المقام الرابع: الفرق بین مثبتات الاُصول والأمارات

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
المقام الثالث: فیما استثنى من الأصل المثبتالتنبیه التاسع: بعض تطبیقات الأصل المثبت

المشهور بین المتأخّرین من الاُصولیین حجّیة مثبتات الأمارات مطلقاً، فیثبت بالأمارة مؤدّیها وملزومها ولوازمها وملازماتها ولو بالف واسطة، وهذا بخلاف مثبتات الاُصول.

والقول الثانی: ما ذهب إلیه بعض أساتذتنا العظام وهو عدم الحجّیة مطلقاً فی کلتیهما.

والثالث: التفصیل بین الموارد المختلفة، وهو المختار وسیأتی بیانه وشرحه.

أمّا القول الأوّل فإستدلّ علیه ببیانات أربع:

البیان الأوّل: ما أفاده المحقّق الخراسانی(رحمه الله) وهو: «أنّ الأمارة کما تحکی عن المؤدّی ونشیر إلیه، کذلک تحکی عن أطرافها من ملزومها ولوازمها وملازماتها، لأنّ مقتضى اطلاق دلیل اعتبارها لزوم تصدیقها فی حکایتها فی جمیع ذلک».

وتوضیحه: أنّ الأمارة تنحلّ إلى حکایات متعدّدة مطابقیة والتزامیة، فهى کما تحکی عن المؤدّی بالمطابقة فکذلک تحکی عن أطرافه بالالتزام (فتخرج فی الواقع عن کونها مثبتة على تعبیر بعض محشّی الکفایة).

ویمکن أن یناقش فیه:

أوّلا: بأنّ کلامه وإن کان صادقاً فی مثل خبر الواحد، لأنّ له الحکایة، والحکایة عن الشیء حکایة عن لوازمه (وکذا الإقرار والبیّنة) ولکنّه لا یصدق فی مثل أصالة الید، حیث إنّها لا تحکی ولا تخبر عن شیء، ولیس لها لسان حتّى تنحلّ إلى حکایات عدیدة.

وثانیاً: أنّه یقبل فی نفس خبر الواحد أیضاً فی الجملة لا بالجملة، لأنّ انحلاله إلى إخبارات عدیدة مبنى على التفات المخبر باللوازم والملازمات، وأمّا اللوازم التی لیس المخبر عالماً بها ولا متوجّهاً إلیها فلا یصحّ أن یکون الإخبار عن الملزوم إخباراً عن تلک اللوازم.

البیان الثانی: أنّ حجّیة الأمارة هى من باب أنّها توجب حصول الظنّ نوعاً، والظنّ بشیء ظنّ بلوازمه.

وفیه: أنّه المبنی مخدوش، لأنّ مناط الحجّیة لیس هو حصول الظنّ النوعی، وإلاّ یلزم حجّیة الظنّ مطلقاً، وهو ـ على الظاهر ـ ممّا لا یلتزم به المستدلّ نفسه.

البیان الثالث: ما أفاده المحقّق النائینی(رحمه الله) من «أنّ الأمارة إنّما تکون محرزة للمؤدّی وکاشفة عنه کشفاً ناقصاً، والشارع بأدلّة اعتبارها قد أکمل جهة نقصها، فصارت الأمارة ببرکة اعتبارها کاشفة ومحرزة کالعلم، وبعد إنکشاف المؤدّى یترتّب علیه جمیع ما للمؤدّى من الخواصّ والآثار على قواعد سلسلة العلل والمعلولات واللوازم والملزومات»(1).

أقول: إنّ کلامه هذا أیضاً من آثار مبناه المعروف من أنّ معنى الحجّیة جعل صفة المحرزیة والکاشفیّة والیقین، فکأنّ الشارع یقول: أنّ لمفهوم الحجّة قسمین من المصداق: قسم تکوینی، وقسم اعتباری یحتاج إلى جعل واعتبار ممّن بیده الاعتبار، فبعد جعل الحجّیة یصیر مصداقاً واقعیاً للعلم فیترتّب علیها لوازمها وملازماتها کالعلم التکوینی.

ولکن قد مرّ کراراً أنّ صفة الیقین أمر تکوینی لا یمکن جعلها فی عالم الاعتبار، وینبغی أن نشیر هنا إلى ما أفاد المحقّق العراقی(رحمه الله) فی تعلیقته على فوائد الاُصول، فإنّه قال: «الطریقیّة بمعنى تتمیم الکشف وتمامیّة الانکشاف المساق لإلغاء الاحتمال بحقیقته یستحیل أن تناله ید الجعل تشریعاً»(2).

البیان الرابع: ما أفاده بعض الأعاظم فی رسائله حیث قال: «أمّا وجه حجّیة مثبتات الأمارات فهو أنّ جمیع الأمارات الشرعیّة إنّما هى أمارات عقلائیّة أمضاها الشارع، ولیس فیها ما تکون حجّیتها بتأسیس من الشرع کظواهر الألفاظ وقول اللغوی على القول بحجّیته وخبر الثقة ... ومعلوم أنّ بناء العقلاء على العمل بها إنّما هو لأجل إثباتها الواقع لا للتعبّد بالعمل بها، فإذا ثبت الواقع بها تثبت لوازمه وملزوماته وملازماته بعین الملاک الذی لنفسه فکما أنّ العلم بالشیء موجب للعلم بلوازمه وملزوماته وملازماته مطلقاً فکذلک الوثوق به موجب للوثوق بها ... ولو حاولنا إثبات حجّیة الأمارات بالأدلّة النقلیّة لما أمکن لنا إثبات حجّیة مثبتاتها، بل ولا لوازمها الشرعیّة إذا کانت مع الواسطة الشرعیّة»(3).

وفیه: أوّلا: أنّا نمنع الصغرى، وهى کون جمیع الأمارات إمضائیّة، لأنّ بعض الأمارات کالقرعة لا إشکال فی أنّها تأسیسیّة فیما إذا کان هناک واقع فی البین ولم تکن القرعة لمجرّد حسم مادّة النزاع، کما هو کذلک غالباً، فإنّ المنساق من أدلّة حجّیة القرعة فی الشرع أنّها کاشفة عن الواقع غالباً أو دائماً إذا اجتمع فیها شرائطها، فقد ورد فی الحدیث النبوی: «لیس من قوم تقارعوا ثمّ فوّضوا أمرهم إلى الله إلاّ خرج السهم الأصوب» وکذا ما ورد فی الدعاء المأثور عند إجراء القرعة: «اللهمّ ربّ السموات السبع أیّهم کان الحقّ له فأدّه إلیه» وفی روایة اُخرى: «اللهمّ أنت الله لا إله إلاّ أنت عالم الغیب والشهادة أنت تحکم بین عبادک فیما کانوا فیه یختلفون فبیّن لنا أمر هذا المولود» وکذا ما ورد فی قضیّة یونس وقضیّة عبدالمطّلب وغیر ذلک من القرائن التی یغنی تظافرها عن ملاحظة إسنادها، فمن جمیع ذلک یعلم أنّ القرعة أمارة شرعیّة حیث لا أمارة، ویؤیّده ما ورد فی أمر الاستخارة فإنّها نوع من القرعة یطلب منها الکشف عن المصالح الواقعیّة لا مجرّد رفع الحیرة(4).

إن قلت: إذا کانت القرعة من الأمارات فلابدّ من تقدیمها على الاُصول العملیّة مع أنّه لا یقول به أحد.

قلنا: المستفاد من ظواهر أدلّة القرعة أو صریحها أنّ کاشفیتها منحصرة بما إذا أشکل الأمر وسدّت أبواب الحلّ وطرق الفتح، وهذا لا یصدق إلاّ فیما إذا لم توجد فی البین أمارة ولا أصل، فالقرعة أمارة تکشف عن الواقع حیث لا أمارة ولا أصل.

هذا کلّه فی القرعة.

وهکذا سوق المسلمین، فهو أیضاً لا أثر له عند العقلاء، بل هو أمارة إخترعها الشارع المقدّس، وجعلها کاشفة عن طهارة ما یشتریه المکلّف من سوق المسلمین أو حلّیته من الذبائح وشبهها.

ثانیاً: لو سلّمنا وجود جمیع الأمارات بین العقلاء لکنّا لا نقبل إمضاء جمیعها من جانب الشارع بل فیه تفصیل سیأتی توضیحه عند بیان المختار.

هذا کلّه فی القول الأوّل.

أمّا القول الثانی: فهو ما ذهب إلیه بعض الأعلام فی مصباح الاُصول من عدم الفرق بین الأمارات والاستصحاب وعدم حجّیة المثبتات فی المقامین، لأنّ عمدة الدلیل على الفرق فی نظره إنّما هو ما أفاده المحقّق النائینی(رحمه الله) (من أنّ العلم الوجدانی شیء یقتضی ترتّب جمیع الآثار حتّى ما کان منها بتوسّط اللوازم العقلیّة أو العادیة ولو بالف واسطة، فکذا العلم التعبّدی، بخلاف الاستصحاب، فإنّ المجعول فیه هو الجری العملی على طبق الیقین السابق، وحیث إنّ اللازم لم یکن متیقّناً فلا وجه للتعبّد به) ولکنّه أجاب عنه بأنّ «ما ذکره غیر تامّ لأنّ العلم الوجدانی إنّما یقتضی ذلک لأنّه من العلم بالملزوم یتولّد العلم باللازم بعد الالتفات إلى الملازمة، فترتّب آثار الملزوم لیس من جهة العلم بالملزوم، بل من جهة العلم بنفس اللازم المتولّد من العلم بالملزوم، ولذا یقولون: أنّ العلم بالنتیجة یتولّد من العلم بالصغرى والعلم بالکبرى ... بخلاف العلم التعبّدی بالمجعول، فإنّه لا یتولّد منه العلم الوجدانی باللازم ـ وهو واضح ـ ولا العلم التعبّدی به لأنّ العلم التعبّدی تابع لدلیل التعبّد، وهو مختصّ بالملزوم دون لازمه، لما عرفت من أنّ المخبر إنّما أخبر عنه لا عن لازمه».

ثمّ استثنى باب الأخبار وقال: «نعم تکون مثبتات الأمارة حجّه فی باب الأخبار فقط لأجل قیام السیرة القطعیّة من العقلاء على ترتیب اللوازم على الأخبار بالملزوم ولو مع الوسائط الکثیرة، ففی مثل الإقرار والبیّنة وخبر العادل یترتّب جمیع الآثار ولو کانت بوساطة اللوازم العقلیّة أو العادیة»(5).

ولکن یرد علیه أیضاً: أنّ کلامه مبنى على انحصار وجوه الفرق بین مثبتات الأمارات والاُصول فیما ذکره المحقّق النائینی(رحمه الله)، وهو ممنوع لما مرّ من الوجوه المختلفة، وسیأتی عند بیان المختار مزید توضیح للمقام.

أمّا القول الثالث: (وهو المختار) فهو التفصیل بین اللوازم الذاتیة للأمارة فتکون حجّیة، وبین اللوازم الإتّفاقیة فلا تکون حجّة، ولإثباته لابدّ من ذکر مقدّمة فی بیان الفرق بین الأمارة والأصل فنقول.

المشهور بینهم أنّ الفرق بین الأمارة والأصل أنّ الجهل بالواقع والشکّ فیه مأخوذ فی موضوع الأصل دون الأمارة فإنّ الشکّ إنّما هو موردها لا موضوعها.

ولکنّه ممّا لا وجه ولا أصل له، والصحیح أنّ الجهل بالواقع والشکّ فیه أخذ فی کلیهما، والوجه فی ذلک ما جاء فی بعض الکلمات من «أنّ الاهمال بحسب مقام الثبوت غیر معقول فلا محالة تکون حجّیة الأمارات إمّا مطلقة بالنسبة إلى العالم والجاهل، أو مقیّدة بالعالم والجاهل، أو مختصّة بالجاهل، ولا مجال للالتزام بالأوّل والثانی فإنّه لا یعقل کون العمل بالأمارة واجباً على العالم بالواقع فبقى الوجه الأخیر، وهو کون الأمارة مختصّة بالجاهل وهو المطلوب (هذا بالنسبة إلى مقام الثبوت).

مضافاً إلى أنّه فی مقام الإثبات أیضاً مقیّد به فی لسان بعض الأدلّة کقوله تعالى: (فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّکْرِ إِنْ کُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ)»(6) (وقد استدلّ القوم بالآیة فی مباحث حجّیة خبر الواحد تارةً فی مباحث الاجتهاد والتقلید اُخرى).

والصحیح فی الفرق بینهما أنّ للأمارة کاشفیة عن الواقع وإن کان کشفاً ظنّیاً غیر تامّ، بخلاف الأصل فلیس فیه کشف عن الواقع أصلا، ولا فرق فی ذلک بین أن نأخذ الأمارة والاُصول من الشارع المقدّس أو من بناء العقلاء، فإنّ لهم أیضاً أمارات واُصول، بل الأمارات الموجودة فی الشرع متّخذة منهم غالباً کما عرفت آنفاً، وکذا الاُصول الأربعة فإنّ جمیعها موجودة بین العقلاء من أهل العرف. ومنها الاستصحاب فإنّهم یجرون الاستصحاب فی القوانین والمناصب کالوکالة ومقام القضاء والولایة وغیرها بعنوان الأصل لا الأمارة، فهم ما دام لم یصل بأیدیهم حکم جدید یعملون بما سبق.

إذا عرفت هذا فنقول: الحقّ فی المسألة هو التفصیل بین اللوازم الذاتیّة واللوازم الاتّفاقیة فی باب الأمارات، وإنّ الأولى تثبت بالأمارة دون الثانیة من دون فرق بین ما کانت مخترعة بید الشارع وما کان علیه سیرة العقلاء، ومن دون فرق بین أن تکون الأمارة من الأخباریات أو لا، فإذا ثبت بالقرعة أنّ هذا المولود لزید مثلا فلا إشکال فی ترتّب لوازمه الذاتیّة علیه من کون فلان خاله وکون فلان عمّه، مع أنّ القرعة لیست من الأخباریّات، بخلاف اللوازم العرضیة الإتّفاقیة، کما إذا أثبتنا بالبیّنة أو بمقتضى الید أنّ هذه الدار لزید وعلمنا من الخارج أنّ دار زید کانت قبال القبلة، فلا یثبت بهما جهة القبلة، مع أنّ خبر الواحد من الأمارات الموجودة فیما بین العقلاء، ویکون من الأخباریات أیضاً، وهکذا إذا قامت أمارة کأذان العارف الثقة على دخول الوقت وعلمنا من الخارج وجود ملازمة اتّفاقیة بین جهة القبلة وبین وقوع الشمس بین العینین حین دخول الوقت، فی مکان خاصّ، فلا یمکن إثبات جهة القبلة من ناحیة إثبات دخول الوقت، وکذا العکس، فإذا قامت أمارة على ثبوت القبلة (کقبور المؤمنین) فلا یمکن إثبات دخول الوقت من مواجهة القبلة فی بعض الأمکنة لملازمة اتّفاقیة بینهما.


1. فوائد الاُصول: ج4، ص487، طبع جماعة المدرّسین.
2. المصدر السابق: ص484، طبع جماعة المدرّسین.
3. الرسائل: ج1، ص178.
4. وإن شئت توضیح الحال فی جمیع ذلک فارجع إلى القواعد الفقهیّة، القاعدة السادسة (قاعدة القرعة).
5. مصباح الاُصول: ج3، ص155، طبع مطبعة النجف.
6. المصدر السابق: ص152.

 

المقام الثالث: فیما استثنى من الأصل المثبتالتنبیه التاسع: بعض تطبیقات الأصل المثبت
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma