نوافذ على العالم الآخر

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
المعاد و عالم مابعد الموت
خرافات مضحکة و مؤسفة! القیامة تهب الحیاة نکهته

کیف أزالت الأبحاث العلمیة الحدیثة أغلب الصعوبات التی کانت تبدو ماثلة فی طریق الحیاة بعد الموت و التی کان یتصورها بعض ضعاف التفکیر وضیقی الأفق أنّها من المحالات؟

فقد طرب ذلک الإعرابی فرحاً حین عثر على عظم رمیم لإنسان لعله کان فریسة لحیوان مفترس، أو إستسلم للموت إثر موته عطشاً فی صحراء الحجاز القاحلة فصرخ من أعماقه «لأخصمن محمداً» و أثبت له إستحالة ما یزعم بخصوص إحیاء الأموات.

و لعله قد حدّث نفسه قبل ذلک: هل هناک من رأى أو سمع بفاکهة متعفنة ومن ثم فاسدة و جافة قد عادت فاکهة طریة غضة من جدید؟ أم هل هناک من سمع عودة هذا اللبن الذی ترتضعه الناقة من ثدی أمّها و قد أصبح جزءاً من لحمها و عظمها لبن مرّة أخرى و عاد إلى الثدی؟

ثم إنّ هذا العظم الخاوی الیوم سیصبح غداً تراباً ثم تنثره العواصف الرملیة لهذه الصحاری الواسعة هنا و هناک بحیث لایبقى منه أدنى أثر، فأی عقل یرى أنّه سیعود ثانیة على هیئة طفل جمیل و فتى قوی و کهل فطن؟

إنّ مثل هذا الکلام لاینطلی سوى على المجانین!

(وَ قَالَ الَّذِینَ کَفَرُوا هَلْ نَدُلُّکُمْ عَلَى رَجُل یُنَبِّئُکُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ کُلَّ مُمَزَّق إنَّکُمْ لَفی خَلْق جَدِید * أَفَتَرَى عَلَى اللهِ کَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةُ...)(1)

و هکذا کانت مسألة الإیمان بالله الذی لا یُرى تعدُّ من أعقد المشاکل التی ثقلت على أفکار أهل الجاهلیة رغم سماعهم لزمزمة القیامة التی کانت تنبعث من داخل فطرتهم، إلاّ أنّ ضوضاء جهلهم وصخبه کان یصادر لطافة تلک الزمزمة و یفقدها فاعلیتها فی أنفسهم و لعل هؤلاء لایعلمون أنّ هذه التمرة الجافة والمتعفنة التی ضاعت فی طیات التراب قد تکون أصبحت جزءاً من الأرض عشرات المرات ثم ظهرت على غصن نخلة بعد أن إنطلقت من جذورها فنمت وتفتحت لتصبح ثمرة لذیذة طریة ثم جفت و وقعت ثانیة على التراب، أو لبن النافة الذی أصبح لمرات جزءاً من رضیعها و ما إن مات و عاد تراباً حتى عاد إلى التراب فمر بجذور نبات أو شوکة لیصبح جزءاً من بدن ناقة أخرى ثم جرى فی عروقها لینتقل إلى ثدیها و بالتالی یعود لبناً جدیداً!

و بالطبع فإنّ هذا الفکر الجاهلی الذی یرى إستحالة عودة الکائنات الحیّة وعدم إمکانیة إعادة المعدومات لم یسود عقل عقل ذلک الإعرابى فحسب، بل قد یتجلى ذلک بصورة أخرى فى عقل فلیسوف لیرى قضیة «إعادة المعدوم» لو کانت هناک قیامة و معاد و إعادة المعدوم محال!

إلاّ أنّ الرقی و التکامل الذی بلغته العلوم الطبیعیة ـ و خلافاً لما کان یتوقعه أصحاب النزعة المادیة ـ قد أزاح الستار عن بعض الأسرار بحیث إتضحت على ضوء ذلک قضیة المعاد و الحیاة الأخرى بعد الموت بما لایدع مجالا للشک.

و فی الحقیقة فإنّ أعلام العلوم الطبیعیة کالباحثین الذین یقفون کل یوم فی حفریاتهم على آثار جدیدة تتعلق بالحضارات السابقة طبعاً قد یبذل هؤلاء الباحثون و المنقبون جهودهم بالبحث عن الأشیاء القدیمة والتحفیة لغرض تحقیق بعض الأرباح المادیة، لکن من المسلم به أنّ هناک آثاراً أخرى لهذه الجهود و التی تتمثل بالوقوف على کیفیة ظهور المدنیات السابقة و مدى مهارة بناء تلک المدنیات.

توضیح ذلک:

دلّ تقدم العلوم التجریبیة لأول مرّة على عدم وجود الفناء المطلق والعدم التام بتاتاً بالنسبة لمواد العالم و الذی کان یستحوذ على عقول الکثیر من القدماء، فقد أثبت العالم الفرنسی المشهور «لافوازیه» إنّ أی مادة فی الکون لا تفنى، بل مواد العالم تتحول دائماً من شیء إلى آخر، فلو أحرقنا شجرة ونثرنا رمادها فی الهواء، أو أشعلنا مقداراً من البنزین بأکمله بحیث لا تبقى ذرة منه، فلیس هناک أی فارق یحدث فی المواد الموجودة فی العالم، و على أساس الفرض الأول فإنّ ذرات الشجرة تحللت و انتشرت فی الأرض والهواء فأصبح جزء منها رماداً و آخر تبدل إلى غازات کاربونیة (مرکب من کاربون الشجرة و اوکسجین الهواء) و لو توفرت الوسائل التی تقوم بجمعها من أتون أجزاء الأرض والسماء و فصلنا عنها اوکسجین الهواء ثم رکبنا بعد ذلک جمیع الأجزاء لعادت تلک الشجرة الأولى دون أن ینقص منها حتى واحد بالألف من الغرام، و فی الفرض الثانی (الإحراق التام للبنزین) یتبدل جمیعه إلى غازات یمکن إعادتها إلى البنزین الأول ثانیة دون أی نقص من خلال جمع تلک الغازات و ترتیبها من جدید، و علیه فقد

تقودنا حالة عدم الدقة التی نمارسها فنطلق جزافاً أنّ هذه الأشیاء قد فنت، فی حین لیس هنالک شیء یفنی بل یتحول من شیء إلى آخر. و الواقع هو أنّ هذه العملیة بالضبط کتبدیل النقود من عملة إلى أخرى باسعار ثابتة - من قبیل تبدیل الدولار إلى دنیار ـ فلم یحصل سوى تبدل شکل العملة و إلاّ فقیمتها ثابتة ویمکن إعادة العملة الأخیرة إلى سابقتها فی أی وقت، و هذا ما علیه الحال بالنسبة لمواد العالم التی تتحول من شکل إلى آخر.

و على هذا الأساس ففی قضیة تشتت ذرات بدن الإنسان لیس هنالک شیء یفنى و یزول و قد ادخر فی صندوق توفیر عالم الطبیعة ویمکن سحبها فی أی زمان.

طبعاً هنا مسألة أخرى مطروحة و هی أنّ هذه الأجزاء قد تصبح أحیاناً جزءاً من بدن إنسان آخر و یبدو أنّ ذلک یسبب بعض المشاکل بخصوص إعادة حیاة الموتى، حیث یمکن أن تتصارع عدّة أرواح بغیة الحصول على بعض الأجزاء المعینة حیث تدعی کل روح أنّ ذلک الجزء لها، إلاّ أنّنا سنرى قریباً أنّ هذا خطأ محض و لیس هنالک أی صراع من هذه الناحیة، و حتى لو فرض أنّ إنساناً إلتهم بدن إنسان آخر فلیس هنالک أدنى مشکلة فی أمر معادهما.

على کل حال فإن حسابات لافوازیة صحیحة فی کافة المواضع سوى فی موضع واحد تفقد فیه المادة وجودها تماماً دون أن تتبدل إلى مادة أخرى، وذلک فی إنقسام الذرات و الإنفجارات الذریة حیث تتحول فیها المادة إلى طاقة، و یعتبر أول من إکتشف ذلک لأول مرة «مادام کوری» و زوجها «بیر کوری» أثناء مطالعتهما للأجسام الرادیو کتیفیة (الأجسام ذات التشعشعات الذریة و التی تکون ذراتها فی حالة تآکل وزوال). فقد إکتشفا عام 1898 فی

مختبرهما فی باریس عنصراً جدیداً یعرف بالرادیوم و الذی یتصف بخاصیة عجیبة تتمثل بفرزه دائماً للحرارة و الضوء، ثم توصل العلماء بعد عدّة تحقیقات فی هذا المجال إلى أنّ ذرات الرادیوم فی حالة تآکل و زوال على الدوام، و فی الواقع فإنّ هذه الأجسام إنّما تفقد جزءاً من وجودها حین تنبعث من باطنها تلک الطاقة الحراریة و الضوء، و قد أدّى الإکتشاف الکبیر إلى تعدیل قانون بقاء المادة للعالم لافوازیة فحلّ محلّه قانون «بقاء المادة ـ الطاقة»; أی ثبت أنّ مجموع مادة العالم و طاقته ثابتة لیست متغیرة و لاینقص منها مثقال ذرة، فتحول المادة إلى مادة أخرى، و الطاقة إلى طاقة أخرى، و المادة إلى طاقة ممکن، أمّا الفناء و العدم فلیس له من سبیل إلى هذا العالم.

و بناءاً على ما تقدم فلیس فقط ذرات وجودنا فی هذا العالم لا تزول فحسب، بل هی محفوظة فی هذا الصندوق الکبیر إلى جانب أفعالنا وأعمالنا و أقوالنا وتصرفاتنا و حتى أمواج أدمغتنا المغناطیسیة التی تمثل بأجمعها صوراً وأشکالا مختلفة للطاقة حین التفکیر، و لو کانت لدینا الأجهزة و الوسائل الکافیة لأستطعنا سحب کافة الأمواج الصوتیة لأسلافنا ودورهم فی الحیاة.

و نعلم إنّ هذا العمل قد حصل بصورة مصغرة، حیث تمکن العلماء وبالاستفادة من بعض الأمواج الصوتیة المتبقیة على الظروف الخزفیة لما قبل ألفی سنة حیث یحیون أصوات النحّاسین آنذاک و یسمعها الجمیع.(2)

و تشیر المطالعات على بدنة هذه الظروف الخزفیة أنّه حین صنعها قد انتقشت الأمواج لصنّاعها عن طریق رعشات أیدیهم على البدنة و بمساعدة ذلک تعود أصواتهم. أو لیست مثل هذه الأمور خطوات بارزة عریضة من أجل إثبات القیامة على ضوء الدلیل العلمی! فلو کان ذلک الإعرابی حیاً الیوم وإجتاز بعض المراحل الدراسیة العلیا لما کان مستعداً لأن یأتی بذلک العظم الخاوی لیثبت إستحالة المعاد.

بل لو لم یجتاز ذلک الإعرابی بعض المراحل الدراسیة العلیا و إکتفى بمشاهدة أجهزة تسجیل الأصوات و إلتقاط الأفلام السائدة فی عالمنا المعاصر، لما أمکنه کذلک إنکار المعاد.

أفلا یدعونا ذلک إلى الإذعان على عزار ما صرّح به آدولف بوهلر الکیمیائی المعروف قائلا: «إنّ کل قانون یکتشفه الإنسان یقرّبه خطوة إلى الله، و کل قانون یکتشفه یقرّبه خطوة من القیامة و الحیاة الآخرة بعد الموت».

(أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاکُمْ عَبَثاً وَأَنَّکُمْ اِلَیْنَا لاَتُرْجَعُون)(3)


1. سورة سبأ، الآیة 7 ـ 8
2. کتاب الطریق المجتاز
3. سورة المؤمنون، الآیة 115

 

خرافات مضحکة و مؤسفة! القیامة تهب الحیاة نکهته
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma