رغم أنّ القرآن الکریم تحدث على هامش مختلف السور القرآنیة عن القیامة والحیاة ما بعد الموت و خاض فی تفاصیلها، مع ذلک نرى بعض السور التی تصدت لقضیة المعاد من بدایتها إلى نهایتها، و من ذلک سورة الواقعة التی تعالج تقریباً بأجمعها المعاد. و قد تعرضت آیاتها (من الآیة 57 إلى 73 تقریباً سبع عشرة آیة) إلى بحث فلسفة الخلق و قانون التکامل بشکل رائع و بذکر عدّة أمثلة، و خلاصتها کالآتی: «کیف تشکون فی المعاد والقیامة» رغم أنّه:

أولا: إنّا خلقناکم من نطفة فی رحم الأم ثم طویتم مسیرة التکامل حتى أصبحتم أناساً کاملین، فهل لمن جعل النطفة تتکامل جنیناً أن یوقفه عند هذا الحد، أم هل هو عاجز عن إعادة الحیاة بعد الموت؟

ثانیاً: أفلا تنظرون إلى ما تحرثون من الأرض، فهل أنتم تزرعونه أم نحن الزارعون، فلو شئنا لجعلناه حطاماً فلا تحصلوا منه على شیء، إلاّ أنّنا نسیر بهذا العالم نحو السمو و التکامل و ننبت مئات الحبات من حبة قمع واحدة، ثم تصبح جزءاً من بدن الإنسان، فیطوی مرحلة جدیدة من التکامل. أفتنطفىء هذه الشعلة المتوهجة للتکامل بمجرّد موت الإنسان لتتحول إلى تراب لا قیمة له؟ أفلیس هذا العمل عبثاً و لغواً؟

ثالثاً: انظروا إلى هذا الماء العذب الذی تشربون و لا تنسوا أنّه کان ماءاً مالحاً و مرّاً فی البحر، نحن الذین صفّیناه و بعثنا به کغیوم إلى السماء (و کنّا قادرین على نبعث بالأملاح معه إلى السماء) و نستطیع أن نجعله علقماً، إلاّ أنا لم نفعل ذلک و أجرینا علیه قانون التکامل فجعلناه عذباً فراتاً لیصبح جزءاً من بدن النباتات و الناس، فهل نطوی سجل التکامل بموت الإنسان؟ أو لیس هذا ضرباً من العبث؟

رابعاً: انظروا إلى هذه النار التی توقدونها، فهل أنتم أنشأتم شجرتها؟ أم نحن المنشئون من أجل قضاء حوائجکم و تذکیرکم، نحن الذین أمرنا الشمس بأن ترسل أشعتها فجعلنا تلک الشجرة تدخر الطاقة لتقوم بعد ذلک باعادة هذه الطاقة على شکل حرارة لکم فتستفیدوا منها فی حیاتکم، و قد فعلنا کل ذلک من أجل تکاملکم، فهل ینتهی کل شیء بموت هذا الإنسان؟ کلا، لیس الأمر کذلک.

نعم کل هذه الأمور تدل على عدم نهایة الحیاة الواقعیة بموت الجسم.