الطریق السادس

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
المعاد و عالم مابعد الموت
تجمید بدن الإنسان الحی شبح القیامة

(یَا اَیُّها النَّاسُ اِنْ کُنْتُمْ فی رَیْب مِنَ الْبَعْثِ فَانّا خَلَقْنَاکُمْ مِنْ تُراب ثُمَّ مِنْ نُطْفَة ثُمَّ مِنْ عَلَقَة ثُمَّ مِنْ مُضْغَة مُخَلَّقَة وَ غَیْر مُخَلَّقَة لِنُبَیِّنَ لَکُمْ وَ نُقِرُّ فی الأَرحَامِ مَا نَشاءُ اِلَى اَجَل مُسَمًى ثُمَّ نُخْرِجُکُمْ طِفْلا)(1).

إنّ الاعتیاد على شیء رغم أنّه یحل کثیراً من مشاکلنا إلاّ أنّه قد یکون مصلّاً أحیاناً، و ذلک لأنّ بعض المواضیع الساذجة التی لم نرها سابقاً ونتعودها تبدو لنا مهمّة من قبیل نمو أسنان الفرس أو الطیر الذی یضع البیض الکرویة أو المخروطیة الشکل بحیث تتناقلها الألسن بشیء من الغرابة، بینما تبدو لنا عادیة تماماً کسائر المواضیع العجیبة للغایة و التی تنطوی على عدّة أسرار و ذلک لتعودنا علیها، فعادة ما نسمع أنّ السیدة الفلانیة أنجبت ولداً فنقول: مبارک علیها إن شاءالله، إلاّ أنّنا لا نکلّف أنفسنا عناء أی تفکیر بالحوادث العجیبة والتغیرات التی عرضت على رحم المرأة طیلة تسعة أشهر والتی لایمکن توضیح حقیقتها بمئة کتاب، فذرة ترابیة ترد البدن الإنسانی عن طریق النباتات فتمتزج معه فتصیر بهیئة خلیة حیّة فی الرحم و تختلط بخلیة أنثویة لتشکل بویضة، ثم ینشط هذا الکائن الآحادی الخلیّة بسرعة مذهلة لیشق طریقه التصاعدی الهندسی خلال عدّة شهور لیتحول إلى کائن له آلاف الملیاردات من الخلایا.

و کأنّ فریقاً من الرسّامین المهرة قد تجمعوا فی ذلک الوسط المظلم وانهمکوا لیل نهار بالرسم فأحالوا کل مجموعة من هذه الخلایا بشکل و قد سبغوا علیه ألواناً و کیفیات خاصّة معینة.

نعم هناک عشرات المهندسین و الفیزیائین و الکیمیائین الذین یتفنون فی صنع أجهزته الحساسة و الدقیقة و یصنعون کائناً من عدّة غرامات من الحدید إلى جانب بعض الغرامات من الکالسیوم و الفسفور و الکاربون و... ومقدار کثیر من الماء الکائن الذی یعجز عن مصافاته أکبر العقول الألکترونیة و أعظم الصناعات العالمیة الثقیلة و أدق الأدوات و الوسائل والأجهزة و أجمل ألواح الدنیا.

و الجدیر بالذکر أنّ الإنسان یتابع بعد ولادته حرکة هادئة و تدریجیة ذات تکامل کمی لا کیفی، فحرکته فی المحیط الهائج للرحم سریعة جدّاً ومغیرّة وهی تکشف عن غطاء عجیب کل اسبوع بل کل یوم.

إنّ التطورات المتتالیة و المذهلة للجنین فی عالمه هی بمثابة الذهول من جراء تحول إبرة صغیرة بعد عدّة شهور إلى طائرة تحلق دون طیار، فالجنین حین یکون فی مرحلة «المورول» و خلایاه کحبّة ثمرة التوت تجتمع حول بعضها دون أن یکون لها شکل مشخص، و حین یکون فی مرحلة «البلاستول» و تظهر حفرة التقسیم التی تعتبر بدایة لتقسیم نواحی الجنین، و حین یبلغ الطبقات الثلاث للکاسترول و هی «الاندودیرم» و«الاکتودیرم» و «المزودیرم» ففی کل هذه المراحل تکون خلایا الجنین شبیهة لبعضها البعض الآخر و لایوجد أدنى أثر لاختلاف أعضاء الإنسان، ولکن فجأة تحدث تغییرات فی الأغشیة الثلاث للجنین بحیث تتغیر أشکالها بما ینسجم و الوظیفة التی تقوم بها فتبدأ الأعضاء بالبروز، لا أحد یعرف أی الظروف دعت لحصول هذه التغیرات فی الخلایا المتشابهة تماماً، فأسرارها مکتومة خفیفة کسائر أسرار الجنین، و بالطبع تتم کل هذه المراحل فی وسط لا سبیل للوصول إلیه و یخضع تماماً للسیطرة الداخلیة للبدن.

القرآن الکریم من جانبه یخاطب اُولئک الذین یرون إستحالة الحیاة بعد الموت بأنّ القیامة و البعث سوف لن تکون أبعد ممّا تشاهدونه من هذا التبدل السریع الذی تتحول بموجبه النطفة إلى إنسان، و علیه فکیف یمکن للإنسان الشک فی القیامة و هو یشاهد علم الجنین. و الآیة التی تصدرت البحث، أشارت فی البدایة إلى تبدل التراب بکائن حی و هی طفرة عظیمة، ثم أشارت إلى المراحل المختلفة للجنین و التی تعتبر کلها قفزات متتالیة نوعیة بالنسبة للجنین، ثم یدعو منکری البعث و القیامة إلى التوقف عند هذه المسائل، و فی عصر لم یکن فیه علم الأجنة علم مستقبل، بل لم یکن حتى جزءاً من العلوم، فلم تکن هناک سوى معلومات ناقصة بهذا الشأن، والتعبیر القرآنی فی الآیة المذکورة عن القیامة بالبعث کأنّه إشارة لطیفة إلى معنى «الطفرة» التی تحصل فی القیامة على غرار دنیا الرحم، و هذا طریق آخر من الطرق التی سلکها القرآن الکریم من أجل تعریف الناس بالقیامة.


1. سورة الحج، الآیة 5.

 

تجمید بدن الإنسان الحی شبح القیامة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma