التنبیه الرابع عشر: استصحاب حکم المخصّص

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
أنوار الاُصول(الجزء الثّالث)
التنبیه الثالث عشر: استصحاب الکتابیالتنبیه الخامس عشر: فی المراد من الشکّ فی المقام

إذا خصّص العام وخرج منه بعض الأفراد فی بعض الأزمنة ولم یکن لدلیل الخاصّ اطلاق أزمانی إمّا لکونه لبّیاً کالإجماع، أو لکونه لفظیّاً لا اطلاق له، وتردّد الزمان الخارج بین الأقل والأکثر، فهل یرجع عند الشکّ أی بعد انقضاء الزمان الأقل إلى عموم العام أو إلى استصحاب حکم المخصّص؟ فإذا قال مثلا أکرم کلّ عالم وقام الإجماع على حرمة إکرام زید العالم فی یوم الجمعة، ووقع الشکّ فی حرمة إکرامه یوم السبت فهل یرجع فی یوم السبت إلى عموم العام من وجوب الإکرام، أو إلى استصحاب حکم الخاصّ من حرمة الإکرام؟

ومثاله الشرعی اُوفوا بالعقود، فإنّه لا شکّ فی أنّ له عموماً افرادیاً لأنّ «العقود» جمع معرّف باللام، وهو من صیغ العموم، فإذا جاء دلیل خیار الغبن وأخراج المعاملة الغبنیة مثلا عن تحت هذا العموم وعلمنا بخروجها عن تحت هذا العام فی الآن الأوّل من الالتفات إلى الغبن والضرر، وشککنا فی خروجها فی الأزمنة المتأخّرة عن الآن الأوّل فهل المرجع هو عموم العام والحکم باللزوم فی سائر الأزمنة حتّى یکون الخیار فوریاً، أو استصحاب حکم المخصّص حتّى یکون الخیار على التراخی؟ (ولا یخفى أنّ هذا النزاع جار بناءً على جریان الاستصحاب فی الشبهات الحکمیّة).

وهو ممّا لم یعنون بوضوح فی کلمات قدماء الأصحاب، ولعلّ أوّل من عنونه تفصیلا هو الشیخ الأعظم فی رسائله، فإنّه فصّل فیه بین ما إذا کان للعام عموم أزمانی کعمومه الإفرادی فیرجع إلى عموم العام، وبین ما إذا لم یکن له عموم کذلک وإن کان الحکم فیه للاستمرار والدوام إمّا بالنصوصیّة أو بالإطلاق فیرجع إلى استصحاب حکم المخصّص.

قد یقال فی مقام توضیح هذا التفصیل: أنّه إذا کان العام بحسب عمومه الأزمانی أیضاً انحلالیاً مثل عمومه الافرادی بمعنى کون کلّ قطعة من الزمان موضوعاً مستقلا لحکم العام بحیث لا یکون إمتثال الحکم أو عصیانه فی تلک القطعة مربوطاً بالإمتثال والعصیان فی سائر القطعات، بل یکون لکلّ قطعة إمتثاله وعصیانه، ففی هذه الصورة خروج قطعة من الزمان عن تحت العموم الأزمانی لا یضرّ بوجود أصالة العموم بالنسبة إلى القطعات الاُخر، إذ حال أصالة العموم بناءً على هذا بالنسبة إلى الأزمان حال أصالة العموم بالنسبة إلى الافراد، وأمّا إذا لم یکن کذلک، أی لم تکن کلّ قطعة من الزمان موضوعاً مستقلا بل کان مجموع القطعات موضوعاً واحداً، فلا یبقى مجال للتمسّک بعموم العام، فإن شکّ فی حکم هذا الفرد بقاءً بعد خروجه عن تحت العام فلا مفرّ عن الرجوع إلى الاستصحاب.

وأمّا المحقّق الخراسانی(رحمه الله) فقد إفترض للمسألة أربع صور، وحکم فی صورتین منها بأنّ المرجع عموم العام وهما ما إذا کان للعام عموم أزمانی وکان الزمان فی الخاصّ قیداً لموضوعه، أو کان الزمان فی الخاصّ ظرفاً لثبوت حکمه.

وحکم فی صورة ثالثة منها بأنّ المرجع استصحاب حکم الخاصّ، وهى ما إذا کان الزمان ظرفاً لثبوت الحکم فی کلّ واحد من العام والخاصّ.

ثمّ استدرک بأنّه لو کان الخاصّ غیر قاطع لاستمرار حکم العام کما إذا کان الخاصّ مخصّصاً له من الأوّل لما ضرّ بالتمسّک بالعام حینئذ فی غیر مورد دلالة الخاصّ بل یکون أوّل زمان استمرار حکم العام بعد زمان دلالة الخاصّ، فإذا قال مثلا اُوفوا بالعقود وخصّص أوّله بخیار المجلس فی الجملة على نحو تردّد الخیار بین أن یکن هو فی المجلس الحقیقی عیناً أو فیه وما یقرب منه صحّ التمسّک بعموم اُوفوا بالعقود لإثبات اللزوم فی غیر المجلس الحقیقی ولو کان ممّا یقرب منه، بخلاف ما إذا قال اُوفوا بالعقود وخصّص وسطه بخیار الغبن أو العیب ونحوهما وتردّد الخیار بین الزمان الأقل والأکثر، فلا یصحّ التمسّک بعموم اُوفوا بالعقود لإثبات اللزوم بعد انقضاء الزمان الأقل.

وحکم فی صورة رابعة بأنّ المرجع سائر الاُصول، وهى ما إذا کان الزمان ظرفاً لثبوت حکم العام وقیداً لموضوع الخاصّ، لأنّ المفروض عدم العموم الأزمانی للعام حتّى یرجع إلیه، وأنّ الزمان قید لموضوع الخاصّ فلا یمکن الاستصحاب فیه لتبدّل الموضوع (انتهى کلامه).

أقول: هیهنا اُمور تجب الإشارة إلیها:

الأوّل: أنّه لا یصحّ التفکیک بین العام والخاصّ بجعل الزمان فی أحدهما قیداً وفی الآخر ظرفاً، لأنّ المفروض أنّ الخاصّ بعض افراد العام وداخل فیه ثمّ خرج، فإن لم یکن قیداً ودخیلا فی المصلحة أو المفسدة ففی کلیهما، وإن کان قیداً ودخیلا فیها ففی کلیهما أیضاً، وحینئذ تصیر الصور المتصوّرة فی المسألة اثنتین لا أربعة.

الثانی: أنّه لا مانع من استصحاب حکم الخاصّ حتّى فی الصورة الرابعة لأنّ الزمان فیها وإن کان قیداً ولکنّه لیس قیداً للموضوع حتّى یتبدّل الموضوع بمضیّه، بل إنّه قید للحکم فی أمثال المقام غالباً، فلا إشکال فی أنّ یوم الجمعة فی مثال، لا تکرم زیداً یوم الجمعة لا یکون قیداً لا لزید الذی یکون موضوعاً لوجوب الإکرام ولا للإکرام الذی یکون متعلّقاً للوجوب، بل إنّه قید لنفس الوجوب، وحینئذ یکون الموضوع السابق باق على حاله ویستصحب حکمه.

الثالث: إنّ ما ذکره من الاستدراک فی القسم الثالث من إمکان الرجوع إلى العام فیما إذا کان التخصیص من الأوّل لا یمکن المساعدة علیه، لأنّ المفروض أنّ الحکم فی العام واحد مستمرّ ولا ینحلّ ولا یفرّد بالزمان، وحینئذ إذا انقطع هذا الحکم بالتخصیص ولو کان من الأوّل یحتاج إثباته بعد الانقطاع إلى دلیل.

ثمّ إنّ بعض الأعلام بعد أن فسّر تفصیل الشیخ الأعظم(رحمه الله) (بین ما إذا کان للعام عموم أزمانی وما إذا لم یکن له عموم أزمانی) بأنّ العموم الأزمانی تارةً یکون على نحو العموم الاستغراقی واُخرى یکون على نحو العموم المجموعی، إستشکل علیه بأنّه مخالف لما نقّحناه فی بحث العام والخاصّ من عدم الفرق فی جواز الرجوع إلى العام بین کونه استغراقیاً أو مجموعیاً، فکما لا فرق بینهما فی الأفراد العرضیّة ویرجع إلى العموم فی غیر ما علم خروجه بمخصّص سواء کان بنحو العموم الاستغراقی (کما فی مثال أکرم العلماء) أو کان بنحو العموم المجموعی (کما فی مثال أکرم هذه العشرة، فیما إذا کان المراد إکرام مجموع العشرة من حیث المجموع ثمّ علمنا بخروج زید منها) لأنّ التخصیص (تخصیص مجموع العشرة بزید) لا یمنع شمول العام للاجزاء الاُخر، کذلک لا فرق بین العموم الاستغراقی والعموم المجموعی بالنسبة إلى الأفراد الطولیّة فی جواز الرجوع إلى العام مع الشکّ فی التخصیص، غایة الأمر أنّه یثبت بالرجوع إلى العموم الاستغراقی حکم استقلالی، وبالعموم المجموعی حکم ضمنی للجزء المشکوک فیه(1).

أقول: الحقّ هو وجود الفرق بین العام الاستغراقی والعام المجموعی فی المقام، وما أرسله إرسال المسلّم فی باب العام والخاصّ فی غیر محلّه، وذلک لأنّ العام فی العموم الاستغراقی کلّی له أفراد کثیرة ویتعدّد الحکم فیه بتعدّد افراده فإذا خرج فرد واحد بقیت سائر الافراد على حالها.

بخلاف العموم المجموعی فإنّ العام فیه وجود واحد مستمرّ له أمر واحد، وتعلّق هذا الأمر بالمجموع بما هو مجموع، فإذا خرج جزء منه سقط الأمر المتعلّق بالمجموع، ولا أمر آخر یثبت الحکم به، ولذلک یکون مقتضى القاعدة فی صیام شهر رمضان سقوط الصیام عن الوجوب إذا اضطرّ المکلّف بالأکل أو الشرب ولو فی ساعة، إلاّ أن یدلّ دلیل خاصّ على بقاء الوجوب کما فی ذی العطاش على قوله، وکما أنّه قد یقال بذلک فی باب الصّلاة فی فاقد الطهورین لأنّ المفروض أنّ الصّلاة والطهارة کأمر واحد لا یمکن التفکیک بینهما.

ولذلک لا یتمسّک الفقهاء لإثبات بقاء الوجوب بعموم العام فی هذه الموارد بل یستدلّون بقاعدة المیسور.

نعم إذا کان الخاصّ فی العام المجموعی متّصلا کما إذا قال: «أکرم مجموع العشرة إلاّ زیداً» کان العموم بعد إخراج الفرد المخصّص باقیاً على حاله، لأنّ العام ینعقد ظهوره فی الباقی من الأوّل.

وخلاصة الکلام أنّ هیهنا أقساماً ثلاثة من العموم:

1 ـ العموم الاستغراقی، کما إذا قال اُوفوا بالعقود فی کلّ یوم.

2 ـ العموم المجموعی، کما إذا قال: اُوفوا بالعقود فی مجموع الأیّام.

3 ـ العموم المستفاد من مقدّمات الحکمة ومن طریق الاطلاق، کما أنّه کذلک فی قوله تعالى (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ).

وقد ظهر ممّا ذکر ما هو الصحیح فی القسم الأوّل والثانی، وأمّا الثالث فلا یمکن الرجوع فیه إلى العام، وذلک لأنّ العموم الأزمانی هنا متفرّع على العموم الأفرادی فإذا دخل فرد من العقود تحت «اُوفوا بالعقود» أمکن دعوى الاطلاق فیه من حیث الأزمان بمقدّمات الحکمة، وأمّا إذا خرج فرد منه ولو على بنحو الإبهام کما فی خیار الغبن فلا یمکن دعوى الاطلاق فیه بعد ذلک، لأنّ دعوى الاطلاق فرع بقاء هذا العقد (العقد الغبنی) تحت اُوفوا بالعقود، فإذا خرج منه بالتخصیص لا یبقى مجال للأخذ بالإطلاق، فتأمّل.


1. راجع مصباح الاُصول: ج3 ص216 ـ 224، طبع مطبعة النجف.
التنبیه الثالث عشر: استصحاب الکتابیالتنبیه الخامس عشر: فی المراد من الشکّ فی المقام
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma