یمکن أن یقال إنّ عالم البشریة لاینتهی بموتنا، بل فمنح مکاننا لأفراد أکثر منّا رقیّاً و تطوراً، و هکذا تسیر قافلة التکامل إلى الأمام فالیوم فی المجالات المادیة و التکنولوجیة و غداً فی المجالات الأخلاقیة و الإنسانیة، و بناءاً على هذا فإن فلسفة الخلق هو تکامل و تربیة النوع الإنسانی لا الأفراد، و مثل هذا التکامل لایتوقف بموت الأفراد و یسیر قدماً، إلّا إنّ هذه الإجابة تشبه الدواء المسکن، فهی لا تحل المشکلة الأصلیة من جذورها و ذلک لأنّه:
أولا: ألیس إستمرار تکامل نوع الإنسان بفناء فرد و زواله هو تمییز عنصری ظالم؟ فإن کانت نتیجة حیاتنا هی تمهید السبیل و توفیر الأرضیة الخصبة من أجل رقی و تطور الآخرین القادمین و لیس لنا من ذلک سوى أن تکون جسراً لترقیهم فیحصلون علیه دون أدنى جهد أو عناء بینما نشقى فمن أجل إعداده لهم، أفلیس یتناقض هذا و العدالة المطلقة التی تحکم عالم الوجود؟ (لأنّ کل هذه الأبحاث ترد بعد الإقرار بوجود الله و صفاته).
و علیه فلا یمکن للموت أن یکون نقطة إنتهاء حتى بالنسبة للفرد، و إلّا لأصبحت حیاة فرد حی عبثیة لاطائل من وراءها.
ثانیاً: یخبرنا جمیع العلماء: أنّ السیارة التی نعیش علیها ستؤول إلى السکون فی المستقبل ـ المستقبل الذی لیس ببعید من حیث المقاییس الفضائیة ـ کما ستظفىء بالتدریج الحضارة الرفیقه و التکامل لذلک الزمان، وتتحول الأرض إلى کرة خربة و باردة و ساکنة، و آنذاک یبرز هذا السؤال: ما الذی حصل من هذا الذهاب و الإیاب؟ ألا یشبه هذا الأمر صنع لوحة نفیسة و جمیلة للغایة و من ثم کسرها و تحطیمها؟
أمّا إن قبلنا بأنّ حیاة الإنسان ستعیش اللانهایة و الخلود فی عالم أوسع، آنذاک نستطیع لمس فلسفة الخلق بوضوح و نعیش استمراریة قانون التکامل.
و بناءاً على هذا فإنّ فلسفة الخلق و قانون التکامل یقول للإنسان لا یمکن للموت أن یکون نهایة الحیاة، و ستستمر الحیاة بشکل أرفع وأسمى بعد الموت.