التنبیه الرابع: أقسام استصحاب الکلّی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
التنبیه الثالث: جریان الاستصحاب فیما ثبت بالأمارةالشبهة العبائیّة

والمشهور عند من تأخّر عن الشیخ الأعظم الأنصاری(رحمه الله) أنّه على ثلاثة أقسام، وذکر بعض من قارب عصرنا قسماً رابعاً فصارت الأقسام أربعة:

الأوّل: أن یکون الشکّ فی بقاء الکلّی من جهة الشکّ فی بقاء الفرد الذی کان الکلّی متحقّقاً فی ضمنه کما إذا علم بوجود الإنسان فی ضمن زید، ثمّ شکّ فی بقاء الإنسان من جهة الشکّ فی بقاء زید، فلا إشکال فی جواز استصحاب الإنسان وترتیب أثره علیه کما جاز استصحاب شخص زید وترتیب نفس الأثر علیه فإنّ أثر الکلّی أثر الفرد أیضاً ولا عکس، ولذا لو ترتّب على الفرد بخصوصه أثر جاز استصحاب الفرد دون الکلّی.

والمثال الشرعی لهذا القسم ما إذا أجنب زید وتیقّن بالجنابة وبتبعها بکلّی الحدث ثمّ شکّ فی رفعها بالغسل فلا إشکال فی جریان استصحاب کلّ من الجنابة والحدث، ومقتضى الثانی هو عدم صحّة صلاته وما هو مشروط بالطهارة، وهو بعینه مقتضى الأوّل أیضاً مضافاً إلى عدم جواز مکثه فی المسجد مثلا.

الثانی: أن یکون الشکّ فی بقاء الکلّی من جهة تردّد الفرد الذی کان الکلّی متحقّقاً فی ضمنه بین ما هو مرتفع قطعاً، وما هو باق جزماً، کما إذا علم إجمالا بوجود طائر فی الدار، ولم یعلم أنّه العصفور أو الغراب، ثمّ مضى مقدار عمر العصفور دون الغراب، فإن کان الطائر عصفوراً فقد مات وإن کان غراباً فهو باق فیستصحب کلّی الطائر الجامع بینهما.

والمثال الشرعی لهذا القسم ما إذا علم إجمالا بنجاسة الثوب ولم یعلم أنّها من الدم أو البول؟ فإن کانت النجاسة من الدم فقد زالت بالغسل مرّة بالماء القلیل وإن کانت النجاسة من البول فهى باقیة لا تزول إلاّ بالمرّة الثانیة، فیستصحب کلّی النجاسة المشترک بین البول والدم.

الثالث: أن یکون الشکّ فی بقاء الکلّی من جهة الشکّ فی وجود فرد آخر بعد القطع بارتفاع الفرد الأوّل الذی کان الکلّی متحقّقاً فی ضمنه، وهذا على قسمین:

فتارةً یقع الشکّ فی وجود فرد آخر مقارن لوجود الفرد الأوّل، واُخرى یقع الشکّ فی وجود فرد آخر مقارن لارتفاع الفرد الأوّل.

کما إذا علم بوجود الإنسان فی الدار فی ضمن وجود زید، ثمّ حصل القطع بخروج زید عنها وشکّ فی وجود عمرو مقارناً لوجود زید فی الدار أو مقارناً لخروجه عنها.

والمثال الشرعی له ما إذا علم بحدوث الحدث الأصغر ثمّ حصل الیقین بإرتفاعه بالوضوء وشکّ فی حدوث الحدث الأکبر مقارناً لحدوث الأصغر أو مقارناً لارتفاعه.

الرابع: ما ذکره بعض من قارب عصرنا، وحاصله ما إذا علمنا بوجود فرد بعنوان، خاصّ ثمّ علمنا بوجود مصداق معنون بعنوان آخر ولکن لا ندری أنّ العنوانین منطبقان على مصداق واحد أولهما مصداقان مختلفان؟

وهذا مثل ما إذا علمنا بوجود زید فی الدار، ثمّ سمعنا صوت القرآن من الدار لا ندری هو زید أو عمرو؟ ثمّ خرج زید من الدار، فإن کان القارىء زیداً فقد خرج، وإن کان غیره فهو باق، فهل یمکن استصحاب بقاء القارىء للقرآن فی الدار ـ أی بهذا العنوان لا بعنوان أنّه زید أو عمرو ـ أم لا؟

ومثاله الشرعی ما إذا علم إنسان بأنّه قد إحتلم ثمّ إغتسل بعد ذلک، ثمّ رأى بعد ذلک الیوم آثار المنی فی ثوبه لا یدری أهو من الاحتلام السابق، أو من إحتلام جدید؟ فهل یمکن الإشارة إلى خصوص ذلک الأثر، فیقال: أنّ الجنابة کانت حاصلة مقارنة لخروج هذا، ولا ندری أنّه اغتسل بعد خروجه أم لا؟ فیستصحب الجنابة التی حصلت مقارنة له لا خصوص الجنابة الحاصلة فی أمس، فإنّها قد ارتفعت قطعاً، ولا خصوص الجنابة الحاصلة فی الیوم فإنّها مشکوک حدوثها.

والفرق بینه وبین الکلّی فی القسم الثالث واضح فإنّ تعدّد الفردین هناک قطعی، فالحدوث بسبب واحد منهما والبقاء بسبب فرد آخر، ولکن التعدّد هنا غیر ثابت لإحتمال إنطباق عنوان زید وقارىء القرآن على شخص واحد.

هذه هى الأقسام الأربعة من الاستصحاب الکلّی.

أمّا القسم الأوّل: فلا إشکال فی جریان استصحاب الکلّی فیه (کما مرّت الإشارة إلیه) کما یجری استصحاب الفرد أیضاً.

ولکن الکلام فی أنّ استصحاب الفرد هل یغنی عن استصحاب الکلّی مطلقاً، أو لا یکفی کذلک أو فیه تفصیل؟ والاحتمالات أربعة:

1 ـ کفایة استصحاب الفرد عن استصحاب الکلّی، واستدلّ لها باتّحاد الکلّی مع فرده، فیکفی استصحاب الفرد لترتّب جمیع آثار الکلّی، وهذا ما ذهب إلیه أکثر المحقّقین، وهو المختار.

2 ـ عدم الکفایة، من باب اختلاف الحیثیتین: حیثیة الحدث مثلا وحیثیة خصوص الجنابة، فإنّهما عنوانان، لکلّ واحد منهما آثار غیر آثار الآخر.

3 ـ التفصیل بین الفرد الساری وصرف الوجود، والمراد من الفرد الساری هو الأفراد الداخلة تحت العموم الاستغراقی، فإنّ حکم الجنابة عام سار فی جمیع أفرادها، فیغنینا استصحاب الفرد عن استصحاب الکلّی، بخلاف صرف الوجود، کما فی الاستطاعة للحجّ والنصاب فی الزکاة، فإنّ صرف وجود الاستطاعة یکفی لوجوب الحجّ، کما أنّ صرف وجود النصاب یکفی لوجوب الزکاة، فلا یغنی حینئذ استصحاب الفرد عن استصحاب الکلّی.

4 ـ التفصیل بین الاستصحاب فی الشبهة الحکمیّة والاستصحاب فی الشبهة الموضوعیّة، فیغنی استصحاب الفرد عن استصحاب الکلّی فی الاُولى دون الثانیة، لأنّ الشارع فی مورد الاُولى یجعل حکماً مماثلا للواقع، ففی مورد استصحاب وجوب صلاة الجمعة مثلا یجعل وجوباً ظاهریاً مماثلا لوجوبها الواقعی، بخلافه فی الثانیة، حیث إنّ المستصحب فیها هو الموضوع لا الحکم.

إذا عرفت هذا فنقول: الصحیح من هذه الوجوه إنّما هو القول الأوّل کما أشرنا، فلا ثمرة لإستصحاب الکلّی فی هذا القسم لأنّ الکلّی لا یکون مفترقاً عن فرده، لما ثبت فی محلّه أنّ الحقّ اتّحاد الکلّی الطبیعی مع افراده، وأنّ وجود الطبیعی عین وجود افراده، وحینئذ آثار الکلّی تترتّب أیضاً على فرده، فمن تیقّن بالجنابة ثمّ شکّ فی الطهارة عنها یستصحب بقاء الجنابة ویرتّب علیها عدم المکث فی المسجد، الذی هو من آثار فرد الجنابة وعدم صحّة صلاته الذی هو من آثار مطلق الحدث، ولا حاجة إلى استصحاب کلّی الحدث.

أمّا القول الثانی: (وهو عدم کفایة استصحاب الفرد عن استصحاب الکلّی) فاستدلّ له المحقّق الأصفهانی(رحمه الله) فی تعلیقته بما حاصله: أنّ مقتضى الدقّة أنّ التعبّد بالشیء لا معنى له إلاّ التعبّد بأثره، ولا یعقل التعبّد بشیء والتعبّد بأثر غیره(1).

والجواب عنه أوّلا: أنّ تعدّد الکلّی والفرد إنّما هو فی الحیثیة، ولا إشکال فی أنّ التعدّد الحیثی أمر ذهنی یحصل بالتحلیل العقلی لا فی الخارج لأنّ الحقّ أنّ وجود الطبیعی فی الخارج عین وجود افراده کما مرّ.

وثانیاً: سلّمنا کونهما متعدّداً فی الخارج بالدقّة العقلیّة ولکنّهما واحد بنظر العرف فإنّ العرف یرى وحدة بین حیثیة الحدث وحیثیة الجنابة، ولا إشکال فی أنّ المعتبر فی الاستصحاب إنّما هو الوحدة العرفیّة.

والعجب من المحقّق الخراسانی(رحمه الله) حیث إنّه أفاد فی تعلیقته على الرسائل عکس ما أفاد هنا، حیث قال هناک: «إنّ الکلّی والفرد بالنظر العرفی إثنان، یکون بهذا النظر بینهما التوقّف والعلّیة دون الاتّحاد والعینیة، فلا یکون التعبّد بالفرد عرفاً تعبّداً بالکلّی بهذا النظر وهو المعتبر فی هذا الباب»(2).

فإنّه قد مرّ أنّ المسألة على العکس، أی أنّ حیثیة الکلّی وإن کانت غیر حیثیّة الفرد بالدقّة العقلیّة ولکنّهما عند العرف واحد.

وأمّا القول الثالث: (وهو التفصیل بین الوجود الساری وصرف الوجود) فاستدلّ له بأن المستصحب الکلّی إذا کان وجوده ساریاً فی افراده ککلّی الحدث فی ما إذا قیل: إن کنت محدثاً فلا تصلّ (حیث إنّ الحکم بعدم جواز الصّلاة تعلّق بکلّی الحدث ومنه سرى إلى أفراده) فإنّه یکون حینئذ من قبیل القضیّة الحقیقیّة، وقد ثبت فی محلّه «أنّ الحکم فی المحصورة أیضاً جرى على الطبیعة بحیث قد سرى افرادها إذ لو على أفرادها لم یمکن إذ لیس إنتهت أعدادها»(3) ومعناه أنّ الکلّی متّحد مع فرده فاستصحاب فرده مغن عن استصحاب نفسه، وأمّا إذا کان من قبیل صرف الوجود کمقدار النصاب فی الزکاة أی عشرین مثقالا مثلا (حیث إنّ الزکاة تجب بمجرّد تحقّق صرف الوجود من هذا المقدار) فلا یکون حینئذ ناظراً إلى خصوصیّات الأفراد، أی یکون لا بشرط بالنسبة إلى الأکثر من صرف الوجود، فلا یغنی استصحاب الفرد عن استصحاب الکلّی.

والجواب عنه أیضاً: اتّضح ممّا مرّ من أنّ وجود الکلّی عین وجود فرده عقلا وعرفاً، والتعدّد بینهما إنّما هو فی الوجود الذهنی والتحلیل العقلی، سواء کان الکلّی من قبیل الوجود الساری أو صرف الوجود.

وأمّا القول الرابع: (وهو التفصیل بین الشبهة الحکمیّة والشبهة الموضوعیّة) فاستدلّ له بأنّ المختار فی الشبهة الحکمیّة هو جعل الحکم الممثال، ولا إشکال فی أنّ الحکم المجعول کالوجوب مصداق للفرد ولکلّی الطلب معاً، فیغنی استصحاب الوجوب عن استصحاب کلّی الطلب، بخلاف الشبهة الموضوعیّة کالجنابة، حیث إنّ حیثیة الجنابة غیر حیثیة الحدث.

والجواب أیضاً اتّضح ممّا مرّ من أنّ تعدّد الحیثیتین إنّما هو فی الذهن لا فی الخارج.

أمّا القسم الثانی: فقد مرّ مثاله الشرعی والعرفی، ومن أمثلته الشرعیّة ما إذا علم إجمالا بحدوث البول أو المنی ولم یعلم الحالة السابقة، ثمّ توضّأ ولم یغتسل، فإن کان الحدث من البول فقد زال، وإن کان من المنی فهو باق، فیستصحب کلّی الحدث المشترک بین البول والمنی ویترتّب علیه الأثر المشترک کحرمة مسّ المصحف وعدم جواز الدخول فی الصّلاة ونحوهما ممّا یشترط بالطهارة، فیجب علیه حینئذ الغسل مضافاً إلى الوضوء.

هذا إذا کان مسبوقاً بالطهارة، وأمّا لو کان مسبوقاً بالحدث الأصغر فلا یجب علیه أزید من الوضوء لأنّه لا یعلم أنّ خروج البلل المشتبه هل أوجب له تکلیفاً جدیداً، أو لا؟ فیجوز له استصحاب عدم الجنابة، وأمّا استصحاب عدم الحدث الأصغر فهو غیر جار، لأنّ المفروض وجوده، فیجب علیه حینئذ الوضوء فقط.

وکیف کان فقد ذهب أکثر المحقّقین إلى حجّیة هذا القسم لکن فی خصوص ما إذا لم یکن أثر الکلّی مبایناً مع أثر الفرد والخصوصیّات الفردیة، کما إذا علمنا إجمالا بنجاسة الثوب ولم نعلم أنه دم أو بول، حیث إنّ أثر النجاسة بالدم وجوب الغسل مرّه وأثر النجاسة بالبول وجوب الغسل مرّتین فیجری استصحاب بقاء النجاسة بعد الغسل مرّة ویجب الغسل مرّة اُخرى.

وأمّا إذا کان أثر الکلّی مبایناً مع أثر الفرد کما فی المثال المشهور المذکور آنفاً (مثال البول والمنی حیث إنّ أثر البول وجوب الوضوء وأثر المنی وجوب الغسل وهما أثران متباینان) وکما إذا علمنا بشرب حیوان من الإناء، ودار أمره بین الکلب والخنزیر، فإن کان کلباً وجب التعفیر والغسل مرتین بالماء القلیل، ولو کان خنزیراً وجب الغسل سبع مرّات من دون تعفیر، ففی هذه الصورة لا تصل النوبة إلى استصحاب کلّی الحدث لإثبات وجوب الوضوء والغسل معاً فی المثال الأوّل، ولإثبات وجوب رعایة ما إعتبر فی التطهیر من نجاسة الکلب والخنزیر معاً فی المثال الثانی، بل تجری قاعدة الاحتیاط والاشتغال فقط لإثبات وجوب رعایة کلا الأثرین.

أقول: هذا ـ ولکن الصحیح أنّ هذا النوع من الاستصحاب لیس من مصادیق استصحاب الکلّی بل إنّه فی الواقع من قبیل استصحاب الفرد المبهم، وإن شئت قلت: یجری استصحاب الفرد المبهم ویترتّب نفس ما یترتّب على استصحاب الکلّی، ففی مثال العصفور والغراب مثلا نشیر إلى ذلک الفرد من الطائر المبهم الذی دخل الدار فی ساعة کذا ورآه بعینه من دون معرفة حاله، ویستصحب شخص ذلک الفرد المبهم، ولعلّ مراد القائلین بالکلّی أیضاً ذلک.

ثمّ إنّه قد أورد على هذا القسم من استصحاب الکلّی بوجوه:

الوجه الأوّل: إختلال بعض أرکان الاستصحاب فیه، لدورانه بین ما هو مقطوع الانتفاء وهو وجود الفرد القصیر، وما هو مشکوک الحدوث من الأوّل، وهو الفرد الطویل المحکوم بالعدم بمقتضى الأصل.

واُجیب عنه: بأنّ هذا کلّه ممّا یضرّ باستصحاب نفس الفرد الطویل أو القصیر بعینه، أی استصحاب خصوصیة الفرد، وأمّا استصحاب القدر المشترک بینهما فلا مانع منه وذلک لتحقّق أرکانه من الیقین السابق والشکّ اللاحق وغیرهما من الاُمور المعتبرة فی حجّیة الاستصحاب.

الوجه الثانی: أنّ الشکّ فی بقاء الکلّی مسبّب عن الشکّ فی حدوث الفرد الطویل، فإذا إرتفع الشکّ عن حدوثه تعبّداً باستصحاب عدم حدوثه علم بعدم بقاء الکلّی تعبّداً، وذلک لحکومة الأصل السببی على الأصل المسبّبی.

وفیه أوّلا: منع کون الشکّ فی بقاء الکلّی مسبّباً عن الشکّ فی حدوث الفرد الطویل لأنّ الکلّی عین الفرد خارجاً ولا تسبّب بینهما، والمعتبر فی أحکام السبب والمسبّب أن تکون حادثة خارجیة مسبّبة عن حادثة اُخرى، ولازمه تعدّد الحادثتین.

ثانیاً: سلّمنا، ولکن یعتبر فی حکومة الأصل السببی على المسبّبی أن یکون المسبّب من الآثار الشرعیّة للسبب، بینما تکون السببیّة والمسبّبیة فی المقام عقلیاً على فرض قبولها.

وثالثاً: إنّا نمنع کون الشکّ فی بقاء الکلّی وعدمه مسبّباً عن الشکّ فی حدوث الفرد الطویل، بل أنّه مسبّب عن أنّ الحادث المعلوم حدوثه هل هو الفرد القصیر المعدوم حتّى یکون الکلّی معلوم الارتفاع، أو هو الفرد الطویل حتّى یکون معلوم البقاء؟ أی الشکّ فی بقاء الکلّی مسبّب عن دوران الفرد بین القصیر والطویل.

وبعبارة اُخرى: أنّ الکلّی ینعدم بانعدام جمیع أفراده، فیکون عدم الکلّی مسبّباً عن عدم الفرد الطویل والقصیر معاً، لا مسبّباً عن خصوص عدم فرده الطویل.

وبعبارة اُخرى: إنّ الکلّی ینعدم بانعدام جمیع أفراده فیکون عدم الکلّی مسبّباً عن عدم فرد الطویل والقصیر معاً، لا مسبّباً عن خصوص عدم فرده الطویل.

ولکنّه غیر تامّ لأنّ المفروض أنّ زمان جریان استصحاب الکلّی ما إذا علمنا بإنعدام الفرد القصیر، فالشکّ فی بقائه ناش من الشکّ فی حدوث الفرد الطویل وعدمه، فإن کان الطویل حادثاً کان الکلّی باقیاً، وإلاّ فلا، من غیر دخل لحدوث القصیر وعدمه، فتدبّر جیّداً.

الوجه الثالث: أنّ من شرائط حجّیة الاستصحاب وحدة القضیّة المتیقّنة والمشکوکة، أی تعلّق الیقین والشکّ بشیء واحد، وهذا فی المقام غیر حاصل، لأنّ وجود الکلّی ضمن أحد أفراده غیر وجوده ضمن فرد آخر، فإنّ نسبة الکلّی إلى افراده نسبة الآباء إلى الأبناء، لا نسبة أب واحد إلى أبناء متعدّدین، وحینئذ یصیر الاستصحاب من قبیل استصحاب الفرد المردّد، وهو غیر حجّة.

واُجیب عنه أوّلا: بأنّه «إنّما یرد ذلک بعد تسلیم کون الطبیعی مع الأفراد کذلک عرفاً لو أردنا استصحاب الفرد المردّد دون ما إذا أردنا استصحاب الکلّی، فإنّ المعلوم هو حیوان خارجی متشخّص یکون الکلّی موجوداً بوجوده، وشکّ فی بقاء ذاک الحیوان بعینه فلا إشکال فی جریان الأصل فیه»(4).

ویمکن الجواب عنه ثانیاً: بما مرّ من أنّ هذا القسم من الکلّی فی الحقیقة إلى استصحاب الفرد، أی استصحاب تلک الحصّه الخاصّة المتیقّنة وإن کان بعض خصوصیّاتها مبهمة، فنقول: أنّ الطائر الذی دخل الدار فی ساعة کذا بعینه موجود الآن وإن شککنا فی أنّه کان غراباً أو عصفوراً لظلمة أو شبهها.

الوجه الرابع: أنّه یرد على هذا الاستصحاب ما یرد على جریان الاستصحاب فی الشبهات المفهومیّة کاستصحاب بقاء النهار فی ما إذا شککنا فی أنّ النهار هل هو ما ینتهی إلى سقوط قرص الشمس أو یبقى إلى زوال الحمرة (فإنّ الاستصحاب فیه غیر جار لعدم الشکّ فی أمر خارجی فإنّ سقوط القرص معلوم وعدم زوال الحمرة أیضاً معلوم، فالأمر دائر بین المعلومین، وإنّما الشکّ فی إنطباق مفهوم النهار على أحدهما) فإنّ الأمر فی المقام أیضاً دائر بین المعلومین، لأنّ الحیوان الخارجی إذا کان غراباً فهو باق قطعاً، وإذا کان عصفوراً فهو معدوم قطعاً، وإنّما الشکّ فی إنطباق عنوان الغراب أو العصفور علیه.

والجواب عنه واضح: لأنّ قیاس المقام على الشبهة المفهومیة مع الفارق، فإنّ الشکّ فی الشبهة المفهومیّة إنّما هو فی المعنى اللغوی، أو العرفی ولا یسری إلى الخارج أصلا، بخلاف ما نحن فیه فإنّ الشکّ فیه فی بقاء عمر الطائر خارجاً، أی بقاء نفس ذلک الحیوان المتیقّن وجوده فی الخارج سابقاً.


1. نهایة الدرایة: ج5 ـ 6، ص136، طبع مؤسسة آل البیت.
2. نقله عنه المحقّق الأصفهانی(رحمه الله) فی نهایة الدرایة: ج5 ـ 6، ص137، طبع مؤسسة آل البیت.
3. المنظومة للسبزواری.
4. رسائل الإمام الخمینی (قدس سره): ج1، ص127.

 

التنبیه الثالث: جریان الاستصحاب فیما ثبت بالأمارةالشبهة العبائیّة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma