2 ـ المفاسد المترتّبة على القول بالتصویب

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
1 ـ أسباب السقوط فی هوّة التصویبوأمّا القسم الثانی: وهو التصویب المعتزلی

لا خفاء فی ما یترتّب على هذا القول من المفاسد العدیدة فی الفقه والمجتمع الإسلامی، وقد أشار إلى بعضها الإمام أمیر المؤمنین (علیه السلام) فی خطبته الشریفة التی مرّ ذکرها.

منها: الاعتراف بنقصان الدین العیاذ بالله، وهو نفس ما أشار إلیه الإمام(علیه السلام)فی خطبته.

ومنها: انسداد باب الاجتهاد، فإنّ قولهم بانسداد باب الاجتهاد وحصر جواز الفتوى عن الأئمّة الأربعة لهم إنّما نشأ من کثرة الفتاوی الحاصلة من الاجتهاد بالرأی، ووقوع الخلاف الشدید بین الناس باختیار بعض هذه الفتاوی، فقد ألجأهم ذلک إلى سدّ هذا الباب، لإزالة الخلاف، فصار مصداقاً للمثل المعروف: «کم أکلة منعت أکلات» (إذ کانت الأکلة الاُولى سبباً للأمراض الموجبة للحرمان).

ومنها: وقوع الفوضى والهرج والمرج الفقهی والقضائی، لملازمته وجود آراء متضادّة ومتعدّدة بعدد المجتهدین فی مسألة واحدة، بل إنّه أکثر فساداً وأسوأ حالا من المجالس التقنینیّة فی یومنا هذا، کما أشرنا إلیه سابقاً فی أوائل مبحث الاجتهاد والتقلید فی الأمر الثانی (حیث إنّ أمر التشریع فیها إنّما هو بید جماعة تسمّى بشورى التقنین لا فرد فرد من علمائهم ومتخصّصیهم، وهم یضعون لقطر من أقطار الأرض، والواضعون جماعة کثیرة من العقلاء، مندوبون عن الجماهیر، بخلاف القول بالتصویب، لأنّهم قد یکون فی بلد واحد، أو قریة من القرى مجتهدون متعدّدون، ویکون لکلّ واحد منهم رأی وتقنین على حسب ظنّه الشخصی).

وهذا هو الذی سبّب انسداد باب الاجتهاد فی أواخر القرن الرابع من ناحیة زعماء القوم بعد ما أحسّوا خطراً عظیماً، وهو اضمحلال الدین وهدم نظام الاُمّة، لاختلاف الآراء جدّاً، فحدّدوها فی الأربعة المعروفة، وسدّوا باب الاجتهاد على السائرین.

وقد أشار إلى هذا المعنى فی خلاصة التشریع الإسلامی فقال: إنّ سدّ باب الاجتهاد نشأ من أربعة عوامل:

الأوّل: توجّه العلماء إلى المسائل السیاسیّة وانغمارهم فیها، وتخلّفهم عن المسائل العلمیّة الفقهیّة، فاضطرّوا إلى القول بأنّ المجتهد والقادر على الاستنباط هم العلماء الأوّلون فحسب.

الثانی: تحزّب المجتهدین ودخول کلّ واحد منهم فی حزب وخطّ سیاسی خاصّ فکان ینبغی على کلّ حزب الحصول على دلیل من الروایات والآیات على حقّانیة حزبه.

الثالث: تحاسد العلماء وظهور تصرفات سیّئة قبیحة فی سلوکیات بعضهم حیث یتشبث بکلّ وسیلة دنیئة لتسقیط من انتهى إلى رأی جدید ونظر حدیث فی مسألة باجتهاده والعمل على تشویه سمعته وتزییف أراءه ولهذا لم یجترأ أحد على الاجتهاد والاستنباط لئلا یقع فی معرض تحاسد الآخرین.

الرابع: معالجة الفوضى الفقهیّة بالجمود وسدّ باب الاجتهاد(1) (انتهى کلامه).

أقول: الأهمّ من هذه الوجوه هو الوجه الأخیر، فإنّ القول بالتصویب أوجب الوقوع فی فوضى عظیمة، وبالتالی أوجب سدّ باب الاجتهاد، وتسبب فی فقر فقهی شدید فی المسائل المستحدثة، ولذلک رجع بعضهم فی الأزمنة الأخیرة، وإعتقد بفتح باب الاجتهاد.

هذا ـ بخلاف الإمامیّة التابعین لمکتب أهل البیت (علیهم السلام) فلا یترتّب على قولهم بالإنفتاح أیّة مفسدة، بل إنّه موجب لإزدهار علم الفقه والاُصول، وتطوّره وتقدّمه باستمرار، وذلک أوّلا: لاعتبارهم کون مرجع الفتوى للناس أعلم الفقهاء الأحیاء، وثانیاً: أنّ اجتهادهم ـ کما مرّ تعریفه ـ مبنیّ على أساس النصوص وضوابط خاصّة مستفادة من النصوص أیضاً، لا على القیاس والاستحسانات الظنّیة وأشباهها ممّا لا تندرج تحت ضابطة معیّنة.

وبالجملة، أنّ نتیجة القول بالتصویب ـ بما أنّه یستبطن سدّ باب الاجتهاد ـ هى رکود علم الفقه وعدم تکامله فإنّ القائل به لا یرى فی الآراء الفقهیّة الصادرة خطأً حتّى یرى نفسه ملزماً بالتحقیق والتتبّع ویتعب نفسه للحصول على ما هو الواقع الحقّ بخلاف القول بالتخطئة، فإنّ القائل به یبذل جهده لتحصیل ذلک الحکم الواحد الواقعی، ولازمه التفکّر العمیق والتدبّر الواسع وإعمال کمال الدقّة للظفر بالحقّ والعثور على الواقع.

هذا کلّه فی القسم الأوّل من التصویب.


1. راجع خلاصة التشریع الإسلامی: ص341.

 

1 ـ أسباب السقوط فی هوّة التصویبوأمّا القسم الثانی: وهو التصویب المعتزلی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma