إجابة أوضح

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
المعاد و عالم مابعد الموت
إجابة و تحقیق 2ـ قلّة التربة على الأرض

لدینا سبیل أوضح لحل هذا الإشکال و الذی یحتاج شرحه إلى مقدمات لابدّ من تأملها بدقة.(1)

إنّ بدننا یتغیر خلال عمرنا عدّة مرّات، کالمسبح الکبیر الذی یرده الماء من قناة صغیرة و یخرج بالتدریج من قناة صغیرة أخرى: فبعد مرور مدّة طویلة یتغیر کلّه دون أن یشعر به، و کما قلنا فی بحث إستقلال الروح أنّ هذا القانون جاری و لا یستثنى منه أی من خلایا البدن حتى خلایا الدماغ.

و یرى البعض أنّ المدّة الزمانیة اللازمة لتبدل جمیع أجزاء البدن بالأجزاء الجدیدة قد تکون سبع أو ثمان سنوات، و هکذا یکون الإنسان الذی له سبعون سنة قد تبدل عشر مرّات منذ بدایة عمره إلى نهایته.

کل بدن یتبدل ینقل صفاته إلى الخلایا التی إستبدلته، و من هنا فإن لون بشرة الإنسان و شکله ولون عینیه و سائر ممیزاته باقیة على حالها طیلة عمره، رغم أنّ مواده قد تکون تغیرت عشر مرات، و ذلک یعزى إلى أنّ الخلایا حین التغیر و التبدل تودع خواصها إلى الخلایا الجدیدة، و الواقع هو أنّ البدن الإنسانی إلى آخر العمر یشتمل على جمیع الممیزات و الصفات والکیفیات التی کانت فی البدن السابق، و من هنا یمکن القول: أنّ آخر بدن للإنسان هو عصارة جمیع الأبدان طیلة عمره.

ما یفهم بوضوح من الآیات القرآنیة إنّ الذی یعاد یوم القیامة آخر بدن للإنسان و الذی یتبدل إلى تراب و له فی الواقع جمیع صفات الأبدان التی تغیّرت طیلة العمر.

فقد ورد فی الآیات القرآنیة الثلاث: (فَاِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ یَنْسِلونَ)(2)، (یَخْرجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ کَأَنَّهُمْ جَراد مُنْتَشِر)(3) و (یَوْمَ یَخْرُجُونَ مِنَ الأَجْدَاثِ سِراعَاً)(4). فالآیات تبیّن أن آخر بدن یعاد یوم القیامة، لأنّ الذی فی القبر لیس سوى تراب آخر بدن.

طبعاً هذا إذا دفن البدن، أمّا إذا تبدلت الأبدان مثلا فی حریق إلى تراب أو فنت بسبب عوامل أخرى فإنّما تعود یوم القیامة ذرات آخر بدن و إن لم یکن هناک من قبر.

و قد ورد فی آخر سورة یس بشأن المعاد:(قُلْ یُحْییَها الَّذی اَنْشَاَهَا اَوَّلَ مَرَّة)(5)

فالآیة تفید أنّ الذی یبعث هو آخر بدن للإنسان، و هنالک عدّة آیات أخرى تؤید هذه الحقیقة. و علیه نخلص إلى هذه النتیجة: إنّ ما یعود یوم القیامة هو آخر بدن الذی یشتمل على کافة الصفات و الخصائص طیلة العمر.

هل یمکن إتحاد بدنین بصورة تامة؟ و بعبارة أخرى هل یمکن أن یتبدل جمیع بدن شخص بفعل التغذیة إلى جمیع بدن شخص آخر؟

الجواب بالسلب، لأنّ بدن الإنسان یمکنه أن یکون جزءاً من بدن إنسان آخر فقط لا کل بدنه، و دلیل ذلک واضح فالشخص الذی یتغذى على آخر کان موجوداً و عن طریق التغذیة على بدن الآخر یجعله جزءاً من بدنه لا کل بدنه، صحیح أنّ بدن الشخص الأول یحلّ بصورة کاملة فی بدن الشخص الثانی، لکن الشخص الأول لا یمکن أن یکون تمام الشخص الثانی قط ولیس له أن یکون جزءاً منه (علیک بالدقّة).

نعم لو فرضنا أنّ إنساناً تغذى على بدن آخر لمدّة سبع سنوات بحیث لم یتناول شیئاً غیره بما فی ذلک الماء و الهواء، ففی هذه الحالة سیکون بدن الإنسان الأول جمیع بدن الثانی، و لکن واضح أنّ هذا الموضوع لیس أکثر من فرض، و لایمکن لشخص أن یستغنی سبع سنوات عن الماء و الهواء، إضافة إلى أنّ هذا الأمر لیس له عادة صورة خارجیة بأن یقتصر غذاء الإنسان على مواد بدن آخر (بغض النظر عن مسألة الماء و الهواء).

و النتیجة لایمکن إتحاد بدنین بصورة تامة و من جمیع الجهات، بل یمکن البدن أن یکون جزءاً من بدن آخر (علیک بالدقّة أیضاً).

کل خلیة من خلایا بدننا تضم جمیع شخصیتنا بحیث لو نمت لاستطاعت تشکیل بدننا، و بعبارة أخرى فإنّ کافة خصوصیات بدننا کامنة فی کل خلیة، و یتضح هذا الموضوع سیّما بالنظر إلى أبحاث الجینات و أنّ فی نواة کل خلیة داخل الکروموسومات ذرات غایة فی الصغر تعرف باسم الجینات التی تحمل کافة صفات الإنسان، و لاینحصر هذا الموضوع ببدننا، بل هو قانون یصدق على جمیع الکائنات الحیة، و من هنا نرى کیف یکثرون الأشجار حیث یغرسون غصن صغیر فی وسط مساعد ثم یتحول تلقائیا إلى شجرة کاملة، و قد أجریت بعض التجارب على الحیوانات البسیطة مثل بعض الدود أنّه إذا قطّعت عدّة قطع فإنّ کل قطعة تتبدل بالتدریج إلى حیوان کامل. و یبدو هذا الموضوع لیس بمستبعد عن الإنسان من الناحیة الاصُولیة و الکلیة، یعنی لو أمکن توفیر ظروف مناسبة فإنّ کل خلیة من خلایا بدن الإنسان تستطیع بمفردها أن تکوّن إنساناً یشبهه بکل شیء، بل هو نفسه، أو لم نکن یوماً خلیة أحادیة نمت تصاعدیاً حتى تکونت الأعضاء المختلفة بالتدریج، أو لیست هذه الأعضاء والأجزاء قد ظهرت من إنقسام تلک الخلیة الأحادیة؟ أی أنّ الخلیة الأولى نمت وتحولت إلى خلیتین ثم نمت هاتان الخلیتان و تحولتا إلى أربع خلایا و هکذا تزایدت فکونّت جمیع عضلات البدن، و علیه فکل خلیة یمکنها بمفردها أن تبنی جمیع بدن الإنسان.

و أحیاناً نرى قطعة قد فصلت من بدن الإنسان بفعل حادثة، و سرعان ما تقوم الخلایا المجاورة لها تملأ مکانها و استعادة ذلک الجزء.

6 ـ هل تتغیر شخصیتنا من الناحیة الجسمیة بزیادة و نقصان و صغر وکبر موادها؟ قطعاً لا.

مثلا کنّا فی الیوم الأول نطفة ذات خلیة واحدة، و أصبحنا بعد عدّة أسابیع جنیناً یزن عدّة غرامات، ثم یصبح وزننا بعد أشهر کیلوین أو ثلاثة کیلو غرامات و یعقب ذلک ولادتنا و یختاروا لنا إسماً، و لکن لم نکن حین الولادة نزن أکثر من ثلاث کیلوات فإن کبرنا بمرور الزمان قد نصل إلى سبعین کیلو غرام، و ربّما ضعفت عضلاتنا و عظامنا فی حیاتنا المستقبلیة فیهبط وزننا إلى أربعین کیلو غرام. فهل تبدل هذه التغییرات شخصیتنا من الناحیة الجسمیة؟ یعنی لم نعد ذلک الولید فی الیوم الأول؟ ذلک الجنین والنطفة الآحادیة الخلیة، و إن هبط وزننا بفعل المرض و الکهولة فبلغ نصف الوزن الفعلی، فهل لسنا ذلک الشخص السابق؟ ألا توجد شخصیة واحدة فی ظل کل هذه التغییرات و التبدلات؟

الإجابة على هذه الأسئلة واضحة و هی: هناک واقعیة واحدة فی ظل کل هذه التغییرات و التحولات و التی نعبّر عنها باسم زید أو عمرو أو مسعود أو فاطمة، و علیه فشخصیة الإنسان لا تغییر تبعاً لتغیر مادته الجسمیة وزیادتها و نقصانها.

و بعد أن إتضحت هذه المقدمات الست نعود إلى أصل البحث لنرى هل تخلق تغذیة إنسان على بدن آخر مشکلة بالنسبة للمعاد الجسمانی أم لا؟

الحقیقة أنّها لا تخلق أیة مشکلة، لأنّ الأجزاء الأجنبیة الموجودة فی بدن الإنسان تعود إلى موضعها الأصلی یوم القیامة و لا تبقى سوى أجزاء نفس البدن، لأنّه کما قلنا أنّ البدن لایصبح جمیع بدن إنسان آخر أبداً، بل یصبح جزءاً منه ، و علیه فإن إنفصل منه ستبقى له بعض الأجزاء (علیک بالدقّة).

و هذا مسلّم من أنّ البدن الثانی إنّما یصغر و یضعف بنفس النسبة التی یفقد بها الأجزاء الأجنبیة المتناثرة فی جمیع البدن، و لکن واضح أنّ ذلک لا یخلق مشکلة، فکما قلنا لو بقیت من البدن الثانی خلیة واحدة لأمکنها أن تنمو و تکوّن البدن الأصلی، فضلا عن بقاء الکثیر من البدن الثانی.

و بناءاً على ما سبق فإنّ الأجزاء الباقیة من کل بدن مهما کانت قلیلة ستنمو و تتکامل یوم القیامة (فی مدّة زمانیة قصیرة أو طویلة) و تشکل البدن الأولی ولیس هنالک أیة مشکلة تترتب على هذا الأمر فالبدن هو البدن و الشخصیة هی الشخصیة و الصفات و المشخصات هی نفس الصفات و المشخصات و لذلک ستکون العینیة و الوحدة محفوظة بین البدنین.

لعلنا لا نحتاج إلى التذکیر بأنّ هذا السبیل لحلّ مشکلة الآکل و المأکول لا یرتبط بفرضیة الأجزاء الأصلیة و غیر الأصلیة، لأنّ جمیع الأجزاء أصلیة من وجهة نظرنا وکلّها قابلة لأن تستقطب من البدن الآخر.

 

سؤال

السؤال الوحید الذی یبقى هنا: على ضوء هذه النظریة فإنّه یمکن العثور على أجزاء معینة کانت یوماً جزء بدن آثم و بعد تحولها إلى تراب و جزء من النباتات إلى جزء بدن إنسان صالح، فهل عودة هذه الأجزاء التی کانت یوماً فی مسیر الذنب و آخر فی مسیر الطاعة إلى بدن الأول و هو بدن الآثم ینسجم والعدالة؟

 

جواب

یتضح جواب هذا السؤال من الالتفات إلى نقطة و هی أنّ الروح هی مرکز الآلام و الأوجاع و کذلک الهدوء و الراحة، و ما الجسم إلاّ وسیلة، و لذا إنّ بضّع بدن میت إلى قطع قطع فأنّه لن یشعر بأی ألم، کما لایشعر بأی وجع لو قطع جسمه حین التخدیر، و علیه فالثواب و العقاب یترتبان على الروح و الجسم وسیلتها، حیث یستند الثواب و العقاب و المعصیة إلى الروح و البدن وسیلتها کذلک فی هذا الأمر،و إننا لا نستند قط فی مسألة المعاد الجسمانی إلى هذا المطلب فی أنّ البدن الفلانی أذنب أو البدن الفلانی أحسن بل نعتمد هذا المعنى فی أنّ الروح لایمکن أن تکون لها حیاة کاملة دون البدن، و من هنا لابدّ أن تعود الروح إلى جسمها الأصلی و تواصل حیاتها الکاملة.

و النتیجة هی أنّ وجود أجزاء معینة فی بدنین (بعد حل مشکلة وحدة الشخصیة) لایخلق مشکلة من حیث الثواب و العقاب.

و هکذا یتبیّن حلّ شبهة الآکل و المأکول التی شغلت أفکار أغلب الأفراد ولعل عدم حلّها جعلهم یترددون فی إقرار مسألة المعاد الجسمانی، أی یمکن الردّ على الإیراد المذکور من خلال قبول المعاد الجسمانی بهذا البدن العنصری المادی کما صرّح بذلک القرآن.

(یمکن مطالعة البحث من البدایة ثانیة لمن بقى لدیه شک فی الموضوع).


1. لم نعثر على هذا السبیل فی أی من مؤلفات القدماء، فهو یطرح لأول مرّة، و علیه قد یحتاج إلى دراسات مستفیضة لتتضح ثمرته النهائیة.
2. سورة یس، الآیة 51.
3. سورة القمر، الآیة 8.
4. سورة المعارج، الآیة 43.
5. سورة یس، الآیة 79.

 

إجابة و تحقیق 2ـ قلّة التربة على الأرض
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma