إنّ من الواضحات والاُمور البدیهیة فی الشریعة حاجة المجتمع الإنسانی إلى الحکومة وعدم إمکان تفکیکه عنها، وذلک من باب أنّه بالحکومة یمکن تحقیق أهداف الشریعة المقدّسة التی لا یمکن الوصول إلیها إلاّ من طریق تشکیل الحکومة وتنفیذ الولایة.
ومن تلک الأهداف المهمّة حفظ نظام المجتمع، فلا إشکال فی لزوم اختلال النظام بدون الحکومة وهو ممّا لا یرضى الشارع به، بل هو من أهمّ الاُمور عنده.
ومنها: تعلیم النفوس الإنسانیّة وتربیتها.
ومنها: إقامة القسط والعدل، وإحقاق حقوق الناس، فإنّه أیضاً من أهداف الشریعة المقدّسة.
ومنها: إجراء بعض المراحل العالیة للأمر بالمعروف والنهی عن المنکر.
ومنها: تولّى القضاء، فإنّه أیضاً لا یمکن تحقّقه فی الخارج من دون اعتضاده بالحکومة.
ومنها: إجراء الحدود والتعزیرات.
ومنها: حفظ حدود الممالک الإسلامیّة وثغورها، فإنّها أیضاً لا تتحقّق إلاّ بتشکیل الحکومة والعساکر.
فظهر أنّ أصل الحکومة أمر لازم ضروری.
ثمّ إنّ هذه الحکومة تأخذ مشروعیتها من ناحیة الباری تعالى لا من جانب الناس وآرائهم، وأمّا قانون الانتخاب فی الحکومة الإسلامیّة فإنّه لمجرّد جلب مشارکة الناس فی أمر الحکومة، التی هى من المقدّمات الواجبة لتحقیق الأهداف المزبورة، ولذلک نقول: لابدّ من تنفیذ أمر رئیس الجمهوریة بعد توفیقه فی أخذ أکثریة الآراء من جانب الولی الفقیه.
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ هذا المنصب جعل من ناحیة الإمام المعصوم(علیه السلام)للفقیه الواجد للشرائط المذکورة فی محلّها، ویدلّ على هذا الجعل وجوه عدیدة، کما أنّ لولایته مراحل وشؤوناً مختلفة، لیس هنا محلّ ذکرها، وقد بحثنا عن هذه الشؤون وتلک الوجوه تفصیلا فی کتاب أنوار الفقاهة، کتاب البیع، مبحث أولیاء العقد، فراجع.
هذا کلّه فی الجهة الاُولى، وهى البحث فی أحکام المجتهد المطلق.