أی معلّق على عدم بیان التقیید بحیث کان عدم البیان جزءاً من مقتضى الاطلاق، بخلاف ظهور العام فإنّه تنجیزی مستند إلى الوضع، فیکون ظهور العام بیاناً للتقیید ولیس للمطلق ظهور فی ذاته.

الثانی: أنّ التقیید أغلب من التخصیص.

أقول: أمّا الوجه الثانی فواضح الفساد فإنّ التخصیص أیضاً کثیر، وکثرته بمثابة حتّى قیل: «ما من عام إلاّ وقد خصّ».

وأمّا الوجه الأوّل فأورد علیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله) بأنّه مبنى على کون الاطلاق معلّقاً

على عدم البیان إلى الأبد، بینما هو معلّق على عدم البیان فی مقام التخاطب کما تقدّم تحقیقه فی مبحث المطلق والمقیّد، فإذا لم یأت من جانب المتکلّم بیان فی مقام التخاطب کما هو المفروض إنعقد ظهور الاطلاق وتنجّز.

وذهب المحقّق النائینی(رحمه الله) فی فوائد الاُصول(2) إلى اشتراط عدم البیان إلى الأبد فی انعقاد ظهور الاطلاق ثمّ نقل من المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فی بعض فوائده الاُصولیّة أنّه قال: «إنّ اللازم علینا جمع کلمات الأئمّة(علیهم السلام) المتفرّقة فی الزمان، ونفرض أنّها وردت فی زمان ومجلس واحد، ویؤخذ ما هو المتحصّل منها على فرض الاجتماع» وقال: إنّ هذا الکلام منه ینافی ما ذهب إلیه من أنّ العبرة على عدم البیان فی مقام التخاطب لا مطلقاً.

وعلّق علیه المحقّق العراقی(رحمه الله) بأنّ الحقّ مع اُستاذنا المحقّق الخراسانی(رحمه الله)، وأنّ ما أفاده فی بعض فوائده لا ربط له بما نحن فیه، بل مراده منه أنّ کلمات المعصومین یفسّر بعضه بعضاً، فلو جمعا فی کلام واحد لکان أحدهما قرینة على التصرّف فی الآخر، وهذا لا ینافی ما أفاده من أنّ قوام ظهور المطلق بعدم إقامة القرینة على مرامه متّصلا بکلامه.

أقول: أنّ العلمین وإن لم یذکرا هنا دلیلا على مدّعاهما، ولکن الإنصاف أنّ أقوى الدلیل على عدم صحّة مقالة المحقّق الخراسانی(رحمه الله) (وهى أنّ الاطلاق معلّق على عدم البیان إلى الأبد) هو أنّ لازم ما ذهب إلیه عدم انعقاد الظهور لمطلق من المطلقات إلى آخر أزمنة الأئمّة المعصومین صلوات الله علیهم أجمعین، وهو کما ترى، فإنّه لا ریب فی صدور مطلقات کثیرة من جانب الرسول (صلى الله علیه وآله) والأئمّة الهادین(علیهم السلام) عمل بظهورها أصحابهم.

وعلى هذا فلا إشکال فی أنّ ظهور الاطلاق أیضاً منجّز، ولکن ظهور العام أقوى منه فی الجملة، فإذا إنضمّت إلیه بعض القرائن الاُخر قدّم علیه، فلابدّ حینئذ من ملاحظة المقامات المختلفة والخصوصیات والقرائن الموجودة فی کلّ مقام، فإن أحرزنا من مجموع ذلک کون ظهور العموم أقوى من ظهور الاطلاق قدّمناه علیه، وإلاّ یقع التعارض بینهما وتصل النوبة إلى المرجّحات الاُخر.

2 ـ إذا تعارض الاطلاق الشمولی (الذی هو بمنزلة العطف بالواو) مع الاطلاق البدلی (الذی هو بمنزلة العطف بـ «أو») کقوله «أکرم عالماً» و «لا تکرم الفاسق» (فإنّ النسبة بینهما عموم من وجه ومحلّ التلاقی هو العالم الفاسق) فقد یقال أنّ اطلاق الشمولی یقدّم على الاطلاق البدلی.

واستدلّ له المحقّق النائینی(رحمه الله) بأنّ «مقدّمات الحکمة فی الاطلاق الشمولی تمنع عن جریان مقدّمات الحکمة فی الاطلاق البدلی، لأنّ من مقدّمات الحکمة فی الاطلاق البدلی کون الافراد متساویة الأقدام، ومقدّمات الحکمة فی الاطلاق الشمولی یمنع عن ذلک، ولا یمکن العکس»(3).

ویمکن أن یستدلّ له أیضاً بأنّ تقدیم الاطلاق الشمولی یجتمع مع امتثال الاطلاق البدلی وعدم طرده، بخلاف العکس، فإنّه یوجب نفی بعض مصادیق المطلق الشمولی وترک العمل به.

3 ـ إذا دار الأمر بین النسخ والتخصیص، کما إذا قال المولى «لا تکرم زیداً» وفرضنا مجیء وقت العمل به، ثمّ قال: «أکرم العلماء» فورد العام بعد حضور وقت العمل بالخاصّ، فیدور الأمر بین أن یکون الخاصّ مخصّصاً أو یکون العام ناسخاً، وهکذا إذا ورد الخاصّ بعد حضور وقت العمل بالعام، فیدور الأمر بین أن یکون الخاصّ ناسخاً للعام أو مخصّصاً له.

ومثاله الشرعی ما إذا فرضنا صدور النهی عن بیع الغرر فی إبتداء الهجرة ونزول (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) بعد سنین، أو العکس، ففی الصورة الاُولى إن قلنا بالتخصیص کانت النتیجة عدم وجوب الوفاء بالبیع الغرری، وإن قلنا بأنّ العام یکون ناسخاً للخاصّ کانت النتیجة وجوب الوفاء حتّى فی البیع الغرری، وفی الصورة الثانیة (وهى ما إذا کان نزول (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) قبل صدور النهی عن بیع الغرر) إن قلنا بالتخصیص لم یجب الوفاء بالبیع الغرری من الأوّل، وإن قلنا بالنسخ (أی نسخ الخاصّ للعامّ) لم یجب الوفاء به من حین ورود الخاصّ لا من الأوّل.

وکیف کان، فقد ذهب المشهور إلى تقدیم التخصیص على النسخ مطلقاً، ولکن ذهب بعض إلى تقدیم النسخ مطلقاً، ومال إلیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله)(خلافاً لما ذهب إلیه فی مبحث العام والخاصّ).

واستدلّ المشهور على مقالتهم بأنّ النسخ قلیل والتخصیص کثیر بمثابة حتّى یقال: «ما من عام إلاّ وقد خصّ» فیوجب شیوع التخصیص وندرة النسخ أن یکون ظهور الخاصّ فی الدوام أقوى من ظهور العام فی العموم.

واستدلّ المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فی مقابل المشهور بأنّ هذا البحث من صغریات البحث السابق، أی دوران الأمر بین التقیید والتخصیص، فإنّ النسخ هنا یرجع إلى تقیید الاطلاق الزمانی للخاصّ، والتقیید مقدّم على التخصیص، لأنّ تقدیم التخصیص أی تقدیم الخاصّ متوقّف على ظهوره فی الدوام والاستمرار الزمانی، وهو یستفاد من الاطلاق ومقدّمات الحکمة، فیکون معلّقاً على عدم البیان، والعموم الإفرادی للعام تنجیزی مستند إلى الوضع فیکون بیاناً له.

وأجاب عن الوجه المعروف فی ترجیح التخصیص على النسخ من غلبة الأوّل وندرة الثانی، بأنّ هذا ممّا لا یوجب إقوائیّة ظهور الکلام فی الاستمرار الأزمانی من ظهور العام فی العموم الإفرادی، إذ لیست غلبة التخصیص مرتکزة فی أذهان أهل المحاورة بمثابة تعدّ من القرائن المکتنفة بالکلام وتوجب اقوائیّة الظهور.

أقول: التحقیق فی المسألة یستدعی تحلیل ماهیة النسخ أوّلا، فنقول: الصحیح أنّ النسخ ابطال للإنشاء کالفسخ.

توضیح ذلک: أنّ للحکم مرحلتین: مرحلة الإنشاء ومرحلة الفعلیّة، وبعبارة اُخرى: مرحلة الإرادة الاستعمالیّة ومرحلة الإرادة الجدّیة، والتقیید بالمنفصل إنّما هو تصرّف فی الإرادة الجدّیة وهکذا التخصیص، وأمّا الإرادة الإستعمالیّة فهى باقیة بقوّتها بخلاف النسخ، فإنّه إبطال للإنشاء من حین وروده نظیر الفسخ فإنّ الفاسخ فی خیار الفسخ یبطل إنشاء البیع حین الفسخ، وهذا ممّا ندرکه بوجداننا العرفی وإرتکازنا العقلائی فی القوانین الجدیدة العقلائیّة، فکما أنّ فیها تخصیصات وتقییدات یدرجونها تحت عنوان التبصرة، وهى تمسّ بإرادتهم الجدّیة فی القوانین السابقة، کذلک لهم نواسخ تتعلّق بإرادتهم الإستعمالیة بالنسبة إلى القوانین الماضیة، وبالجملة أنّ النسخ هو الفسخ یتعلّق بالإنشاء (إلاّ أنّ النسخ فی القانون والفسخ فی المعاملات والعقود) فلا یکون من قبیل التقیید الذی یتعلّق بالإرادة الجدّیة.

هذا مضافاً إلى أنّ الإنشاء فی القوانین کالإیجاد، ویکون بذاته باقیاً فی عالم الاعتبار إلى الأبد، فدوامه واستمراره لازم لذاته وماهیّته، لا أنّه یستفاد من الاطلاق اللفظی لأدلّته حتّى نتکلّم عن تقییده وعدمه، وأمّا ما ورد فی الحدیث الشریف «حلال محمّد (صلى الله علیه وآله) حلال إلى یوم القیامة وحرامه ...» فهو ناظر إلى خاتمیة الشریعة المقدّسة لا إلى الاطلاق اللفظی لأدلّة قوانینها.

فقد ظهر إلى هنا عدم تمامیة ما استدلّ به على تقدیم النسخ، والحقّ ما ذهب إلیه المشهور وهو تقدیم التخصیص، لأنّ النسخ یحتاج إلى دلیل قطعی بخلاف التخصیص الذی یثبت حتّى بخبر الواحد الثقة.

هذا ـ مضافاً إلى أنّ سیرة الفقهاء فی الفقه على تقدیم التخصیص کما یشهد علیها عدم السؤال والفحص عن تاریخ صدور العام والخاصّ، فإنّ النسخ لابدّ فیه من الفحص عن التاریخ حتّى یتبیّن المقدّم منهما والمتأخّر فیکون المتأخّر ناسخاً والمتقدّم منسوخاً، فعدم فحصهم عن تواریخ صدور الأحادیث من أقوى الدلیل على ترجیحهم التخصیص على النسخ.

بقی هنا شیء:

وهو إنّا بعد ملاحظة العمومات والتخصیصات الواردة فی الکتاب والسنّة والأحادیث الصادرة عن الأئمّة المعصومین صلوات الله علیهم نرى أنّ هناک مخصّصات وردت بعد حضور العمل بالعمومات، فورد مثلا عام فی الکتاب أو السنّة النبویة مع أنّ خاصّه ورد فی عصر الصادقین(علیهما السلام)، فإن قلنا بکونه مخصّصاً للعام یلزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة، وإن قلنا بکونه ناسخاً یلزم کون الإمام(علیه السلام) مشرّعاً، مع أنّه حافظ للشریعة، ولو قبلنا إمکان تشریعه ونسخه بعد توجیهه بإرادة کشف ما بیّنه النبی(صلى الله علیه وآله) عن غایة الحکم الأوّل وابتداء الحکم الثانی لم یمکن قبوله هنا، لأنّ غلبة هذا النحو من التخصیصات تأبى عن هذا التوجیه، فما هو طریق حلّ هذه المشکلة؟

وقد ذکر لحلّها وجوه:

1 ـ أن یکن الخاصّ ناسخاً، ولکنّه قد نزل فی عصر النبی(صلى الله علیه وآله) ولم تکن هناک مصلحة فی إبرازه فأودع النبی(صلى الله علیه وآله) أمر إبرازه بید الإمام(علیه السلام)، وبعبارة اُخرى: أنّ النبی(صلى الله علیه وآله) أودع عندهم علم أجل الحکم وانتهائه، فهم یبیّنون غایة الحکم وأمده بعد حلول أجله.

2 ـ أن یکون الخاصّ مخصّصاً (لا ناسخاً) ولکنّه کاشف عن صدوره فی عصر النبی(صلى الله علیه وآله)ووقت الحاجة به، فخفی علینا بأسباب مختلفة فظهر بید الإمام(علیه السلام)فلا یلزم تأخیر البیان عن وقت الحاجة، ویشهد على إمکان هذا ما ثبت فی التاریخ من منع کتابة الحدیث فی عصر بعض الخلفاء زعماً منهم أنّه یمسّ کرامة کتاب الله والإکتفاء به، کما تشهد علیه روایات تدلّ على أنّ کلّ ما قال به الأئمّة الهادون من أهل البیت(علیهم السلام) فإنّها من النبی(صلى الله علیه وآله)، وهى کثیرة، وقد جمعها فی مقدّمة جامع أحادیث الشیعة فراجع.

3 ـ أن نلتزم بجواز تأخیر البیان عن وقت الحاجة إذا کان لمصلحة أهمّ، وهى مصلحة تدریجیة بیان الأحکام، فکان تکلیف السابقین هو العمل بالعموم ظاهراً مع إرادة الخصوص واقعاً.

ولقد أجاد المحقّق الحائری(رحمه الله) فی درره حیث قال (فی مقام الجواب عن أنّ تأخیر البیان عن وقت الحاجة قبیح عقلا): أنّ «تأخیر البیان عن وقت العمل لیس علّة تامّة للقبح کالظلم حتّى لا یمکن تخلّفه عنه، وإذا لم یکن کذلک فقبحه فعلا منوط بعدم جهة محسّنة تقتضی ذلک»(4).

أقول: یرد على الوجه الأوّل أنّ کثیراً من هذه التخصیصات من أخبار الآحاد، مع أنّ النسخ یحتاج إلى دلیل قطعی کما قرّر فی محلّه.

وعلى الوجه الثانی بأنّه من البعید جدّاً صدور هذه المخصّصات الکثیرة غایة الکثرة من جانب الرسول(صلى الله علیه وآله) ولم یصل إلینا شیء منها، وما دلّ على أنّ روایاتهم(علیهم السلام) کلّها عن النبی (صلى الله علیه وآله)یمکن أن یکون ناظراً إلى العلم الذی ورثوه عنه (صلى الله علیه وآله) لا أنّ جمیع ذلک صدر عنه (صلى الله علیه وآله) بمرأى من الناس ومسمع منهم.

فیتعیّن الوجه الثالث وهو تأخیرها عن وقت الحاجة لمصلحة أهمّ.

نعم، هیهنا وجه رابع بالنسبة إلى کثیر من هذه التخصیصات والتقییدات، یحتاج للدقّة، وهو أنّ کثیراً منها فی الواقع تطبیقات لکبریات الکتاب والسنّة على مصادیقها (نظیر التفریعات والمسائل العملیّة الواردة فی الرسائل العملیّة التی لم یرد کثیر منها فی آیة ولا روایة، ولکنّها من قبیل تطبیق الکبرى على الصغرى من جانب المجتهد) أو بیانات لتوضیح الکبریات وتعیین حدودها وخصوصیاتها.

فمثلا تخصیص الإمام (علیه السلام) وجوب تقصیر الصّلاة فی السفر بسفر المعصیة یرجع فی الواقع إلى بیان أنّ آیة التقصیر قد وردت فی مقام الإمتنان فلا تنطبق على سفر المعصیة، وکذلک تخصیصه بالنسبة إلى من قصد إقامة عشرة أیّام بیان فی أنّ تلک الکبرى مختصّة بمن یصدق علیه المسافر عرفاً، ومثل هذا الإنسان لیس مسافراً، وهکذا تقیید حکم صلاة المسافر بحدّ الترخّص إنّما هو لعدم کونه مسافراً عرفاً قبل بلوغ هذا الحدّ، ومثله تخصیص آیة الخمس فی أرباح المکاسب بمؤونة السنة فإنّه فی الواقع بیان لکون موضوع الخمس فی الآیة إنّما هو عنوان الغنیمة، وهى عبارة عن الفائدة المحضة فلا تشمل مؤونة السنة، لأنّ من یستفید طول السنة عشرة آلاف درهماً مثلا ولکن تکون مؤونته بهذا المقدار فهو فی الواقع لم ینتفع بشیء ولم یغتنم غنیمة، وکذلک إستثناء البیع الغرری عن کبرى أُوفوا بالعقود، فهو یرجع فی الواقع إلى بیان أنّ هذه الآیة إرشاد إلى حکم عقلائی وأنّ بناء العقلاء لا یقوم على وجوب الوفاء بالبیع الغرری، إلى غیر ذلک من الأمثلة، ولعمری أنّ هذا جواب متین بالنسبة إلى کثیر من هذه التقییدات والتخصیصات.

4 ـ إذا دار الأمر بین التصرّف فی منطوق أحد الخبرین ومفهوم الآخر کقوله (علیه السلام): «إذا خفى الأذان فقصّر» وقوله (علیه السلام): «إذا خفیت الجدران فقصّر» (لو فرض صدور خبرین بهذین المضمونین) فبعد قبول کبرى مفهوم الشرط یقع التعارض بینهما، لأنّ مفهوم کلّ منهما ینافی منطوق الآخر، وقد وقع الکلام فی مبحث المفاهیم (مفهوم الشرط) بینهم وذکروا لحلّ هذا التعارض طرقاً عدیدة، والمرتبط منها بما نحن فیه طریقان:

1 ـ تقیید اطلاق مفهوم کلّ منهما بمنطوق الآخر، ولازمه کفایة أحد الأمرین فی حصول حدّ الترخّص.

2 ـ تقیید اطلاق منطوق کلّ منهما بمنطوق الآخر، ولازمه اعتبار خفاء الأذان والجدران معاً فی وجوب التقصیر.

وکیف کان: إن قلنا بأنّ المنطوق أقوى ظهوراً من المفهوم فالمتعیّن هو الطریق الأوّل، وإلاّ لا ترجیح لأحدهما على الآخر، فقد یقال: إنّ المنطوق أقوى ظهوراً من المفهوم، لأنّ الکلام إنّما سیق لبیان المنطوق، والمفهوم أمر تبعی ولازم للمنطوق، ولکنّ الإنصاف أنّ هذا دعوى بلا دلیل بل کثیراً ما یساق الکلام لبیان المفهوم. کقولک: «سافر إن کان الطریق آمناً» فیما إذا کان مرادک النهی عن السفر فی صورة عدم الأمن.

فالصحیح أن یقال: إنّ المقامات مختلفة، والمتّبع هو الضوابط الخاصّة والقرائن المکتنفة بالکلام، فیسقط الطریق الأوّل عن کونه ضابطة کلّیة للجمع الدلالی.

5 ـ إذا دار الأمر بین التخصیص والمجاز، وبعبارة اُخرى: دار الأمر بین التصرّف فی أصالة العموم أو رفع الید عن أصالة الحقیقة، کقوله: «لا تکرم الفسّاق» مع قوله: «لا بأس بإکرام زید الفاسق» فکما یمکن رفع الید عن العموم بالتخصیص، کذلک یمکن رفع الید عن ظهور النهی فی الحرمة وحملها على الکراهة حتّى تجتمع مع عدم البأس.

ولا یخفى أنّ نظیره فی الفقه کثیر، فإنّه یتصوّر أیضاً فیما إذا کان العام بصیغة الأمر، فیدور الأمر بین رفع الید عن ظهور العام فی العموم ورفع الید عن ظهور هیئة الأمر فی الوجوب وحملها على الاستحباب.

والصحیح فی هذه الموارد تقدیم التخصیص على المجاز لأنّه أمر شائع معروف، والأوامر التی تحمل على الاستحباب أو النواهی التی تحمل على الکراهة وإن کانت کثیرة إلاّ أنّ تخصیص العام أکثر وأظهر.

نعم، قد یقدّم المجاز فی هذه الموارد على التخصیص لبعض القرائن الخاصّة والضوابط الجزئیّة کما لا یخفى على من له إلمام بالمسائل الفقهیّة المناسبة للمقام.


1. وسائل الشیعة: أبواب آداب التجارة، الباب4، ح3.
2. فوائد الاُصول: ج4، ص731، طبعة جماعة المدرّسین.
3. فوائد الاُصول: ج4 ص732، طبعة جماعة المدرّسین.
4. درر الاُصول: ص681، طبعة جماعة المدرّسین.

 

الأمر الخامس: موارد الجمع العرفی لیست من التعارضالأمر السادس: الفرق بین التعارض والتزاحم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma