إنّ الناس و رغم کل اختلافاتهم و تنوع مشاربهم الفکریة والعقائدیة سیبلغون شاءوا أم أبوا و کیفما تحرکوا و إنطلقوا نقطة مشترکة تتمثل بالموت وإختتام هذه الحیاة.
فنقطة إنطلاقة الحیاة غنیة کانت أم فقیرة، وفی وسط الجهل کانت أم العلم، و مقرونة بالسعادة أم الشقاء سیأتی علیها الموت بغتة فیجعل الجمیع یعیشون حالة واحدة تسودهم فیها المساواة التامة المطلقة التی یعجز الکل عن الإتیان بها.
و لهذا یمکن تأمل مقدار العمر و طول الحیاة، بینما لایمکن مناقشة الموت، حتى لو استخرجنا ماء الحیاة من الظلمات واحتینا جرعة منه، فإنّ الحیاة الأبدیة متعذرة محالة، لأنّ طول العمر لایعنی الأبدیة قط.
و على هذا الأساس یتفق جمیع الأفراد على الإیمان بالموت رغم الفوارق الفکریة التی تسودهم، و لعل التعبیر عن الموت بالیقین على لسان آیتین من الآیات القرآنیة هو إشارة إلى هذه الحقیقة، فقد صرحت إحدى
هاتین الآیتین بالقول: (وَاَعْبُدْ رَبَّکَ حَتَّى یَأْتِیکَ الْیَقینُ)(1).
و صرحت الآیة الأخرى على لسان الآثمین: (وَ کُنَّا نُکَذِّبُ بِیَومِ الدِّینِ * حَتَّى اَتَیْنَا الْیَقِینُ)(2).
و معنى ذلک لقاء المحسنین و الآثمین فی تلک اللحظة القطعیة والیقینة.