(اَلْقارِعَةُ * مَاالْقَارِعَة * وَ مَا اَدریکَ مَاالْقَارِعَة * یَوْمَ یَکُونُ النَّاسُ کَالفَراشِ الْمَبثُوث * وَ تَکُونُ الْجِبَالُ کَالِعِهْنِ الْمَنفُوش)(1).
فالحقیقة هی أنّ الزلزلة آنذاک شدیدة إلى درجة بحیث تدک کل شیء وتقام القیامة!
و قد أشیر هنا إلى أوضاع الناس الحیارى الذین یخبطون خبط عشواء حین تلوح بوادر القیامة، یعتقد البعض و خلافاً للتصور المشهور و الشاعری السائد فی الأذهان بشأن الفراشة و الشمع، حیث أنشدوا الأشعار و سردوا القصص التی تتحدث عن عشقها و تضحیتها من أجل معشوقها القاسی، ویبدو أنّ الفراشة لا تضحی أبداً من أجل عشق الشمع، و هی ضحیة نسیانها فقط، لأنّ حافظتها ضعیفة و عاجزة بحیث تنسحب فور إقترابها من شعلة الشمع و شعورها بالحرارة، إلاّ أنّها تنسى بعد برهة فتعود ثانیة إلى الشعلة وتکرر هذا العمل مراراً حتى تخاطر بحیاتها إثر هذا النسیان.
و لعل تشبیه الناس فی الآیات المذکورة بالفراش المبثوث حین بروز أولى العلامات المخیفة للقیامة من أجل بیان عظیمة الحادثة التی تخطف العقول وتزیل الحافظة بالمرة.
کان ذلک جانب من علامات القیامة و التی تفید بأجمعها مدى التفاوت الهائل بین ذلک العالم و هذا العالم الذی نعیش فیه، و الذی سیقام على أنقاض هذا العالم.
و بهذا نختتم بحثنا بشأن المعاد و العالم الذی یعقب الموت، و إن کانت هنا و هناک بعض المسائل التی تتخلل هذا البحث و تحتاج إلى الدرس والبحث، إلاّ إنّنا إبتعدنا عن ذلک خشیة الإطالة.
أضف إلى ذلک فإن عالم البرزخ و هو العالم الفاصل بین عالم الدنیا والآخرة هو الآخر من المواضیع التی کثرت فیها الأبحاث و الذی یتطلب دراسة مستقلة.
اللّهم وفقنا لأن نهذب أنفسنا إستعداداً لتلک الحیاة.
اللّهم وفقنا لحیاة أبدیة إلى جوار رحمتک.
اللّهم خذ بأیدینا لخدمه دینک و عبادک بما توفقنا به لرضاک و ترزقنا الشهادة فی سبیلک و الإستقرار فی مسکن رحمتک.
1. سورة القارعة، الآیة 1 ـ 5.
