الظاهر قیام الإجماع على البراءة عن الأکثر فیه، ووجهه واضح، لرجوعه إلى الشبهة البدویّة بالنسبة إلى الأکثر، کما إذا دار الأمر فی الصلوات الفائتة بین عشر صلوات وخمس عشرة، (هذا فی الشبهة الموضوعیّة)، وکما إذا علمنا بفوات عدّة صلوات یومیّة وغیرها کصلاة الآیات، وشککنا فی وجوب قضاء غیر الیومیة (وهذا فی الشبهة الحکمیّة) فتجری البراءة بالنسبة إلى خمس صلوات فی المثال الأوّل وبالنسبة إلى غیر الیومیة فی المثال الثانی.

نعم، إذا کان فی البین أصل موضوعی یوجب ارتفاع موضوع البراءة فلا إشکال فی تقدّمه علیها وعدم الحاجة إلى جریانها، کما إذا علمنا بفوات الصّلاة فی یومین، وشککنا فی فواتها فی یوم ثالث، فتجری حینئذ أصالة عدم الإتیان (استصحاب عدم الإتیان) ویثبت بذلک فوت الصّلاة الموضوع لوجوب القضاء، بناءً على أنّ القضاء بأمر جدید، وموضوعه عنوان الفوت، (وبناءً على کون الفوت أمراً عدمیّاً یساوق عدم الإتیان، لا ما إذا کان من قبیل عدم الملکة فیکون الأصل مثبتاً، وتوضیح الکلام فی محلّه).

ثمّ إنّ المحقّق النائینی(رحمه الله) قد تفطّن فی المقام إلى جریان هذا القسم من الدوران فی الشبهات التحریمیّة أیضاً (ونعم ما تفطّن به) ومثّل له بتردّد الغناء بین أن یکون هو مطلق ترجیع الصوت أو بقید کونه مطرباً، وقال: «الظاهر أن تکون الشبهات التحریمیّة على عکس الشبهات الوجوبیّة، فإنّه فی الشبهات الوجوبیّة یکون الأقل متیقّن الوجوب والأکثر مشکوکاً، وفی الشبهات التحریمیّة الأکثر متیقّن الحرمة (وهو فی المثال ترجیع الصوت المطرب) والأقل مشکوکاً (وهو فی المثال الترجیع بلا طرب) والأقوى جریان البراءة عن حرمة الأقلّ مطلقاً، الأقلّ سواء کانت الشبهة حکمیّة (کما فی المثال) أو موضوعیّة (کما إذا شککنا فی کون الصوت الفلانی مطرباً أو غیر مطرب؟) ... وسواء کان الأقلّ والأکثر من الارتباطیین أو غیره(1).

هذا تمام الکلام فی أصالة الإشتغال، والحمد لله أوّلا وآخراً.

خاتمةفی شرائط جریان الاُصول

المقام الأوّل: فی شرائط جریان أصالة الاحتیاط

المقام الثانی: فی شرائط جریان سائر الاُصول:

1 ـ شرائط الإجراء بالنسبة إلى الشبهة الحکمیّة

2 ـ شرائط الإجراء بالنسبة إلى الشبهة الموضوعیّة

الکلام فی الجاهل المقصّر

کلام الفاضل التونی فی المقام

الکلام فی قاعدة لا ضرر

1. فوائد الاُصول: ج 4، ص 148 ـ 149، طبع جماعة المدرّسین.