إنّ أسوأ سبل مواجهة الحقائق المریرة یتمثل بالتهرب من إدراکها وإستیعابها أو إیداعها بوتقة النسیان.
حقّاً لیس هناک خفة عقلیة تفوق هذه القضیة بأن ننسى شیئاً لاینسانا أبداً، أو نتوقع إعادة النظر بشأن مطلب حتمی لایمکن إجتنابه بأی شکل من الأشکال.
لماذا لا نفکر بالموت و الحوادث التی تعقبه و مصیر الروح بعد مفارقتها لهذه الحیاة و مئات القضایا الأخرى ذات الصلة بالموت؟ و الحال وقوع الموت فی المستقبل القریب بالنسبة لنا یعد من الحوادث القطعیة الحتمیة التی لا غبار علیها و لا نقاش فیها.
إنّنا حین نتصفح التاریخ نرى الموت قد صرع أقوى الأفراد و أقدرهم من قبیل الاسکندر و جنکیز خان و نابلیون و من کان على شاکلتهم، کما قضى على أعظم العلماء و المفکرین و أقوى الأدباء و الشعراء و الکتّاب، فقد رکع الجمیع للموت و استسلموا له، و علیه فلیس من المعقول أن ننساه أو نخشاه و نخافه عبثاً، فقد ورد عن أمیرالمؤمنین علی (علیه السلام) أنّه قال «وَ کَیْفَ غَفْلَتُکُمْ عَمَّا لَیْسَ یُغْفِلُکُمْ وَ طَمَعُکُمْ فِیْمَنْ لَیْسَ یُمْهِلُکُمْ»(1).
فما أحرانا أن نتقدم إلى الأمام بکل شجاعة و بسالة و واقعیة لنقف على الأمور المتعلقة بنهایة الحیاة و نحصل على الأجوبة الشافیة و الوافیة لمنطقیة بخصوص الألغاز و الأسرار التی تکتنف الموت.