أین النار و الجنّة؟

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
المعاد و عالم مابعد الموت
حلّ الإشکال علامات القیامة

هل النار و الجنّة موجودتان الآن؟... أم فی طریقهما إلى الإیجاد؟...

و إن کانتا موجودتین فأین؟

و على فرض عدم وجودهما الآن و سیوجدان فأین سیکون موضعهما؟

من جانب آخر فإننا نقرأ فی بعض الآیات القرآنیة أنّ الجنّة عرضها السموات و الأرض، فاذا کان کذلک فهل سیبقى من مکان لجهنم؟!

هذه هی الأسئلة التی تعترض هذا البحث، لکن قبل الإجابة علیها لابدّ من الإلتفات إلى نقطة و هی أنّ للنار و الجنّة ثلاثة معانی مختلفة وردت فی الآیات القرآنیة و الروایات الإسلامیة:

1ـ جنّة الدنیا.

2ـ جنّة البرزخ.

3ـ جنّة المأوى فی العالم الآخر.

جنّة الدنیا ظاهراً هی هذه البساتین النضرة لهذا العالم، فمثلا ورد فی القرآن الکریم بشأن قوم سبأ ـ اُولئک القوم المتحضرون الذی عاشوا فی أرض الیمن ومازال علماء الاَثار یهتمون بآثار مدنیتهم ـ قوله:

(لَقَدْ کَانَ لِسَبَأ فی مَسْکَنِهِمْ آیَة جَنَّتانِ عَنْ یَمِین وَ شَمِال کُلُوا مِنْ رِزْق رَبِّکُمْ وَ اشْکُرُوا لَهُ بَلْدَة طَیِّبَة وَ رَبّ غَفُور)(1).

و لا تقتصر مفردة «الجنّة» على حدائق الدنیا المخضرة بهذا المورد، فقد ورد هذا التعبیر فی مواضع أخرى من القرآن، و الاحتمال القوی أنّ جنّة آدم کانت إحدى حدائق الأرض الخضراء، و هبوط آدم(علیه السلام) من الجنّة إلى الأرض هو نوع من الهبوط المقامی(2)، لأنّ آدم(علیه السلام) انتخب منذ البدایة خلیفة لله فی الأرض، هذا من الناحیة المادیة; و من الناحیة المعنویة فقد سمیت مجالس العلم بستان من بساتین الجنّة.

الجنّة و النار البرزخیة، مرکز للنعمة و العذاب للمحسنین و المسیئین فی «عالم البرزخ» یعنی العالم الکائن بین الدنیا و الآخرة، کما ورد بشأن الشهداء فی سبیل الله: (... بَلْ هُمْ أَحْیَاءٌ عِنْدَ رِبِّهِمْ یُرزَقُونَ)(3).

أو أنّ الشهید حین یقع على الأرض یسقط فی أحضان أهل الجنّة(4).

أو سائر العبارات من هذا القبیل التی تفید دخول بعض الأفراد الجنّة حین موتهم(5)، کل هذا یتعلق بالجنّة البرزخیة.

کذلک العقاب الذی ورد فی الآیات القرآنیة و الروایات الإسلامیة بشأن الظلمة و الطغاة إنّما یرتبط بالنار البرزخیة.

و الجنّة و النار البرزخیة التی یعبر عنها أحیاناً بجنّة المأوى أو جنّات عدن وأحیاناً أخرى ناراً خالداً فیها هی مرکز للرحمة أو العذاب الألیم فی عالم القیامة الذی یفوق هذا العالم سعة، لکن أحیاناً یحصل خلط فی هذه المعانی الثلاث للجنة و النار والذی أدى إلى نتائج خاطئة بهذا الشأن.

و نعود الآن إلى أصل البحث:

کان السؤال الأول هل للجنّة و النار الآن من وجود خارجی؟

و الحال أنّ عدداً من علماء الإسلام المعروفین ـ من الفریقین ـ مثل علم الهدى السید المرتضى و السید الرضی و کذلک عبد الجبار و أبو هاشم و هما من علماء العقائد یرون عدم وجود الجنّة و النار الآن و ستجدان فیما بعد، بینما یؤمن أغلب العلماء بوجودهما الآن، و هنالک العدید من القرائن والشواهد على هذا الموضوع و منها:

(وَ لَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً اُخرى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنتَهى * عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى)(6).

فالآیات تتحدث عن معراج النبی (صلى الله علیه وآله) و تفید وجود الجنّة.

(وَ اِنَّ جَهَنَّمَ لَُمحیطَة بِالْکَافِرینَ)(7)

فالتعبیر فی الآیتین یفید الإحاطة الفعلیة للنار بالکافرین حیث تطلق جهنم عادة على النار.

(اُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِینَ) و (اُعِدَّتْ لِلْکَافِرینَ) التی وردت فی مختلف الآیات القرآنیة هی شاهد آخر على الموضوع(8). هذا من جانب.

ولکن من جانب آخر یستفاد من بعض آیات القرآن أنّ عرض الجنّة السماوات و الأرض: (وَ سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرة مِنْ رَبِّکُمْ وَ جَنَّة عَرْضُهَا السَّمواتُ وَ الأَرْضُ اُعِدَّتْ لِلْمُتَقِینَ)(9) فقد عبرت الآیة عن عرض الجنّة بعرض السموات و الأرض، بینما عبرت آیة أخرى بعرض السماء و الأرض، و الفارق بین التعبیرین واضح.

فقد ورد فی آیة: (سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَة مِنْ رَبِّکُمْ وَ جَنَّة عَرْضُهَا کَعَرضِ السَّماءِ وَ الأَرْض)(10).

(من الواضح أنّ العرض فی الآیة لایراد به العرض الهندسی الذی یقابل الطول بل المراد به العرض اللغوی بمعنى السعة).

و هنا یطرح هذا السؤال: فمن جانب یَقول ظاهر الآیات القرآنیة أنّ الجنّة والنار موجودان الآن، و من جانب آخر فإنّ سعة الجنّة بقدر سعة السماء والأرض، فأین سیکون هذا المکان؟

أضف إلى ذلک ففی هذه الحالة سوف لن یکون هناک من موضع لجهنم؟

و هنا یساورنا هذا الفکر أنّ کلاهما فی باطن هذا العالم، و لا نرى الیوم هذا البطن، إلاّ أنّها یظهران ذلک الیوم بمقتضى: (فَکَشَفْنا عَنْکَ غِطائَکَ فَبَصَرُکَ الْیَوْمَ حَدید)(11) و کل إنسان یحصل على نصیبه بقدر إستعداده!

یمکن أن یخطر هذا الکلام العجیب إلى أذهاننا، إلاّ أنّنا نستطیع تقریب ذلک إلى الذهن بمثال: نعلم إنّنا لا نسمع الأمواج الصوتیة لهذا العالم و لیس لنا سوى سماع بعض الأصوات التی لها ذبدبات معینة و لا نسمع غیرها بأی شکل من الأشکال.

من جانب آخر نعلم أیضاً أنّ محطات إرسال الدنیا تبث أمواج خاصة مستمرة لیل نهار لا نتمکن من سماعها دون أجهزة لاقطة.

و لنفرض أنّ مرسلتین قویتین تقوّی أمواجها فضائیات کبیرة و تغطى جمیع أنحاء الکرة الأرضیة واحدة فی الشرق و الأخرى فی الغرب، تبث أحدهما آیات قرآنیة بصوت ملیح یداعب روح الإنسان و یجعله یعیش الجذبات الإلهیة.

بینما یبث من المرسلة الثانیة صوت مزعج و مؤذی یسبب تعب الروح وإرهاقها إلى جانب الأذن و بالتالی تستبطن العذاب الألیم!

و هاتین المجموعتین من الأمواج تسیر مع سائر الأمواج الصوتیة فی الفضاء و قد ملأت کل مکان، ولکنها لیست قابلة للإحساس فی الحالة العادیة، فإن کانت لنا مستقبلة ذات موجة واحدة تلتقط مرکزاً واحداً و ذلک مرکز إرسال الصوت اللطیف و الملیح، فمن الطبیعی إنّنا نفتحه کل لحظة لنغرق فی هالة من السرور و اللذة و المعنویة، و الویل لنا لو إقتصرت مستقبلتنا على سحب أمواج المرسلة الثانیة و نجبر أیضاً على رؤیتها، و لَکَم أن تتصوروا مدى الألم و الإنزعاج الذی نعانی منه لیل نهار.

طبعاً لم نرد سوى بیان مثال من أجل تقریب المطلب إلى الذهن، و الآن علیک بالتمعن و التأمل: ألا یمکن أن تکون الجنّة و النار موجودة فی أبعاد أخرى من هذا العالم لا نشعر بها، أی فی عمق وجوف هذا العالم، بحیث یسعنا إدراکه لو کان لنا إدراک و رؤیة أخرى؟!

ألا تنسجم الآیة المذکورة بشأن النار و التی قالت و إنّ جهنم لمحیطة بالکافرین و هذا التفسیر؟ ألا تتضح أکثر على هذا الأساس الآیات التی صرحت بأنّ سعة الجنّة کسعة السماء و الأرض (بالنظر إلى عدم وجود شیء خارج السماء و الأرض).

ألا تعنی الآیة: (یَوْمَ تُبَدَّلٌ الاَرْضُ غَیْرَ الأَرْضَ و السَّموَاتُ وَ بَرَزُوا لِلّهِ الْوَاحِدِ الْقَهّارِ) أنّ هذه الأرض و المساء یوم القیامة تحطم أبعادها الفعلیة وتظهر أبعاد القیامة الکامنة الیوم فی العالم.

فتصور هذه المسألة ـ کسائر المسائل المتعلقة بالحیاة بعد الموت و المعاد ـ لا تخلو من تعقید، لکن بالإلتفات إلى المقدمات المذکورة، فلعل ذلک احتمال قوی بخصوص التفسیر الفعلی لوجود الجنّة و النار، جدیر بالذکر أنّ ماذکرناه آنفا واحد من الاحتمالات بشأن مکان الجنّة و النار و هنالک احتمالات أخرى نعرض عن الخوض فیها إبتعاداً عن الإطالة.


1. سورة سبأ، الآیة 15.
2. راجع التفسیر الأمثل، ج 1.
3. سورة آل عمران، الآیة 169.
4. تفسیر مجمع البیان، ج 2، ص 538 ضمن حدیث مفصل.5.المصدر السابق.
6. سورة النجم، الآیة 13 ـ 15.
7. سورة التوبة، الآیة 49 و سورة العنکبوت، الآیة 54.
9. سورة آل عمران، الآیة 131 و 133 و سورة البقرة، الآیة 24.
10. سورة آل عمران، الآیة 133.
11. سورة الحدید، الآیة 21.
12. سورة ق، الآیة 22.

 

حلّ الإشکال علامات القیامة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma