عامل مؤثر واقی و عامل محرک قوی

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
المعاد و عالم مابعد الموت
القیامة تهب الحیاة نکهتهالقیامة فی باطنکم

کان أحد الشباب المتعلمین یقول: «أعتقد أنی أتمتع بضمیر قوی، و لما کان ضمیری قویاً فإنّی ملتزم بأصول الحق و العدل، و من هنا فلا أرى فی نفسی من حاجة إلى الدین و التعالیم الدینیة، فکل ما من شأنه أن یمنحنی الدین فی ظلّ الإیمان بالله و الخوف من العقاب فی الدار الآخرة إنّما حصلت علیه فی ظل ضمیری الحی.

و علیه أفلا تعتقدون أنّ الدین ضروری بالنسبة لاُولئک الأفراد دونی درجة و الذین لایمکن إصلاحهم و یأکل بعضهم البعض الآخر دون إستنادهم إلى إیمان قوی و راسخ بالدین، أضف إلى ذلک فالإیمان قد لایستطیع أحیاناً إصلاحهم، بل هم یعمدون إلى الحیل الشرعیة بغیة مواصلة أعمالهم الخاطئة وتحقیق بعض المنافع».

طبعاً إنّنا نعلم بأنّ هذا الأسلوب من التفکیر لا یقتصر على هذا الشاب، فهناک من بین الفلاسفة و المفکرین من یرى نفسه فوق الدین، و یعتقد أنّ الدین وسیلة تربویة مؤثرة بالنسیة للأفراد فی المستویات المتدنیة، بینما هم فی غنى تام عن هذه التعالیم! لکنهم کأنّهم قد غفلوا أنّ أعظم الجنایات

و الجرائم إنّما ترتکب على الدوام من قبل کبار الشخصیات و العلماء الأفذاذ و الأفراد من ذوی المستویات العالیة، فهم الذین یصنعون القنابل الذریة والهیدروجینیة، و هم الذین یخططون للحروب الألکترونیة و بالتالی هم الذین یعینون خرائط الاستعمار السیاسی و الاقتصادی للبلدان.

و الخلاصة فهؤلاء العلماء و المفکرون هم الذین کانوا أداة طیعة بید قوى الدنیا الشیطانیة و هم الذین رسخوا دعائم الاستعمار و الاستبداد والغطرسة من خلال بیعهم لمعلوماتهم و إبداعاتهم و إستعداداتهم العالیة، ولایختص هذا الموضوع بعالمنا المعاصر، فالأزمنة الماضیة هی الاُخرى کذلک حیث یطالعنا الکثیر من الأفراد دائماً الذین یقفون إلى جانب الفراعنة ممن على غرار هامان وقارون العالم المقتدر الثری و هو ابن عم موسى و ممثل فرعون فی بنی إسرائیل و قد کانت له ثروة طائلة یرى أنّه جمعها بعلمه وقدرته، کما کان العدید ممن على شاکلة عمروبن العاص و أبی هریرة إلى جانب معاویة.

و بناءاً على ما تقدم فقد تکون حاجة العلماء و المفکرین و ذوی الاستعداد والمستویات العالیة إلى الدین أکثر من غیر هم بکثیر، فهم الذین یسطیعون إشعال الدنیا أو سوقها إلى الصلح و السلام.

أمّا الأفراد من ذوی المستویات المتدنیة فعادة ما یأتمرون بأوامر هؤلاء فهم إلعوبة بیدهم و ضررهم أقل بکثیر إذا ما قارننا انحرافهم بمن سبقهم.

و لو آمن هؤلاء ـ و بصورة عامة کافة لبشریة ـ بأنّ الموت لیس نهایة الحیاة، بل هو بدایة حیاة جدیدة و کل ما فی هذه الحیاة الدنیا هو مقدمة لها لاکتسب کل شیء طابع الأبدیة، و سوف لن تفنى الأعمال و الأقوال والحسنات والسیئات،

و هذه هی الأمور التی ترسم معالم حیاتنا الخالدة التی تنتظرنا فإمّا تمنحنا الطمآنینة و السعادة أو الاضطراب و الشقاء، و الأمر بالضبط کالجنین إن کان له عقل و قد قصر فی صنع نفسه خلال تلک المدّة القصیرة من عمره فی بطن أمّه و التی تعتبر فترة بناء الجسم و الروح، فإنّ علیه أن یتحمل العواقب الوخیمة لعمر مدید (قد یستغرق مئة سنة مثلا) و یذوق الألم والمعاناة و هکذا الحال بالنسبة للإنسان إنّ قصر فی صنع نفسه و تهذیبها فی هذه الحیاة الدنیا و کبّدها مختلف العیوب و الأمراض الأخلاقیة و النفسیة فإنّ علیه أن یتحمل العذاب الألیم و شدته فی عالم ما بعد الموت.

و من شأن هذا الإعتقاد أن یقلب حیاة الإنسان رأساً على عقب، کونه یشکل درساً تربویاً عالیاً ینهض بتربیة روح الإنسان و نفسه، و یحول دونه ودون کل تلک الجنایات التی یمکن أن تصدر من إنسان مادی یعتقد أنّها تفنى و تزول جمیعاً بفنائه و زواله.

فالإعتقاد بعالم ما بعد الموت و بقاء أثر أعمال الإنسان یمکنه أن یکون عامل وقایة متین إزاء الذنوب و المعاصی، کما یمکنه أن یکون عاملا مقتدراً للحرکة و للحث على الاستثمار المادی و المعنوی فی سبیل خدمة الخلق.

لا شک أنّ آثار الإیمان بعالم ما بعد الموت لیفوق بدرجات دور المحاکم وقوانین العقوبات الاعتیادیة و المکافئات و التشجیعات العادیة فی إصطلاح الأفراد الفاسدین و المنحرفین و تشجیع الأفراد المضحین و المجاهدین، وذلک لأنّ من خصائص محکمة العدل الإلهی فی القیامة هو خلوها من الاستئناف والتمییز و لا الواسطة، کما لایمکن تشویش أفکار القضاة من خلال طرح الوثائق المزیفة و ممارسة الکذب و الخداع، کما تخلو من الروتینیات و التشریفات التی تدعوا إلى الإطالة، بل و کما سنذکر ذلک

بصورة مفصلة أنّ الثواب و العقاب فی ذلک العالم یشبه إلى حدّ بعید الآثار والخواص الطبیعیة; یعنی کما لایخطىء الدواء الشافی أو السم القاتل فی تأثیره و لا تجدی الرشوة و التوصیة علیه شیئاً و لا تغیّر من تأثیره، فإنّ أفعال الإنسان و أعماله بنفس هذه الکیفیة فی العالم الآخر بعد الموت، هذا من جانب.

و من جانب آخر فلیس هنالک من معنى للتشجیع فی المحاکم العادیة لهذا العالم ـ التی تنطوی على آلاف العیوب ـ مثلا إذا لم ینتهک فرد حرمة القانون لخمسین عاماً ولم یرتکب و لو مخالفة صغیرة، فلیس هنالک من ثواب لالتزامه بالقانون، یعنی لیس هناک من ثواب لیعطیه.

و علیه فالضمانة الإجرائیة لهذه القوانین أحادیة الجانب: أی أنّه یتّجه دائماً صوب من ینتهک حرمة القانون، لاصوب ذلک الذی یحترم القانون ویلتزم به، والحال ضمانة التطبیق فی الدین ثنائیة، فهناک کفة الثواب التی تعدل بثقلها کفة العقاب.

فمما لاشک فیه أنّ من یؤمن بذلک العالم یکون غایة الجدیة فی إصلاح نفسه و الإتیان بمختلف الأعمال الثقیلة و المعقدة، و کذلک و على غرار الفرد العالم بخصائص الأدویة المشفیة و القاتلة فهو شدید الرغبة فی الأول عظیم الخشیة من الثانی، فإذا ما أراد أن یقدم على عمل مهما کان حسب آثار ذلک العمل وتمثلها أمام عینیه.

و هکذا یکون فی حالة مراقبة تامة و دقیقة دائمیة على نفسه، بحیث یسیطر علیها و یحول دونها و دون مقارفة الجرائم و الجنایات و المفاسد.

إنّ الإیمان بهذه الحقیقة یبلغ بالإنسان درجة یجعله یقول: «وَ اللهِ لاََنْ

أَبِیْتَ عَلَى حَسَکِ السَّعْدَانِ مُسَهَّداً، أَوْ أُجَرَّ فی الاَْغْلَالِ مُصَفَّداً، أَحَبُّ إِلَیَّ مِنْ أَنْ أَلْقَى اللهَ وَ رَسُولَهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ ظَالِماً لِبَعْضِ الْعِبَادِ، وَ غَاصِباً لِشَیء مِنَ الْحُطَام»(1)

و مثل هذا الفرد یحمی حدیدة و یقربها من أخیه ـ ذلک الأخ الذی سأله الزیادة من بیت المال و التمییز بین الأفراد فی العطاء ـ فیضج منها ویصرخ، فیخاطبه ناصحاً «أَتَئِنُّ مِنْ حَدِیدَة أَحْمَاهَا إِنْسَانُهَا لِلَعِبِهِ، وَ تَجُرُّنی إِلَى نَار سَجَرَهَا جَبَّارُهَا لِغَضَبِهِ»(2)

و لما إقترح علیه بعض الأفراد من قصار النظر ترسیخ دعائم حکومته من خلال التمییز العنصری بین صفوف المجتمع الإسلامی قال:

«أَتَأْمُرُونِّی أَنْ أَطْلُبَ النَّصْرَ بَالْجَورِ فِیْمَنْ وُ لِّیْتُ عَلَیْهِ! وَاللهِ لاَأَطُورُ بِهِ مَا سَمَرَ سَمِیرٌ، وَ مَا أَمَّ نَجْمٌ فی الَّسمَاءِ نَجْماً»(3)حقّاً کیف ستصبح الدنیا لو أضاء بصیص من الإیمان القاطع فی قلوب کافة زعماء العالم و الأفراد من بنی البشر؟

فهل سیبقى فیها من أثر لهذه الأنانیات و الاستبدادات و الظلم والانتهاکات و التجاوزات؟

و من هنا تسعى کافة الأدیان السماویة لبذل کافة الجهود من أجل تربیة الأفراد و إصلاح المجتمعات من خلال إحیاء الإیمان بعالم ما بعد الموت فی قلوب الناس، و لاسیّما القرآن الکریم الذی أفرد جزءاً مهماً للمسائل التربویة من خلال سلوک هذا السبیل، و علیه فلیس من العجیب أن ترد الإشارة إلى هذا الأمر لأکثر من 1400 مرّة فی القرآن، و إلیک بعض تلک النماذج.

1ـ صرّح القرآن الکریم بأنّ الإیمان و الیقین القطعی بذلک الیوم العظیم یکفی فی تربیة الإنسان، بل للظن أیضا دوراً عظیماً بهذا الشأن: (اَلا یَظُنُّ اُولَئِکَ اَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِیَوم عَظِیم * یَوْمَ یَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعالَمِینَ)(4)

2ـ أکد القرآن الکریم فی مختلف المواضع أنّ «الأمل» و «الرجاء» بذلک العالم یکفی الإنسان فی عدم الطغیان و ترک اللجاجة إزاء الحق و الإتیان بالعمل الصالح، و هنا ینبغی الالتفات إلى أنّ القطع و الیقین لم یتطرق إلى مفهوم الأمل و الرجاء (فَمَنْ کَانَ یَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْیَعْمَلْ عَمَلا صَالِحاً)(5)

(وَقَالَ الَّذِینَ لاَیَرْجُونَ لِقَائَنَا لَوْلاَ اُنْزِلَ عَلَیْنَا الْمَلائِکَةُ أَوْ نَرى رَبَّنا)(6)

3ـ ورد فی القرآن الکریم أنّ لأعمال و أقوال الإنسان صفة الأبدیة، وکلها ستحضر یوم القیامة و تکون مع الإنسان:

(یِوْمَ تَجِدُ کُلُّ نَفْس مَا عَمِلَتْ مِنْ خَیْر مُحضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوء)(7)

کما أکّد فی موضع آخر: (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً)(8)

و هکذا یتبلور فی أعماق روح الإنسان; الإنسان الذی یؤمن بالحیاة بعد الموت قبس کبیر من الشعور بالمسؤولیة تجاه جمیع أحداث الحیاة ووقائعها.


1ـ نهج البلاغة، الخطبة 224
2ـ المصدر السابق، الخطبة 224
3. المصدر السابق، الخطبة 1264. سورة المطففین، الآیة 4 ـ 6
5. سورة الکهف، الآیة 110
6. سورة الفرقان، الآیة 21
7. سورة آل عمران، الآیة 30
8. سورة الکهف، الآیة 49

 

القیامة تهب الحیاة نکهتهالقیامة فی باطنکم
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma