رؤیتنا لهذا العالم

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
المعاد و عالم مابعد الموت
الطریق الرابع إشکال محیّر

عبرنا فی إحدى سفراتنا الصیفیة من وسط غابة، فطالعنا المشهد الطبیعی الرائع للغابة و الأشجار الهادئة الطافحة بالأسرار، و زمزمة أوراق الأشجار التی تعبث بها الریاح، کانت هناک الحیوانات و الحشرات و الطیور ولکل ممیزاته وحکایته الطویلة الخاصّة به، کان کل ذلک یثیر فینا نحن الضیوف العابرون دافع الحیویة و النشاط، و لاسیّما فی ظل التعب و الأرهاق الذی عانینا منه بسبب حیاة المکننة المعاصرة، فقد عدنا إلى أحضان الطبیعة، الطبیعة التی ملأت بالطائف و الظرائف الجمیلة التی تبعث الحیاة و السرور فی أرواحنا الهامدة، وذلک لأنّ الخطوط و النقوش و المشاهد و المناظر کانت معروفة و مألوفة لأرواحنا، لا من قبیل المناظر المصنوعة التی تفقد الروح و الحرکة.

طبعاً کل ما شاهدناه هو حکایة الغابة الیوم، و الحال قد یکون لهذه الغابة تاریخ عریق بما یمتد إلى مئات ملایین السنین، و لعلها تستمر فی المستقبل و یمرّ علیها مثل هذه المدّة، إن لم تأتی علیها الحیاة التکنولوجیة المعاصرة الخشنة و الحافة «و القاتلة» لتحیلها إلى خراب دائم.

لعل هذه الشجرة الماثلة أمامنا الآن و یبدو لها ثلاثین سنة قد ولدت مئات الآلاف من المرات لحدّ الآن، فقد ماتت و تعفنت و أصحبت تراب، ثم دبّت فیها الحیاة من جدید من خلال بذرة صغیرة فانجذبت لجذورها واستأنفت حیاتها، ولایعلم کم مرّة ستتکرر علیها صورة الحیاة و الموت فی المستقبل.

لو شبهنا مجموعة عالم الوجود بتلک الغابة لکانت منظومتنا الشمسیة إحدى أشجارها و کرتنا الأرضیة أحد أغصانها، و من الممکن أن تکون هذه المنظومة و هذه الکرات أن تکون قد توفت و ولدت آلاف المرات، فقد تعفنت و تلاشت ثم إستعادت حیاتها من جدید على غرار تلک الشجرة فی الغابة ـ أو لم یصرّح الجیوفیزیائیون بشأن الانطفاء التدریجی للعالم و ظهور

حالة البرودة و الرتابة فیه و من ثم تجدد الحیاة بانفجار جدحة عظیمة أخرى فی مرکز ذلک العالم الذی لاروح فیه، ففی الحقیقة إنّ حیاتنا لیست بعیدة الشبه عن حیاة حفنة من الکائنات الحیّة المجهریة على ورقة طافیة وسط محیط عظیم، کل الذی نراه هو أمواج تعبث بشراعنا یمیناً و شمالا، غیر أنّه لیس من الواضح لدینا أنّ هذه الأمواج تنطلق من أیة نقطة فی المحیط.

و بناءاً على هذا فما نورده بشأن عظمة عالم الوجود إنّما یمثل قبس صغیر لا یعد شیئاً إزاء سعة الوجود، فهو على درجة من الصغر یصعب حتى تصورها.

إلاّ أن نفس هذا القبس الصغیر هو عظیم للغابة و محیّر، و هو لوحة رائعة ومذهلة فی عظمتها و بنیتها.

نعلم أنّ أبعاد هذا العالم فی الماضی خمنت بثلاثة آلاف ملیون سنة ضوئیة (ذلک المقیاس الفضائی الذی تبلغ سنته مالایحصى و یقدر مقارنة بوحدات القیاس الأرضیة)، ولکن إصطدم أحد العلماء أخیراً فی إحدى مطالعاته بکوکب أو منظومة فی الجانب الآخر من المجرّات محتملا أنّها تبعد عنّا مسافة 12 میلون سنة ضوئیة! و إن إدعى هذا العالم أنّ الفضاء بعد ذلک الکوکب یغط فی ظلمة «العدم»، و لیس ورائه شیء، إلاّ أنّ الأفضل أن نقول: فی ظلمة «جهلنا وقلّة معرفتنا»، و کما تضاعفت آفاق العلم خلال بضع سنوات، فلعلها تزداد بنفس هذه النسبة خلال السنوات القادمة و کذلک....

و فی هذا العالم العظیم یوجد کل نوع من أنواع الموجودات و الکائنات التی یمکن أن نتصورها، فهناک الحیاة فی صور مختلفة و متنوعة بأجهزة وإمکانات غایة فی الاختلاف، حتى قال العلماء بأنّ کرتنا الأرضیة لوحدها و فی مجال الحشرات تضم أکثر من مئتی ألف نوع تختلف عضویة أبدانها تماماً عن بعضها البعض الآخر، و إن قبلنا ما أورده علماء الطبیعة أنّ فی المجرّة التی تعتبر منظومتنا الشمسیة جرحاً بسیطاً فیها مئات ملایین الکوالکب المأهولة، مع سائر الکائنات الحیّة المتنوعة الاُخرى، حتى یستحیل علینا تصور أطوار الحیاة و کیفیة ممارستها من قبل الکائنات، و هذا ما یقودنا إلى إدراک التنوع العجیب للحیاة فی هذا العالم.

و هنا نتأمل قول القرآن الکریم: (اَوَ لَمْ یَرَوْا اَنَّ اللهَ الَّذی خَلَقَ السَّموَاتِ وَ الْأَرْضَ وَلَمْ یَعْىَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِر عَلَى اَنْ یُحیىَ الْمُوتى بَلَى إِنَّهُ عَلَى کُلِّ شَىء قَدیِر)(1).

و هل إحیاء الموتى شیء أرفع و أهم و أعقد من ظهور هذه العوالم الواسعة بکائناتها المتنوعة؟

حقاً لایرى ذلک صعباً إلّا من غرق فی ذاته و قدرته المحدودة الزهیدة، بینما العلماء الذین ینظرون بآفاق واسعه إلى عالم الوجود و یقفون على مدى العجائب التی تکتنفه، فهم یرون بساطة عودة الإنسان إلى تلک الحیاة بعد الموت.

و هذا ما صرح به القرآن الکریم بصیغة أخرى فقال:

(اِنَّما اَمْرُهُ اِذَا اَرادَ شَیْئاً اَنْ یَقُولَ لَهُ کُنْ فَیَکُونُ * فَسُبْحانَ الَّذی بِیَدهِ مَلَکُوتُ کُلِّ شَىء وَ إِلَیْهِ تُرْجَعُونَ)(2).

فالآیتان و بالالتفات إلى الآیات السابقة تثبتان إمکانیة القیامة عن طریق عمومیة قدرته سبحانه و تعالى.


1. سورة الاحقاق، الآیة 33.
2. سورة یس، الآیة 82 ـ 83.

 

الطریق الرابع إشکال محیّر
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma