هناک طائفة أخرى تخشى الموت لا لأنّه یعنی الفناء و العدم المطلق، بل لأنّ صحیفة أعمالهم بلغت درجة من الاسوداد و الظلمة بحیث یشاهدون بأم أعینهم ما سیترتب علیها من جزاء ألیم و عذاب شدید سیطالهم بعد الموت، أو على الأقل أنّهم یحتملون ذلک.
فهؤلاء أیضا محقون فی خشیتهم الموت، لأنّهم بمثابة المجرم الذی اُقتید من قضبان السجن و حمل إلى المقصلة، طبعاً الحریة و الخلاص مطلوب، لکن لا التحرر من السجن نحو المشقة! فحریة هؤلاء من سجن البدن أو سجن الدنیا یتزامن و حرکتهم نحو المقصلة، «المقصلة» لا بمعنى الإعدام بل بمعنى العذاب الأسوأ منه.
ولکن ما بال اُولئک الذین یخشون الموت و لایرونه فناءاً وعدماً، کما لیس لهم من صحیفة أعمال سوداء؟ لِمَ یرهبون الموت فی سبیل تحقیق الأهداف المقدسة؟ لماذا؟...