الطریق الأول: التذکیر بالخلق الأول

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
المعاد و عالم مابعد الموت
أول إرشاد الطریق الثانی

(أَفَعَیِینَا بِالْخَلقِ الأَوَّلِ بَلْ هُمْ فی لَبْس مِّنْ خَلْق جَدِید)(1)

لقد ذهل ذلک الإعرابی حین وقعت عینه على قطعة عظم متعفن وسط الصحراء، ولم یکن واضحاً أنّ ذلک العظم لرجل قتل فی نزاع قبلی أم توفاه الله سبحانه، ففکر مع نفسه قلیلا: أنّ محمداً یقول بأنّ هذا العظم البالی سیکتسب الحیاة مرّة أخرى و یعود الإنسان شاباً حیویاً طریاً، یالها من خرافة عجیبة!...

قسماً بهذه الأوثان سأردّ علیه بهذا الدلیل المحکم.

فحمل ذلک العظم و أسرع یطلب رسول الله (صلى الله علیه وآله) فلما رآه قال:

(مَنْ یُحیی الْعِظامَ وَ هِىَ رَمِیم)(2)

و هنا نزلت الآیات القرآنیة کحباب المطر فی الربیع على قلب رسول الله (صلى الله علیه وآله)لتجیب بمنطق صریح جذّاب: (قُلْ یُحیِیهَا الَّذی أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَ هُوَ بِکُلِّ خَلْق عَلِیمٌ)(3)

(أَوَ لَیْسَ الَّذی خَلَقَ السَّموَاتِ وَ الأَرْضَ بِقَادِر عَلَى أَنْ یَخْلُقَ مِثْلَهُم)(4)

کما وردت آیة أخرى شبیهة للآیة المذکورة: (کَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْق نُعیدُهُ)(5)

و الآن نتصفح أوراق تأریخ ظهور البشریة فنعود إلى الوراء لنرى بدایة الخلیقة: ...فجأة قذفت من الشمس کتلة ناریة عظیمة أطلق علیها فیما بعد إسم «الأرض» فأخذت فوراً بالدوران حول الشمس، إلاّ أنّها کانّت متقدة ومحرقة بحیث إذا تأملها الناظر لما احتمل إنّها ستصبح یوماً موضعاً لکل هذه البساتین الغنّاء و الأزهار الجمیلة و الشلاّلات و الطیور المتنوعة و أفراد الجنس البشری.

و لا ندری على وجه الدقّة کم مضى على تلک اللحظة، و لعلها تمتد إلى خمسة آلاف ملیون سنة!

مضت آلاف ملایین السنین و الأرض ساخنة و محرقة.

ثم إتحد غاز الهیدروجین مع الاوکسجین فی أجواء الأرض لیکونا بخار الماء، و بردت الطبقات العلیا من الجو بمرور الزمان فاشبعت ببخار الماء فبدأت سیول الأمطار الرهیبة. إلاّ أنّ الأرض کانت على درجة من السخونة بحیث لم تخترقها الأمطار، فکانت تتحول بخاراً قبل ملامستها فترتفع إلى الأعلى، و هکذا بقیت البحار لسنوات مدیدة ـ ربّما ملایین السنین ـ تائهة معلقة ما بین الأرض والسماء!

فلم یکن لها من سبیل إلى الأرض و لا إلى جو السماء، فکلما حاولت أن تقترب من الأرض لم تدعها الحرارة، و حین کانت تندفع إلى السماء لم یکن لها القدرة الکافیة لحل کل ذلک بخار الماء، فکانت دائبة الحرکة.

إلاّ أنّ تلک الحرکة أخذت تبرّد الأرض بالتدریج و تحد من جماحها.

فعادت المیاه إلى الأرض، حیث تقبلتها ودعتها تستقر فی الحفر، لکن لم یکن یسمع فی الکرة الأرضیة سوى صوت الرعد و البرق و زئیر الشلاّلات و أمواج البحار و صریر العواصف. فلم تتفتح وردة و لابرعم، کما لم تکن هناک فراشة تلقح الأوراق و لا أصوات لرفرفة أجنحة الطیور التی تحلق على شکل أسراب و جماعات لتحطم حاجز الصوت المرعب لتلک المقبرة، لا صوت حشرة و لا تغرید بلبل... کان الصمت سائداً فی کل مکان!

و فجأة حدثت ثورة عجیبة و حادثة فریدة فقد ظهرت أولى الکائنات

الحیة فی البحار، فأخذت النباتات بالانتشار تدریجیاً، ثم أخذت إثر ذلک أولى الحشرات الصغیرة و الحیوانات المختلفة تسرح و تمرح فی البحار و الیابسة.

لکن إلى الآن لا أحد یعلم السبب الذی یقف وراء ظهور الکائن الحی من المادة التی لاحیاة فیها، و کل الذی نعلمه هو أنّ عوامل خفیة إتحدت مع بعضها لتکون هذا الإبداع العظیم، أمّا جزئیات ذلک فما زالت من الأسرار التی لم یقف کنهها العلماء لحدّ الآن.

و بناءاً على هذا فإنّنا نلاحظ بوضوح أنّ أجزاء من بدننا الفعلی کانت سابقاً متناثرة فی زوایا هذه الأرض الواسعة الخالیة من الروح و الحیاة، ولعل هناک ملایین الکیلو مترات من المسافة بین ذراتها. إلاّ أنّ ذلک التناثر وهذه المسافة لم تکن لتمنعها من التجمع یوماً مع بعضها و تشکیلها لبدن الإنسان.

فهل من العجب أن یتکرر هذه العمل مرّة أخرى فتتجمع الذرات التی أصحبت تراباً و تناثرت هنا و هناک لتلبس ثوب الحیاة و تعاد الخلقة الأولى؟

فإن رأى الإعرابی ذلک الأمر ضرباً من الجنون، فما بالنا نحن الذین نعیش فی ظل هذا التطور العلمی فنراه عملیاً یمکن تحقیقة، و هو ما عبّر عنه الفلاسفة بقولهم: (حکم الأمثال فیما یجوز و فیما لایجوز واحد)


1. سورة ق، الأیة 15.2. سورة یس، الآیة 78.
3. سورة یس، الآیة 79.
4. سورة یس، الآیة 81.
5. سورة الأنبیاء، الآیة 104.

 

أول إرشاد الطریق الثانی
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma