الکلام فی أصالة عدم التذکیة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
تنبیهات أصالة البراءةالتنبیه الثانی: فی حسن الاحتیاط، وترتّب الثواب علیه، وإمکان الاحتیاط فی العبادات

ثمّ إنّه قد وقع بحث طویل بین الأعلام بمناسبة تمثیلهم للأصل الموضوعی بأصالة عدم التذکیة فی جریان أصالة عدم التذکیة فی حیوان شکّ فی قابلیته للتذکیة، أو فی وقوع التذکیة الشرعیّة علیه للشکّ فی اختلال بعض الاُمور الدخیلة فی تحقّقها.

ولابدّ لتوضیح البحث من بیان حقیقة التذکیة فنقول: یحتمل فیها ثلاث احتمالات:

1 ـ أن تکون أمراً بسیطاً مسبّباً عن شیئین: أحدهما: الذبح الشرعی، والثانی: قابلیة الحیوان للتذکیة، فتکون التذکیة حینئذ أمراً مسببیّاً، وهو الطهارة الحاصلة فی الحیوان تبیح أکله.

2 ـ أن تکون أمراً مرکّباً من الجزئین المذکورین، فتکون حقیقتها نفس هذا السبب المرکّب من جزئین.

3 ـ أن تکون عبارة عن نفس الذبح الشرعی فقط، وأمّا القابلیة فهى شرط من شرائطها لا أن تکون جزء لماهیتها.

فعلى المعنى الأوّل: لا إشکال فی جریان أصالة عدم التذکیة فی صورة الشکّ، لأنّ الشکّ فی التذکیة وعدمها یرجع إلى الشکّ فی حصول ذلک الأمر البسیط وعدمه.

وعلى الثانی: لا إشکال فی عدم جریانها إلاّ من باب أصل العدم الأزلی، لأنّ الجزء الأوّل وهو الذبح الشرعی حاصل بالوجدان، والجزء الثانی وهو القابلیة لیس عدمه متیقّناً فی السابق إلاّ من باب العدم الأزلی فتجری حینئذ أصالة الطهارة بلا مانع بناءً على ما هو المختار من عدم حجّیة أصل العدم الأزلی.

وعلى الثالث: فلا إشکال أیضاً فی عدم جریانها لأنّ التذکیة وهى خصوص الذبح الشرعی حاصلة بالوجدان والشکّ إنّما هو فی حصول بعض شرائطها.

والمحقّق النائینی(رحمه الله) اختار المعنى الثالث لقوله تعالى: (إِلاَّ مَا ذَکَّیْتُمْ) إذ إنّ نسبة التذکیة إلى الفاعلین تدلّ على أنّها من فعلهم(1).

ولکن یرد علیه: أنّ إسناد الفعل إلى الجزء الأخیر من العلّة إسناد شائع، وهذا یناسب المعنى الثانی أیضاً، نعم إنّ أصل مدّعاه تامّ لعدم وجود حقیقة شرعیّة فی معنى التذکیة، فتحمل على معناها العرفی، ولا إشکال فی أنّ مدلولها العرفی إنّما هو المعنى الثالث لأنّ أصلها الذکاء (بالذال) لا الزکاء (بالزاء) کما وقع الخلط بینهما فی کلمات بعض الأعاظم، ففی مفردات الراغب: التذکیة (بالذال) فی الأصل بمعنى الإضاءة وذکّیت الشاة ذبحتها، وحقیقة التذکیة إخراج الحرارة الغریزیّة، بینما التزکیة (بالزاء) بمعنى النموّ والبرکة والتطهیر.

وبالجملة المرجع فی المقام هو المعنى العرفی لعدم حقیقة شرعیة لها (وما جاء فی الشریعة من بعض الشروط فهو خارج عن حقیقتها) والمعنى العرفی إنّما هو المعنى الثالث، وعلیه لا تجری أصالة عدم التذکیة لأنّها حاصلة بالوجدان.

بقی هنا أمران:

الأوّل: أنّه قد ذکر فی کلمات بعضهم أصل آخر یتوهّم حکومته على أصالة الحلّیة، وهو استصحاب الحرمة فی حال الحیاة.

ولکن یمکن الجواب عنه بأمرین:

أحدهما: عدم اتّحاد القضیّة المتیقّنة مع القضیة المشکوکة فی المقام، لأنّ الموضوع فی الاُولى هو الحیوان الحیّ، وفی الثانیة الحیوان المیّت، ولعلّ الحیاة مقوّمة لحرمة الأکل.

ثانیهما: حرمة الأکل فی حال الحیاة أوّل الکلام لأنّ أکل الحیوان حیّاً غیر ممکن إلاّ فیما هو صغیر جدّاً کالسمکة الصغیرة التی یمکن بلعها لدفع بعض الأمراض على ما هو المعروف بین الناس، فلا موضوع للحلّیة والحرمة حینئذ.

الثانی: فی جریان أصالة عدم التذکیة من ناحیة الشبهة الموضوعیّة.

کان البحث إلى هنا فی جریان أصالة عدم التذکیة من ناحیة الشبهة الحکمیّة، وأمّا جریانها من ناحیة الشبهة الموضوعیّة فیتصوّر له ثلاث صور:

الاُولى: فی القطعة المطروحة فی الطریق التی شکّ فی أنّها من الحیوان المذکّى أو غیر المذکّى، فلا إشکال فی أنّها محکومة بالحرمة لجریان أصالة عدم التذکیة فیها بمعانیها الثلاثة کما لا یخفى، وأمّا الروایة(2) الواردة فی السفرة المطروحة فی الطریق من أنّه یجوز أکل لحمها فالظاهر أنّه لمکان کون البلد بلداً مسلماً، وهو أمارة على الحلّیة، ومقدّمة على أصالة عدم التذکیة.

الثانیة: فی القطعة المبانة التی یدور أمرها بین حیوانین، أحدهما مذکّى، والثانی غیر مذکّى، ففیها أیضاً تجری أصالة عدم التذکیة، نعم أنّها لا تجری بالنسبة إلى نفس القطعة لأنّ التذکیة صفة تعرض على کلّ الحیوان لا على بعضه بل لابدّ أن یکون المستصحب عنوان «ما أخذ منه اللحم» فیقال الحیوان الذی یکون منه هذا اللحم کان غیر مذکّى، فیستصحب عدم تذکیته الذی من آثاره عدم حلّیة هذه القطعة أیضاً.

الثالثة: ما إذا کانت هناک قطعات مختلفة مذکّاة وغیر مذکّاة اختلط بعضها ببعض، فهل یجب الاجتناب عنها أو لا؟ فیتصوّر فیها صورتان: تارةً یکون کلا الحیوانین داخلین فی محلّ الابتلاء، فلا إشکال فی وجوب الإجتناب عن کلّ واحد من تلک القطعات لمکان العلم الإجمالی، واُخرى یکون أحدهما خارجاً عن محلّ الابتلاء ففیها وإن لم یکن العلم الإجمالی منجّزاً لکن تجری أصالة عدم التذکیة بالنسبة إلى «ما أخذ منه هذا اللحم» ویحکم بحرمة کلّ قطعة بلا ریب.

فتحصّل من ذلک جریان أصالة عدم التذکیة فی الشبهة الموضوعیّة بجمیع صورها.

ثمّ إنّ هیهنا إشکالا أورده بعض الأعلام على جریان أصالة عدم التذکیة مطلقاً وفی جمیع صورها، وهو «أنّ حقیقة التذکیة التی هى فعل المذکّى عبارة عن إزهاق الروح بکیفیة خاصّه وشرائط مقرّرة، وهى فری الأوداج الأربعة مع کون الذابح مسلماً، وکون الذبح عن تسمیة وإلى القبلة مع آلة خاصّة، وکون المذبوح قابلا للتذکیة، وعدم هذه الحقیقة بعدم الإزهاق بالکیفیة الخاصّة والشرائط المقرّرة، ولا إشکال فی أنّ هذا الأمر العدمی على نحو «لیس» التامّة لیس موضوعاً للحکم الشرعی، فإنّ هذا المعنى العدمی متحقّق قبل تحقّق الحیوان وفی زمان حیاته، ولم یکون موضوعاً للحکم، وما هو الموضوع عبارة عن المیتة، وهى الحیوان الذی زهق روحه بغیر الکیفیة الخاصّة بنحو الإیجاب العدولی، أو زهوقاً لم یکن بکیفیة خاصّة على نحو «لیس» الناقصة أو الموجبة السالبة المحمول وهما غیر مسبوقین بالعدم فإنّ زهوق الروح لم یکن فی زمان محقّقاً بلا کیفیة خاصّة، أو مسلوباً عنه الکیفیة الخاصّة فما هو موضوع غیر مسبوق بالعدم، وما هو مسبوق به لیس موضوعاً له، واستصحاب النفی التامّ لا یثبت زهوق الروح بالکیفیة الخاصّة إلاّ على الأصل المثبت»(3).

ویرد علیه: أنّ الواسطة فی ما نحن فیه خفیّة وأنّ العرف یحکم باتّحاد مفاد لیس التامّة ومفاد لیس الناقصة، وإلاّ یلزم نفس الإشکال حتّى بالنسبة إلى مورد أخبار الاستصحاب و هو الوضوء، إذ إنّ الوضوء فی حدّ ذاته لا یترتّب علیه أثر ولا یکون موضوعاً للحکم الشرعی، بل الموضوع عبارة عن الصّلاة المقیّدة بالطهارة، فیلزم أن تثبت الصّلاة مع الطهارة باستصحاب الطهارة بما هى هى، فیکون مثبتاً مع أنّه لا یلتزم به أحد.

وإن شئت قلت: موضوع الحکم هنا (مورد أخبار الاستصحاب) هو مفاد کان الناقصة أی کون الصّلاة متّصفة بالطهارة، مع أنّ الاستصحاب فیه هو مفاد کان التامّة أی بقاء الطهارة، فکما أنّ الاستصحاب بعنوان مفاد کان التامّة یکفی عمّا هو مفاد کان الناقصة، فکذلک الکلام بالنسبة إلى مفاد لیس التامّة ولیس الناقصة.


1. راجع فوائد الاُصول: ج 3، ص 382.
2. وهى ما رواه السکونی عن أبی عبدالله(علیه السلام) أنّ أمیر المؤمنین(علیه السلام) سئل عن سفرة وجدت فی الطریق مطروحة کثیر لحمها وخبزها وجبنها وبیضها وفیها سکّین. فقال أمیر المؤمنین(علیه السلام): یقوّم ما فیها ثمّ یؤکل لأنّه یفسد ولیس له بقاء فإن جاء طالبها غرموا له الثمن، قیل: یاأمیر المؤمنین: لا ندری سفرة مسلم أو سفرة مجوسی فقال: هم فی سعة حتّى یعلموا. (وسائل الشیعة: کتاب الصید والذبائح الباب 38، ح 2).
3. تهذیب الاُصول: ج 2، ص 222 و 223، طبع جماعة المدرّسین.

 

تنبیهات أصالة البراءةالتنبیه الثانی: فی حسن الاحتیاط، وترتّب الثواب علیه، وإمکان الاحتیاط فی العبادات
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma