التنبیه السابع عشر: تقدّم الأمارات على الاستصحاب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
المعیار فی بقاء الموضوعالتنبیه الثامن عشر: النسبة بین الاستصحاب وسائر الاُصول العملیّة

اتّفقت کلمات الأصحاب على تقدّم الأمارة على الاستصحاب، وإنّما الکلام فی وجهه، فهل هو من باب الورود، أو الحکومة، أو التخصیص الذی هو توفیق عرفی بین دلیل اعتبار الأمارة وخطاب الاستصحاب، فإن قلنا بالورود فمعناه عدم بقاء شکّ حقیقة بعد مجیء الأمارة، وإن قلنا بالحکومة فمعناه عدم بقاء الشکّ تعبّداً وحکماً کذلک، وإن قلنا بالتخصیص فلازمه أنّ دلیل الأمارة أخصّ من دلیل الاستصحاب، (وسیأتی توضیح الفرق بین هذه الثلاثة فی أبواب التعادل والترجیح إن شاء الله).

ذهب المحقّق الخراسانی(رحمه الله) إلى أنّه من باب الورود، وذهب الشیخ الأعظم (رحمه الله)إلى أنّه من باب الحکومة، واحتمل بعض کونه من باب التخصیص، ففی المسألة ثلاثة احتمالات أو ثلاثة أقوال.

واستدلّ المحقّق الخراسانی(رحمه الله) لمختاره بقوله: «إنّ رفع الید عن الیقین السابق بسبب أمارة معتبرة على خلافه لیس من نقض الیقین بالشکّ بل بالیقین، وعدم رفع الید عنه مع الأمارة على وفقه لیس لأجل أن لا یلزم نقضه به بل من جهة لزوم العمل بالحجّة»(1).

وأورد علیه المحقّق الأصفهانی(رحمه الله) فی تعلیقته على الکفایة بما حاصله: أنّ الأمارة «إمّا أن تکون حجّة من باب الموضوعیّة والسببیّة وإمّا أن تکون حجّة من باب الطریقیّة، فإن کانت حجّة من باب الموضوعیّة (أی توجب الأمارة حصول مصلحة فی موردها وإن لم تکن لها مصلحة واقعاً) فحینئذ وإن کان الحکم الفعلی هو مؤدّى الأمارة ولکنّه لا ینافی انحفاظ الحکم الفعلی المطلق (الحکم الإنشائی) بقوّته، فاحتمال وجود حکم مخالف لمؤدّى الأمارة فی الواقع باق على حاله، ومعه لا ورود، إذ کما یکون الاحتمال محفوظاً مع حکم نفسه کذلک مع الحکم المجعول بسبب الأمارة، وإن کانت حجّة من باب الطریقیّة، فأیضاً لا یرتفع احتمال الحکم الواقعی، سواء کانت الحجّیة حینئذ بمعنى جعل الحکم المماثل أو بمعنى منجّزیة الأمارة للواقع، لأنّه على الأوّل یکون الحکم مقصوراً على صورة الموافقة للواقع، فلا یقین بالحکم لیرتفع احتمال الحکم الواقعی، وعلى الثانی لا حکم مماثل مجعول أصلا لیکون الیقین به رافعاً لاحتمال الحکم»(2).

أقول: الصحیح ما ذهب إلیه المحقّق الخراسانی(رحمه الله)، وأنّ ما أورده علیه المحقّق الأصفهانی(رحمه الله) ممّا لا یمکن المساعدة علیه من جهتین:

الاُولى: ما مرّ سابقاً من أنّ الأمارة أیضاً توجب حصول العلم والیقین العرفی، ولعلّ هذا هو مراد المحقّق الخراسانی(رحمه الله) حیث عبّر عمّا یحصل بالأمارة بالیقین، والشاهد علیه أنّ أکثر القضایا المتیقّنة السابقة نتیقّن بها من طریق الأمارات.

وإن شئت قلت: کما أنّه لا فرق فی حصول الیقین السابق بین الحاصل من طریق الأمارة أو العلم القطعی الوجدانی، کذلک لا فرق فی نقضه بیقین آخر بین ما یحصل من الوجدان وما یحصل من الأمارة.

الثانیة: أنّ مفاد الأمارة وإن کان ظنّیاً ولکنّه ینتهی إلى الیقین، حیث إنّ دلیل حجّیته قطعی، فنقض الیقین السابق ورفع الید عنه بالأمارة یکون بالمآل من مصادیق نقض الیقین بالیقین لا نقض الیقین بالشکّ، فتأمّل.

ویمکن تبیین هذا المعنى من طریق آخر وهو أنّ المراد من الشکّ فی أدلّة حجّیة الاستصحاب هو الحیرة الحاصلة من عدم وجود طریق إلى الواقع، فإذا قامت عنده الأمارة التی هى من الطرق المعتبرة لم تبق له حیرة ولا یصدق علیه أنّه سالک بلا طریق، فکأنّ معنى الشکّ عند العرف فی أمثال المقام أضیق من الشکّ الفلسفی، کما أنّ الیقین عندهم أوسع من الیقین الفلسفی، وحینئذ لا یصدق على رفع الید عن الیقین بالأمارة أنّه نقض الیقین بالشکّ بل یصدق علیه عند العرف أنّه نقض للیقین بالیقین.

ویؤیّد ما ذکرنا ما مرّ من أنّ من أدلّة حجّیة الاستصحاب هو بناء العقلاء، ولا إشکال فی أنّهم یعتمدون على الاستصحاب فی خصوص موارد التردّد والحیرة، وأمّا إذا قامت أمارة على تقنین قانون جدید مثلا أو على عزل الوکیل عن وکالته فلا یجرون استصحاب بقاء القانون السابق أو استصحاب الوکالة کما لا یخفى.

فظهر أنّ الحقّ کون الأمارات واردة على الاستصحاب، ولو تنزّلنا عن ذلک فلا أقلّ من الحکومة (وهى أن یکون أحد الدلیلین ناظراً إلى دلیل آخر إمّا إلى موضوعه أو إلى متعلّقه أو إلى حکمه، توسعة أو تضییقاً بالدلالة المطابقیّة أو التضمّن أو الالتزام البیّن، وذلک لأنّ أدلّة حجّیة خبر الواحد مثلا عند الدقّة والتحلیل ناظرة إلى أدلّة الاُصول، فإنّ مقتضى مفهوم آیة النبأ (أی عدم لزوم التبیّن فی خبر العادل) مثلا إنّ ما أخبر به العادل مبیّن (ولذلک لا یحتاج إلى التبیّن) ولا إشکال فی أنّ معناه عدم ترتیب آثار الشکّ، وهکذا بالنسبة إلى قوله(علیه السلام) «ما أدّیا عنّی فعنّی یؤدّیان» إذ إنّ معناه لزوم معاملة العلم مع ما أخبر عنه الثقة وعدم ترتیب آثار الشکّ، ولعلّ تسمیة الشاهدین العدلین باسم البیّنة کانت من هذه الجهة، أی إذا شهدت البیّنة على شیء فرتّب علیه آثار العلم تعبّداً ولا ترتّب آثار الشکّ، ولیس هذا إلاّ من باب أنّ أدلّة هذه الأمارات حاکمة على أدلّة الاُصول وناظرة إلیها ومضیّقة لدائرتها بغیر موارد قیام الأمارة، فظهر ممّا ذکرنا أنّ إنکار المحقّق الخراسانی للحکومة هنا فی غیر محلّه.

ولو تنزّلنا عن ذلک فیمکن أن یقال بالتخصیص فی الجملة، أی التوفیق العرفی بین أدلّة الأمارات وأدلّة الاستصحاب بتخصیص عموم الاستصحاب بموارد قیام الأمارة، والإنصاف أنّه یتصوّر بالنسبة إلى بعض الأمارات قطعاً، نظیر موارد قیام قاعدة الید، حیث إنّه لو لم تکن الید مقدّمة على الاستصحاب ومخصّصة لأدلّته، لما بقی لقاعدة الید مورد، وذلک لأنّها فی جمیع مواردها مزاحمة لإستصحاب عدم التملّک، وهکذا فی أصالة الصحّة وقاعدة الفراغ حیث أنّهما معارضتان مع استصحاب عدم إتیان العمل صحیحاً فی جمیع الموارد.

نعم، إنّ هذا لا یجری بالنسبة إلى بعض الأمارات کخبر الواحد، فإنّه قد یکون معارضاً مع الاستصحاب وقد لا یکون، کما لا یخفى.

هذا کلّه فی الأمارات المخالفة مع الاستصحاب.

أمّا الأمارات الموافقة کما إذا قامت البیّنة على طهارة شیء کان طاهراً سابقاً ففیها أیضاً یأتی ما مرّ من ورود أدلّة الأمارات على أدلّة الاستصحاب بنفس البیان السابق، وهو أنّ مورد الاستصحاب هو الشکّ فی الحکم الواقعی بمعنى الحیرة والتردّد، والأمارة تزیلها.

وبعبارة اُخرى: إنّ للیقین فی أدلّة الاستصحاب معنىً یعمّ ما یحصل من الأمارة قطعاً، وحینئذ مع وجود الأمارة لا تصل النوبة إلى الاستصحاب، وأمّا استدلال الفقهاء بالاُصول ومنها الاستصحاب فی جنب سائر الأدلّة فهو بعد الفحص عن وجود الأمارة.

ولو تنزّلنا عن الورود فلا أقلّ من الحکومة أیضاً کالأمارات المخالفة، لأنّ أدلّة الأمارات مفادها فی الواقع «نزّله منزلة الیقین ولا ترتّب آثار الشکّ»، اللهمّ إلاّ أن یقال: إنّها منصرفة عن الاُصول الموافقة.

نعم، لا سبیل إلى التخصیص هنا، لأنّه فرع مخالفة العام مع الخاصّ بلا إشکال، ولذا لا یخصّص قولک «أکرم العلماء» بقولک «أکرم زیداً العالم» عند العرف.


1. الکفایة: ص429، طبع مؤسسة آل البیت.
2. راجع نهایة الدرایة: ج5 ـ 6، ص238، طبع مؤسسة آل البیت.

 

المعیار فی بقاء الموضوعالتنبیه الثامن عشر: النسبة بین الاستصحاب وسائر الاُصول العملیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma