الطریق الرابع و الخامس من الطرق التجربیة لإثبات إستقلال الروح قضیة إنتقال الأفکار و لاسیّما من الطرق البعیدة، و هذا هو الشیء الذی یصطلح علیه الیوم باسم «الحاسة السادسة».
حیث یقوم شخصان ممن لهم إستعداد روحی کافی و بعد عدة تمارین بالتحدث إلى بعضهما البعض من بعید دون الاستفادة من أیة وسائل، کما یقرأ کل منهما أفکار الآخر، و قد یحصل هذا الأمر فی جلسة أو منطقة أو منطقتان نائیتان.
کثیراً مایشعر الآباء و الأمهات و الأقرباء و الأصدقاء المقربین بحالة من القلق و الاضطراب دون أن یعرفوا السبب الذی یقف وراء ذلک، فلا تمضی مدّة حتى یتبیّن أن حادثة مأساویة وقعت لفرد یحبّونه و کأنّهم تحسسوا ذلک من بعید وقد إتصلت القلوب مع بعضها لتخبر بتلک الحادثة.
و قد نقل «فلا ماریون» العالم الفلکی المعروف فی کتاب «أسرار الموت» نماذج کثیرة بهذا الخصوص عن عدّة أفراد و فی مختلف نقاط العالم، و لو فرضنا أنّ بعضها کان مصادفة أو خیال أو سذاجة، لکن هل یمکننا إنکارها جمیعاً.
فهل یمکن تبریر قضیة إنتقال الفکر عن طریق التفاسیر المادیة للروح؟ و إذا إعتبرنا الفکر ظاهرة مادیة صرفة، فکیف یمکن أن ینتقل بهذه الصورة دون الاستفادة من الوسائل المادیة حتى أنّ مسألة الزمان و المکان لیست مطروحة بهذا الشأن.
یقوم المرتاضون و استناداً إلى قوّة الإرادة و دون اللجوء إلى الوسائل بتحریک بعض الأجسام فی الهواء أو إیقافها عن الحرکة، کما یکتفون بنظرة واحدة لإعوجاج فلز أو کسره (حیث ذکرت الصحف أخیراً نماذج من ذلک، حیث قام شاب مرتاض فی إنجلترا و بحضور عدد من الصحفیین والمراسلین و أمام العدید من الأفراد بثنی الأشیاء الفلزیة، بل کان یقوم بذلک العمل فی العدید من البلدان و کان المراسلون یتناقلون ذلک).
أو یضعون مرتاضاً لمدّة أسبوع فی تابوت ثم یدفنونه تحت التراب و بعد المدّة المذکورة یخرجونه و یعملون له تنفساً إصطناعیا فیعود تدریجیاً إلى حالته الطبیعیة، و قد ذکروا أحد نماذج ذلک فی الصحافة حیث قام بذلک
المرتاض «هاریک لوس» فی إحدى المدن الهندیة أمام الحاکم الإنجلیزی «کلودیوس فایدو». فقد جعلوه فی تابوت و أقفلوه ثم دفنوه تحت التراب وأوکلوا من یحرسه لیل نهار و قد حضر عند قبره الآلاف من صحبه و أتباعه وهم یشاهدون ذلک المنظر العجیب، و بعد مدّة أخرجوه و قد بدا بدنه ذابلا وجلده میتاً بحیث لا تشاهد فیه آثار الحیاة، ثم أخذوا یرشّون علیه الماء الحار شیئاً فشیئاً و عملوا له تنفساً إصطناعیاً حتى عاد إلى وضعه، فکیف نفس هذه القضیة و سابقاتها إن إعتبرنا الروح من الخواص الفیزیائیة والکیمیائیة الصرفة لخلایا الدماغ، و هل للخواص الفیزیائیة و الکیمیائیة لخلایا الدماغ القدرة على حرکة جسم أو ثنی فلز و ما شابه ذلک من الأفعال العجیبة؟
