المطلب الآخر الذی ضرورة ذکره للتأریخ هو أنّ أحد الأصدقاء أخبرنی ذات یوم قائلا: کنت منهمکاً بترجمة کتاب عربی بشأن معرفة الله إلى اللغة الفارسیة، فشعرت بأنّ مطالب الکتاب لم تکن غریبة علىَّ، فلما تأملتها وتمعنت النظر فیها وجدت أنّ أغلب أبحاثه هی عینا ذات أبحاث کتاب «خالق العالم» الذی ألفته، فقد تبیّن أنّ الکاتب المحترم المذکور قد ترجم المطالب و الأبحاث المذکورة دون ذکره لمصادر کتاب «خالق العالم» و أنّی الآن أقوم مرّة أخرى بإعادته من العربیة إلى الفارسیة!

فقلت بالتالی لا مانع لدیّ نشر هذه الترجمة طالما کانت خطوة فی سبیل معرفة الله وخدمة للعلم، ولکن على الأقل کی لا اُتّهم بأنّی أقتبست منه المطالب دون ذکر المصادر و المراجع فاکتب هذه القضیة فی مقدمة الکتاب!

ثم رأیت أنّه لم یقتصر الأمر فی الاستفادة من هذه الأبحاث على ذلک الکاتب العربی المحترم، بل قام بعض الکتّاب الآخرین بالإتیان بذات العبارات أو بعض العبارات الأخرى فی کتبهم دون أدنى إشارة من قریب أو بعید إلى المصادر.

لعل هذه القضیة لاتبدو بتلک الأهمیّة ولکن ألیس من الأفضل أن یستفرغ الکتّاب الأعزاء وسعهم و یستفیدوا من طاقاتهم فی إبداعات جدیدة بدلا من مصادرة جهود الآخرین و الاستعانة بمطالبهم، فیعمل کل کاتب على ضوء إمکاناته المتاحة من أجل حلّ بعض المعضلات و المشکلات، کما یسلط الضوء على القضایا التی لم یتطرق لها الآخرون، و لیت شعری ماذا یضر الکاتب لو لم یتحفظ عن ذکر المصادر و المراجع و یعترف بحقوق الآخرین؟!

طبعاً لست أنکر أنّ لکل مفکر و عالم، الحق فی الاستفادة من أفکار الآخرین و إبداعاتهم، ولکن بشرط مراعاة الأمانة و الإشارة إلى مصادر الکتاب و الجهود التی بذلت من أجله إن تعرض لنقل مطالبه دون أیة إضافة أو إبداع أو الإتیان بها بأسلوب عصری جدید یجعلها تختلف عن سابقها.

نسأل الله أن یوفقنا جمیعاً لبذل الجهود من أجل حفظ دینه و خدمة خلقه.

و لا یسعنی هنا إلاّ أن أناشد ثانیة کافة الأخوة أن یتحفونا بما لدیهم من توجیهات و إرشادات بهدف تکامل العمل و سد ثغراته.

قم ـ الحوزة العلمیة

ناصر مکارم الشیرازی

ذی القعده 1396