3- تقلید المیّت

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
مدار الأعلمیّة على ماذا؟

والأقوال فیه ثلاثة:

1 ـ عدم الجواز، وهو المشهور بیننا، ولعلّه مجمع علیه، ونسب الجواز إلى الکلینی فی مقدّمة الکافی والصدوق فی مقدّمة من لا یحضر الفقیه والعلاّمة والمحقّق القمّی(رحمه الله) فی جامع الشتات (وسیأتی عدم صحّة هذه النسبة بأجمعها إلاّ ما نسب إلى المحقّق القمّی(رحمه الله)) ونقل أیضاً عن جماعة من الأخباریین، ولکن سیأتی أیضاً أنّ مخالفتهم للاُصولیین فی هذه المسألة من قبیل الخلاف فی الموضوع لا الحکم.

2 ـ الجواز، وهو المشهور بین العامّة.

3 ـ التفصیل بین التقلید الابتدائی فلا یجوز، والتقلید الاستمراری (أی البقاء على التقلید بعد الموت) فیجوز، وهو المختار.

واستدلّ القائلون بعدم الجواز بوجوه عمدتها ثلاثة:

الوجه لأوّل: (وهو العمدة أیضاً بین الثلاثة) الإجماع، فقد نقل شیخنا الأعظم الأنصاری(رحمه الله) فی رسالته (رسالة الاجتهاد والتقلید) عن صاحب المسالک أنّه قال: صرّح الأصحاب باشتراط الحیاة، وعن الوحید البهبهانی(رحمه الله) أنّه قال: أجمع الفقهاء على اشتراط الحیاة.

وعن صاحب المعالم(رحمه الله) أنّه قال: العمل بفتاوی الموتى مخالف لما یظهر من اتّفاق أصحابنا على المنع من الرجوع إلى فتوى المیّت.

ثمّ قال الشیخ(رحمه الله): یکون هذا الاتّفاق بدرجة من القبول حتّى شاع عند العوام أنّ قول المیّت کالمیّت.

ولا یخفى أنّ هذا الإجماع لیس مدرکیّاً بل إنّه ضدّ المدرک، لما سیأتی من أنّ القائلین بجواز تقلید المیّت یستدلّون علیه ببناء العقلاء لأنّهم یعتبرون لجمیع الکتب العلمیة بعد الموت ما یعتبرونه فی زمن الحیاة (کما أنّه الحقّ) فإنّ الفقهاء خالفوا هذا البناء بإجماعهم على عدم الجواز، وهذا من الموارد التی یکون الإجماع فیها مخالفاً للقواعد، فضلا عن أن یکون مستنداً إلیها، ولم ینقل خلاف لهذا الإجماع إلاّ ما نقل عن العلاّمة والمحدّثین المعروفین (الکلینی والصدوق) والمحقّق القمّی قدّس الله أسرارهم.

لکن العلاّمة لم یثبت مخالفته من کتبه، وأمّا المحدّثان فعند الرجوع إلى کتاب الکافی ومن لا یحضره الفقیه نجد أنّ ترخیصهما فی تقلید المیّت مبنى على مسلکهم من إنکار مشروعیة التقلید برأسه، وأنّ رجوع العامی إلى المجتهد من باب الرجوع إلى رواة الحدیث، فالمفتی ینقل الروایة لا أنّه یفتی حقیقة حسب رأیه ونظره، ولا إشکال فی أنّ حجّیة الروایة وجواز العمل بها لا یتوقّفان على حیاة الراوی بوجه، (وإن کان أصل هذا المبنى لشبهة حصلت لهما فإنّه فرق بین الفتوى ونقل الروایة لأنّ الأوّل یکون من باب الحدس والثانی من باب الحسّ).

وکذلک لا ضیر فی کلام المحقّق القمّی فإنّه أیضاً مبنى على ما ذهب إلیه من إنسداد باب العلم وحجّیة مطلق الظنون، فیقول: أنّ المتعیّن على المکلّف هو العمل بالظنّ سواء حصل من فتوى المیّت أو فتوى الحی.

الوجه الثانی: أنّ أدلّة وجوب التقلید على العامی قاصرة عن شمولها لتقلید المیّت، حیث إنّ المجتهد المیّت لا یتّصف بالفعل بعنوان المنذر مثلا فی آیة النفر أو عنوان أهل الذکر فی آیه السؤال، وإنّما کان منذراً أو کان من أهل الذکر.

ولکن إشکاله واضح لأنّ السؤال إنّما هو طریق للحصول على رأی أهل الذکر وهو یحصل بالرجوع إلى الکتاب أیضاً، کما أنّ المقصود من الإنذار هو تحذیر المکلّف، وهو یتحقّق بالرجوع إلى الکتاب أیضاً، وهکذا قوله(علیه السلام): «فارجعوا إلى رواة الأحادیث» فإنّه یصدق بالرجوع إلى کتبهم المؤلّفة فی حال حیاتهم فإنّ الرجوع إلى الکتاب رجوع إلى مؤلّفه بلا ریب، کما أنّ الرجوع إلى آراء الفلاسفة والأطباء وأهل الخبره یحصل بالرجوع إلى کتبهم المؤلّفة ولو منذ آلاف سنة.

الوجه الثالث: أصالة عدم الحجّیة فی موارد الشکّ.

ولکنّه لا تصل النوبة إلیها مع وجود الدلیل الاجتهادی على الجواز کبناء العقلاء.

هذا کلّه هو أدلّة المنکرین للجواز وقد ظهر أنّ المعتمد منها إنّما هو الوجه الأوّل.

واستدلّ القائلون بالجواز أیضاً بوجوه ثلاثة:

1 ـ السیرة المستمرّة للعقلاء على أنّ آراء الأموات المکتوبة فی کتبهم کآراء الأحیاء فی جمیع الفنون کاللغة والطبابة والرجال ونحوها، وأمّا مهجوریة بعض الآراء فلا ربط لها بالممات أو الحیاة فإنّه کثیراً ما یترک بعض آراء الحی أیضاً فی زمان حیاته لظهور رأی أقوى منه.

2 ـ الاستصحاب، وهو استصحاب بقاء الرأی أو بقاء الحکم.

أمّا استصحاب بقاء الرأی فإستشکل فی بأنّ المیّت لا رأی له.

إن قلت: إنّ هذا ینافی القول ببقاء النفس الناطقة، بل قد یقال: إنّ الإنسان یکون بعد مماته أعلم وأفقه (فَکَشَفْنَا عَنْکَ غِطَاءَکَ فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدِیدٌ).

قلنا: إنّ مسألة بقاء النفس الناطقة ونحوها من التدقیقات العقلیّة لا یفهمها العرف فإنّه یحکم ببطلان الرأی بعد الموت وبأنّ المیّت لا رأی له، ولا ریب فی أنّ المعتبر فی باب الاستصحاب إنّما هو بقاء الحالة السابقة عند العرف فتأمّل.

وأمّا استصحاب الحکم (بأن یقال: کانت صلاة الجمعة واجبة على المقلّد فالآن أیضاً واجبة علیه) فإستشکل فیه المحقّق الخراسانی بأنّ الأمارات الشرعیّة لا یتولّد منها الحکم، بل مفادها إنّما هو المنجّزیة والمعذوریة فحسب.

ولکن قد مرّ الإشکال فی أصل المبنى کراراً.

والصحیح فی المقام أن یقال: أمّا استصحاب بقاء الرأی فالحقّ أنّه لا حاجة إلیه لأنّ آراء الفقیه لیست عبارة عن الصورة الذهنیّة له حتّى تضمحلّ بموته، بل إنّ آراءه هى نفس ما کتبه فی کتبه الفقهیّة، وهو ممّا لا شکّ فیه حتّى یستصحب بقاؤه، والمحتاج إلى الاستصحاب إنّما هو بقاء حجّیة هذه الآراء المکتوبة وهو نفس استصحاب بقاء الحکم، وقد ذکرنا فی محلّه أنّ إجراء الاستصحاب فی الشبهات الحکمیّة مشکل جدّاً.

إن قلت: لو جاز تقلید المیّت بحکم الاستصحاب لجاز تقلید الحی إذا عرضه النسیان أیضاً لبقاء آرائه فی کتبه مع أنّه غیر جائز.

قلنا: لا نسلّم عدم الجواز بالنسبة إلى آرائه السابقة، نعم لا یجوز الإعتماد على آرائه فی الحال.

الثالث: إطلاقات أدلّة التقلید، لصدق عنوان أهل الذکر مثلا على المیّت أیضاً بلحاظ زمان صدور الرأی فإنّ المشتقّ حقیقة فیمن تلبّس بالمبدأ حال النسبة لا حال النطق.

وإن شئت قلت: لابدّ أن یکون من یرجع إلیه العامی من أهل الذکر والعلم عند صدور الرأی منه، ولا شکّ أنّه کان کذلک حال صدور هذه الآراء.

ولکن یرد علیه: أنّ الإطلاقات منزّلة على بناء العقلاء ولا تعدّ دلیلا مستقلا برأسها.

فظهر أنّ الدلیل السالم عن المناقشة للطائفة الثانیة (القائلین بالجواز) إنّما هو بناء العقلاء، کما أنّ الدلیل السالم عن المناقشة للطائفة الاُولى إنّما هو الإجماع.

وقد إستشکل فی الإجماع أوّلا: بأنّه مدرکی، ومدرکه أمّا أصالة عدم الحجّیة أو إنصراف الإطلاقات إلى الأحیاء. ولکن قد مرّ الجواب عنه آنفاً.

وثانیاً: بأنّه لا یکون کاشفاً عن رأی المعصوم(علیه السلام) لعدم اتّصال المجمعین بزمانه، من باب أنّ التقلید المبحوث عنه أو الاجتهاد المصطلح الیوم أمر حادث فی زماننا ولم یکن رائجاً فی ذلک الزمان.

ولکن یرد علیه أیضاً: أنّ التقلید بهذا المعنى الحدیث ولو فی مستواه البسیط کان موجوداً فی ذلک الزمان أیضاً، وأنّ الأئمّة(علیهم السلام) کانوا یرجعون الناس إلى أصحابهم الموجودین فی البلاد الإسلامیّة، خصوصاً إذا لاحظنا أنّ مسلمی سائر البلاد لم یکن بإمکانهم الرجوع إلى الإمام(علیه السلام) فی مسائلهم الشرعیّة وحاجاتهم الدینیّة، بل کانوا یرجعون فیها إلى علماء البلاد قطعاً، والعلماء أیضاً یستنبطونها من الأدلّة الموجودة بأیدیهم بعد علاج تعارضها وحمل المطلق على المقیّد والعام على الخاصّ والأخذ بأنواع المرجّحات، إلى غیر ذلک ممّا کان من وظیفة المجتهد حتّى فی تلک الأعصار.

أضف إلى ذلک أنّ تقلید الحی إنّما هو رمز بقاء المذهب وتحرّکه فی جمیع شؤونه وتجدّده عصراً بعد عصر وجیلا بعد جیل، بل هو رمز لإزدهار علم الفقه وتقدّمه على مرّ الدهور واللیالی والأیّام، بل الإنصاف أنّ الثورات الإصلاحیّة بید العلماء والفقهاء فی تاریخ التشیّع أثر من آثار هذا الأمر، کما شاهدناها فی ثورة عصرنا، وذلک أنّ الناس لو کانوا مقلّدین لشیخ الطائفة مثلا فسوف لا یهتمّون بالأحکام الصادرة من جانب الفقهاء الموجودین لا سیّما قائد الثورة.

وبالجملة: أنّ القول بکفایة تقلید المیّت کلمة توجب المسرّة لأعدائنا لأنّها مانعة عن حرکة الأحیاء وقیادتهم، وهو الفارق الأساسی بین علماء الشیعة وعلماء السنّة، وسرّ نشاط الطائفة الاُولى ورکود الطائفة الثانیة.

بقی هنا شیء:

وهو أنّ هذا الإجماع دلیل لبّی لابدّ من الاکتفاء فیه بالقدر المتیقّن، والقدر المتیقّن منه إنّما هو التقلید الابتدائی فحسب، فهو رادع عن بناء العقلاء بالنسبة إلى خصوص الابتدائی، وأمّا الاستمراری فحجّیة بناء العقلاء فیه بلا مزاحم، وحینئذ یکون المختار فی المسألة التفصیل بین الابتدائی والاستمراری.

إلى هنا إنتهت محاضرات

شیخنا الاُستاذ آیة الله العظمى الشیخ ناصر مکارم الشیرازی دام ظلّه

فی المسائل الاُصولیّة من أوّل مباحث الألفاظ إلى آخر مباحث الاجتهاد والتقلید

   فی دورة کاملة جامعة لجمیع مسائلها، ولا یشذّ منها شاذّ، وقد أشرف دام ظلّه    على جمیع هذه الأوراق بدقّة وإمعان، وبذلت الجهد على أن لا یفوت منّی شیء منها کما بذلت جهدی فی تقریرها وتنقیحها وأداء حقّها کی یبقى أثراً خالداً لطلاّب العلم

وآخر دعوانا أنّ الحمد لله ربّ العالمین.

اللهمّ تقبّله منّا واجعله عملا خالصاً یرجى به الرشد والرضوان

ونافعاً لیوم المعاد یوم لا ینفع مال ولا بنون إلاّ من أتى الله بقلب سلیم.

وقد وقع الفراغ

من تصحیحه وتنقیحه

یوم السبت 22 بهمن من 1373 هـ ش

11 رمضان المبارک من 1415 هـ ق

من الهجرة النبویة على هاجرها وآله آلاف التحیّة والسلام

 

مدار الأعلمیّة على ماذا؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma