حلّ الإشکال

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
المعاد و عالم مابعد الموت
إجابات غیر مقنعةأین النار و الجنّة؟

لحلّ هذه المشکلة لابدّ من العودة إلى الأبحاث السابقة و إصلاح الخطأ الناشىء من مقارنة عذاب یوم القیامة و عقوبته بسائر العقوبات، لیتضح من خلال ذلک عدم وجود أی منافاة لمسألة الخلود مع عدالة الحق سبحانه، ولإتضاح الأمر لابدّ من تسلیط الضوء على ثلاث مقدمات:

کما ذکرنا آنفا فإنّ العقاب الأبدی و الخالد یختص بالأفراد الذین أغلقوا على أنفسهم کافة سبل النجاة و قد مارسوا الکفر و النفاق عمداً و قد طبع الذنب على قلوبهم حتى عادوا أنفسهم معصیة و خطیئة کما وصفهم القرآن الکریم: (بَلَى مَن کَسَبَ سَیِّئَةِ وَ اَحَاطَتْ بِهِ خَطِیئَتُهُ فَاُولئِکَ اَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِیهَا خَالِدُونَ)(1).

یخطىء من یظن أنّ مدة العذاب لابدّ أن تتناسب و مدّة الذنب، لأنّ الرابطة بین «الذنب» و «العقاب» لیست زمانیة بل رابطة کیفیة، أی أنّ زمان العقاب یتناسب و کیفیة الذنب لا مقدار زمانه، مثلا یمکن أنّ یرتکب فرد قتل نفس فی لحظة فیحکمه القانون بالسجن المؤبد، فنرى هنا أنّ زمان الذنب لحظة بینما قد تکون عقوبتها ثمانین سنة فی السجن.

و علیه فالقضیة تتوقف على «الکیفیة» لا «کمیة الزمان».

قلنا سابقاً أنّ لعقاب الآخرة حیثیة الأثر الطبیعی للعمل و خاصیة الذنب، و بعبارة أوضح: الألم و المعاناة التی یعانیها المذنبون فی العالم الآخر هو أثر ونتیجة أعماله، فقد جاء فی القرآن الکریم:

(فَالْیَومَ لاَتُظْلَمُ نَفْس شَیْئاً وَ لاَتُجْزَونَ اِلاّ مَاکُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)، (وَ بَدا لَهُمْ سَیِّئَاتُ مَاعَمِلُوا وَ حَاقَ بِهِمْ مَاکَانُوا بِهِ یَسْتَهْزِؤُنَ)،(فَلاَ یُجْزَى الَّذِینَ عَمِلُوا السَّیِّئاتِ اِلاَّ مَاکَانُوا یَعْمَلُونَ).

و قد أوردنا عدّة توضیحات بهذا الخصوص فی بحث تجسم الأعمال.

و بعد أن إتضحت هذه المقدمات الثلاث لا تبدو الإجابة على الإشکال صعبة، و یکفی فی الوصول إلیها الإجابة على هذه الأسئلة: لنفرض شخصاً أصیب بقرحة فی المعدة إثر تناوله المشروبات الکحولیة لاسبوع متتالی بحیث لابدّ له من تحمل هذا الألم إلى آخر عمره، فهل هذا التناسب بین العمل السیىء و نتیجته على خلاف العدل؟

و إذا فرضنا أنّ عمر هذا الفرد بدلا من ثمانین سنة کان ألف أو ملیون سنة و لابدّ أن یتحمل الألم لملیون سنة بسبب تهوره لاسبوع، فهل هذا یناقض العدالة؟ و الحال قد أنذر سابقاً من العاقبة الخطیرة لهذا العمل.

و لنفرض أنّ فرداً ضرب عرض الحائط قوانین المرور التی تعود رعایتها بالنفع العام و الحد من الحوادث، و لم یصغ لأقوال الأصدقاء و تحذیراتهم فارتکب حادثة فی لحظة ففقد عینیه أو یدیه و رجلیه، و علیه أن یتحمل لسنین طوال هذا العمى أو قطع الید و الرجل، فهل هناک من تناقض والعدالة؟

و قد ضربناً سابقاً مثالا بهدف تقریب المطالب العقلیة للذهن، فقلنا نفرض شخصاً زرع شوکاً ثم رأى نفسه بعد بضعة أشهر وسط مساحة شاسعة من الشوک فهی تؤذیه دائماً... أو نثر بذور الزهور ـ عن علم ـ لیرى بعد مدّة أنّه وسط حدیقة غنّاء ملیئة بالأوراد و الزهور بروائحها العطرة، فهل مثل هذه الأمور التی تمثل نتائج عمله تتنافى و العدل، و الحال لیست هناک من مساواة بین کمیة العمل ونتیجته، و نستنتج ممّا سبق:

حین یکون الثواب و العقاب نتیجة و أثر لنفس عمل الإنسان لا یعد هنالک من مجال لطرح مسألة المساواة من حیث الکمیة و الکیفیة، فربّما کان العمل بظاهره صغیراً و أثره عمراً من الحرمان و العذاب و الألم، و لعله یکون صغیراً و یکون مصدراً للخیر و البرکة طیلة العمر.

(طبعاً مرادنا من العمل الصغیر من حیث المدّة الزمانیة و إلاّ فالأعمال والذنوب التی تؤدّی إلى العذاب الأبدی سوف لن تکون قطعاً صغیرة من حیث الکیفیة و الأهمیّة).

و علیه فإن أحاط الذنب و الکفر بجمیع کیان الإنسان و تمام وجوده حتى یؤدّی به فی نار کفره و نفاقه فلم التعجب من حرمانه من النعم الواسعة فی ذلک العالم وخلوده فی العذاب و الألم؟!

ألم یأته النذیر و یحذر من هذا الخطر العظیم؟

بلى... فقد أنذره الأنبیاء من جانب و حذره العقل من جانب آخر.

هل وقع فی ذلک دون إرادة و إختیار فابتلى بذلک المصیر؟ کلا، لقد بلغه عن علم و إختیار.

فهل صنع هذا المصیر سواه و عمله؟ فکل ما هنالک من آثار عمله و نتائجه، و علیه فلیس هنالک من مجال للشکوى و لا إشکال على أحد و لا من منافاة مع عدل الحق سبحانه.

بقیت قضیة واحدة نختتم بها البحث، فقد قال الصادق (علیه السلام):

(اَنَّما خُلِّدَ اَهْلُ النَّارِ فی النَّارِ لأَنَّ نِیّاتِهِمْ کَانَتْ فی الدُّنیَا اَنْ لَوْ خُلِّدُوا فِیهَا اَنْ یَعْصُوا اللهَ اَبَداً وَ اِنَّما خُلِّدَ اَهْلُ الْجَنَّةِ فِى الْجَنَّةِ لأَنَّ نِیّاتِهِمْ کَانَتْ فی الدُّنْیا اَنْ لَوْ بَقُوا فِیهَا اَنْ یُطیعُوا اللهَ اَبداً، فَبِالنِّیّاتِ خُلِّدَ هؤُلاءِ وَهؤُلاءِ)(2).

فلو نظرنا لهذا الحدیث لبدت لنا فی البدایة بعض الأسئلة التی لا یسهل الردّ علیها، لأنّ عقد العزم على الذنب لایکفی لکل ذلک العقاب بالاضافة إلى ما ورد فی الروایات بشأن نیّة الذنب لوحدها لیست ذنباً فضلا عن عقوبته الخالدة، إلاّ أنّه یمکن القول بعد التمعن أنّ هذا الحدیث إشارة لطیفة إلى الأبحاث السابقة، لأنّ نیّة الذنب الأبدی فقط لاُولئک الذین طبع وجودهم بالذنب و قد أغلقوا على أنفسهم کافة سبل النجاة و إحترقوا بمعاصیهم.

و بعبارة أوضح: إنّ هذه النیّة لا تؤثر بمفردها، بل «الخلود» خاصیة تلک الروح الملوثة و الطائشة المصممة على الذنب الدائم، و من یبتلی بمثل هذه الحالة إثر الذنب فإنّه یبتعد عن الله بحیث لا یبقی له من سبیل إلى العودة و هذا من آثار أعماله.


1. سورة البقرة، الآیة 81.
2. وسائل الشیعة، ج 1، ص 36، الحدیث 4.

 

إجابات غیر مقنعةأین النار و الجنّة؟
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma