کیفیة إنفاق الکسوة

SiteTitle

صفحه کاربران ویژه - خروج
ورود کاربران ورود کاربران

LoginToSite

SecurityWord:

Username:

Password:

LoginComment LoginComment2 LoginComment3 .
SortBy
 
انوار الفقاهة - کتاب النکاح-3
جواز بذل قیمة الطعام والإدام مع التراضی اختلاف الزوجین فی الإنفاق والنفقة

کیفیة إنفاق الکسوة
(مسألة 15) : إنّما تستحقّ فی الکسوة أن یکسوها بما هو ملکه أو بما استأجره أو استعاره، ولا تستحقّ علیه أن یدفع إلیها بعنوان التملیک. ولو دفع إلیها کسوة لمدّة جرت العادة ببقائها إلیها فکستها، فخلقت قبل تلک المدّة، أو سرقت، وجب علیه دفع کسوة اُخرى إلیها، ولو انقضت المدّة والکسوة باقیة على نحو یلیق بحالها لیس لها مطالبة کسوة اُخرى. ولو خرجت فی أثناء المدّة عن الاستحقاق لموت أو نشوز أو طلاق تستردّ إذا کانت باقیة. وکذا الحال فی الفراش والغطاء واللحاف والآلات التی دفعها إلیها من جهة الإنفاق ممّا تنتفع بها مع بقاء عینها; فإنّها کلّها باقیة على ملک الزوج تنتفع بها الزوجة، فله استردادها إذا زال استحقاقها إلاّ مع التملیک لها.
 
کیفیة إنفاق الکسوة
أقول: فی المسألة أحکام:
الأوّل: أنّه یجب على الزوج الکسوة مع شرطیة عدم تملیک; ولو بالإعارة،أو الإجارة.
الثانی: أنّها لو خلقت أو سرقت من دون تقصیر، وجب الإبدال.
الثالث: لو انقضت المدّة التی تخلق عادة ولم تخلق، فلیس لها المطالبة بکسوة اُخرى.
الرابع: لو خرجت عن الاستحقاق بالموت أو النشوز أو الطلاق، تستردّ.
الخامس: أنّ الحکم فی سائر الآلات التی تبقى عینها ـ بل المسکن ـ کذلک.
إذا عرفت هذا، فاعلم: أنّ الحکم فی المسائل السابقة، کان فی الأشیاء التی تفنى عینها، وفی هذه المسألة فی الاُمور التی تبقى عینها، ولنعم ما أفاده فی «المسالک» فی ابتداء هذه المسألة، حیث قسّم النفقات إلى ثلاثة أقسام:
منها: ما تستحقّها الزوجة على وجه الملک، کالطعام.
ومنها: ما لا تستحقّها إلاّ على وجه إباحة المنافع، کالمسکن.
ومنها: ما هو مردّد بینهما، کالکسوة، فإنّها تبقى عینها مدّة قصیرة،وتفنى بمرور الأیّام(1).
وتبعه فی «الجواهر»(2) على هذا التقسیم.
وعلى کلّ حال: فالأقوال فی المسألة ثلاثة، وقد أشار إلیها المحدّث البحرانی وصاحب «الجواهر» وغیرهما رضوان الله تعالى علیهم; قال فی «الحدائق»: «وقد اختلف الأصحاب فی کون الکسوة تملیکاً، أو إمتاعاً، وبالأوّل قال الشیخ فی «المبسوط» والمحقّق، والعلاّمة فی غیر «التحریر» و«القواعد» والثانی أی الإمتاع «خِیرة العلاّمة فی «القواعد»(3)، وشیخنا الشهید فی «الروضة» و«المسالک».
وقال فی آخر کلامه: «والمسألة عندی محلّ توقّف وإشکال; لعدم النصّ القاطع لمادّة القیل والقال، والرکون إلى هذه التعلیلات المتعارضة فی کلامهم والجاریة على رؤوس أقلامهم فی تأسیس الأحکام الشرعیة، مجازفة محضة»(4).
ویظهر من بعض کلمات العامّة ـ کما فی «الفقه الإسلامی وأدلّته» ـ أنّها تکون تملیکاً، قال: «تدفع الکسوة عند المالکیة والحنابلة أوّل کلّ عام، وتملک بالقبض، فلا بدل لما سرق، أو بلی. وقال الشافعیة والحنفیة: تدفع الکسوة فی کلّ ستّة أشهر، فإن بلیت الکسوة قبل هذه المدّة، لم یجب علیه بدلها»(5).
والأصل فی المسألة هو عدم التملیک بعد حصول المقصود بالإباحة.
اللهمّ إلاّ أن یقال: هذا الأصل معارض بأصالة عدم الإمتاع; فإنّهما ضدّان.
ولو قیل: بأنّهما من قبیل الأقلّ والأکثر; فالتملیک هو الإمتاع مع إضافة الملک.
قلنا: لیس الأمر کذلک; لأنّ تملیک العین ملازم لتملیک المنافع; لا إباحتها، فلا أصل فی المسألة.
اللهمّ إلاّ أن یقال: بأنّ الأمر بحسب الدقّة العقلیة وإن کان کذلک، ولکنّ العرف والعقلاء یرون التملیک شیئاً أکثر من الإمتاع، فأصالة العدم فیه غیر معارضة.
ولنرجع إلى أدلّة المسألة فنقول: الظاهر أنّه لیس هناک نصّ خاصّ فیها; فإنّ قوله تعالى: (وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَکِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ)(6)، لا یدلّ على أکثر من الوجوب. وعطف الکسوة على الرزق ـ مع العلم بأنّ الرزق یملک ـ لایدلّ على ملکیة الکسوة; فإنّ مقتضى العطف هو الاشتراک فی الوجوب إجمالا، لا أکثر من ذلک.
کما إنّ قوله تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِى عَلَیْهِنَّ) أجنبیّ عن المقام، کما عرفت سابقاً.
وهکذا ما ورد فی حدیث شهاب من قوله(علیه السلام): «ویکسوها فی کلّ سنة أربعة أثواب: ثوبین للشتاء، وثوبین للصیف»(7)، فإنّه أعمّ من التملیک والإمتاع.
نعم، هناک روایة من طرق العامّة، عن جماعة منهم، عن النبی(صلى الله علیه وآله) قال: «اتّقوا الله فی النساء; فإنّهنّ عوار عندکم، اتّخذتموهنّ بأمانة الله، واستحللتم فروجهنّ بکلمة الله، ولهنّ علیکم رزقهنّ وکسوتهنّ بالمعروف»(8).
ولکن اُورد بضعف سندها تارة، ودلالتها اُخرى; لأنّ الأصل فی اللام أن یکون للاختصاص، والملکیة تحتاج إلى دلیل.
ولو قیل: أنّ إضافته إلى الأموال دلیل على الملکیة.
قلنا: إنّ الرزق والکسوة هنا بالمعنى المصدری، وحینئذ لا یکون اللام للملکیة، بل بمعنى استحقاق هذین الفعلین: الرزق، والکسوة، فتأمّل.
والحاصل: أنّه لیس فی المسألة نصّ خاصّ معتبر، فاللازم الرجوع إلى العمومات والإطلاقات، ومفاد بعضها أنّه یجب على الزوج أن یکسوها، مثل ما عن إسحاق بن عمّار: أنّه سأل أبا عبدالله(علیه السلام) عن حقّ المرأة على زوجها، قال: «یشبع بطنها، ویکسو جثّتها، وإن جهلت غفر لها...»(9).
ومثل ما عن إسحاق بن عمّار أیضاً فی روایة اُخرى(10)، وما عن عمرو بن جبیر العَرْزَمی(11).
أو أنّه «إن أنفق علیها ما یقیم ظهرها مع کسوة، وإلاّ فرّق بینهما»(12)، کما فی روایة رِبْعی بن عبدالله والفضیل بن یسار.
وعن الحلبی، عن أبی عبدالله(علیه السلام) قال: قلت: من الذی اُجبر على نفقته؟ قال: «الوالدان، والولد، والزوجة، والوارث الصغیر»(13)، أو شبه ذلک.
فهذه المطلقات تنصرف إلى الفرد المتعارف، وهو یتفاوت بحسب الأزمنة والأمکنة المختلفة، وقد ذکرنا فی السابق: أنّ الواجب أن تکون النفقة لائقة بشأنها، وموافقة لمقامها، ومن الواضح أنّ استعارة الکسوة أو إجارتها أو شبه ذلک، لا تکون لائقة بشأن أکثر النساء، أو جمیعهنّ; إلاّ ما شذّ منهنّ فی زماننا هذا. بل لعلّ السیرة جرت على تملیکها غالباً، ولذا لا تجرّد المرأة بعد طلاقها أو موت زوجها، من ثیابها، بل یکون هذا فی عرف المتشرّعة، أمراً قبیحاً.
ولکن لا یخفى: أنّ التملیک مشروط بانتفاعها بها غالباً، فلو وهبت ثیابها التی دفعها إلیها زوجها واکتفت بثوب خلق مندرس، تؤاخذ بهذا العمل، وینکر علیها.
وممّا ذکرنا یظهر: أنّ تعیین عدد الأثواب بأربعة: ثوبین للصیف، وثوبین للشتاء
ـ کما ورد فی بعض الروایات ـ ناظر إلى زمان خاصّ وأمکنة معیّنة، وإلاّ فقد لا یتناسب وشأن المرأة، بل یکون فوق شأنها.
ثمّ إنّه قد ذکر صاحب «الجواهر» ستّ ثمرات للقولین، وناقش فیها کثیراً(14):
الاُولى: لو أخلقتها قبل المدّة، لم یجب علیه بدلها على القول بالملک، ویجب على إباحة التصرّف.
وفیه: أنّ الإخلاق إن کان لتقصیر منها، لا یجب الإبدال على کلّ حال; لأنّ الزوج أتى بوظیفته، وعمومات الإنفاق منصرفة عن هذه الصورة على کلا التقدیرین، ولو لم یکن التقصیر منها ـ بأن سرق مع غیره من أموال الزوجة بغیر قصور، أو کان الثوب معیوباً فی الباطن وإن کان سالماً فی الظاهر ـ فعلى الزوج الإبدال على کلا التقدیرین; لأنّ الأمر بالإکساء باق على حاله.
الثانیة: عکس الصورة السابقة; أی انقضت المدّة والکسوة باقیة، فهل لها المطالبة بکسوة اُخرى لما یستقبل؟
قال(قدس سره): «نعم على الملک، دون الإمتاع».
وفیه: أنّه یمکن أن یقال بعدم جواز المطالبة على کلا التقدیرین:
أمّا على الإمتاع فواضح; لأنّ المنافع موجودة، وقد أباحها لها.
وأمّا على الملک; فلأنّ إطلاق الأدلّة منصرف إلى فرض بِلی الکسوة بمرور الزمان، وحاجتها إلى غیرها، ولا تشمل فرض بقائها.
الثالثة: إذا تخلّف الزوج عن دفع الکسوة، کانت دیناً علیه، وکان ضامناً لها على الملک، دون الإباحة; لأنّه لا یتصوّر الضمان فی فرض الإباحة.
وفیه ما ذکره فی «الجواهر»: «من أنّه یکفی فی ضمانه کونها حقّاً مالیاً لها»(15).
ومراده أنّ لها على کلّ تقدیر، حقّاً على الزوج، ولیس الرزق والکسوة، تکلیفاً محضاً وإن کان الحقّ متعلّقاً بالإمتاع، فاللازم تدارکه على کلّ تقدیر.
الرابعة: أنّه یجوز جعل عوض للزوجة بدلا عنها ـ مع تراضیهما بذلک ـ على القول بالملک، وأمّا على القول بالإمتاع فلا; لأنّه مجرّد تکلیف للزوج، ولیس عیناً أو منفعة حتّى یجعل له عوض.
وفیه ما عرفت: من أنّها على الإمتاع أیضاً لیست مجرّد حکم تکلیفی، بل حقّ مالی; أی الزوجة تستحقّ علیه الإمتاع بالکسوة، ویجوز تعویض هذا الحقّ بشیء.
الخامسة: أنّه یجوز له أخذ الکسوة منها وتبدیلها بکسوة اُخرى على القول بالإمتاع، وأمّا على الملک فلا; لأنّها صارت ملکاً لها.
ولعلّ هذه الثمرة أقرب إلى الواقع من الجمیع. والمناقشة فیها: بأنّ الملک متزلزل، فیجوز تبدیله، کما ترى; فإنّ تزلزله إنّما هو بالنسبة إلى المستقبل; لإمکان انتفاء بعض الشروط بالنسبة إلى الحال، دون المقام; لأنّ المفروض بقاء الشروط فیها.
السادسة: أنّه یجوز لها بیع المأخوذ ونقله إلى غیر على القول بالملک، دون الإمتاع.
ویناقش فیها: بأنّ تزلزل الملک بالنسبة إلى المستقبل، یمنع عن نقله، فهو کالعین فی بیع الشرط، فإنّه لا یجوز نقلها إلى غیره إلاّ بعد مضیّ الشرط.
إذا عرفت هذا، فلنرجع إلى الأحکام الخمسة الموجودة فی هذه المسألة، وقد ظهر الحکم الأوّل; أی وجوب الکسوة، ولکنّه عندنا بالتملیک، على خلاف ما أفاده المصنّف فی المتن.
وکذا الحکم الثانی; أی إذا خلقت أو سرقت قبل مضیّ المدّة، یجب علیه الإبدال. ولکن لابدّ من تقیید المتن بعدم کونه عن تقصیر.
وهکذا الحکم الثالث; أی إذا انقضت المدّة ولم تخلق، لم یجب علیه کسوة اُخرى; حتّى على القول بالملک.
وأمّا الرابع ـ أی بقاء الکسوة مع الطلاق والنشوز والموت ـ فهل ترجع إلى الزوج، أم تستحقّها الزوجة؟
صرّح المصنّف بأنّها تستردّ إذا کانت باقیة، کما صرّح فی «الشرائع» بجوازاستعادتها ما لم تنقضِ المدّة المضروبة له(16)، وقرّره على ذلک فی «الجواهر»(17).
و قال فی «الریاض»: «ولو طلّقها أو ماتت أو مات أو نشزت، استحقّ ما یجده منها مطلقاً»(18).
واحتمل فی «المسالک» بناء المسألة على اختلاف الأقوال فی الملکیة «أمّا على الإمتاع فواضح... وإن قلنا بالملک لا یجوز استردادها; لأنّ کسوة الصیف مثلا بالنسبة إلیها، کالیوم بالنسبة إلى نفقتها. وهو أظهر وجهی الشافعیة»(19).
وهذا الکلام کغیره من أشباهه، مبنیّ على وجوب الکسوة فی کلّ سنة مرّتین: کسوة الشتاء، وکسوة الصیف، فهی تملک کسوة الصیف فی أوّل یوم منه، وکذا الشتاء. ولعلّ ذلک کان عادة العرف فی بعض الأزمنة، وأمّا زماننا فلیس الأمر کذلک; لأنّ الألبسة أکثر من ذلک غالباً.
ولکنّ الإنصاف: أنّه على الملکیة، یکون ملکاً متزلزلا بالنسبة إلى المستقبل، فالاسترداد على کلّ تقدیر ممکن.
نعم، جرت السیرة على عدم أخذ ما لبسته فعلا حال الطلاق، أو الموت، أو النشوز، وأمّا سائر الألبسة الموجودة فلا یبعد جواز استردادها. هذا کلّه فی الحکم الرابع فی المسألة.
وأمّا حکم سائر الآلات التی تکون مورداً للحاجة، ولکن تبقى عینها، کالمفروشات، والغطاء، والظروف، والسراج، وآلات الطبخ والغسل، وشبهها، فالظاهر أنّها لیست من قبیل الملک، وعلى الأقلّ یشکّ، فیستصحب عدم کونها ملکاً، والمتعارف عدم التملیک إلاّ إذا صرّح الزوج بذلک.
بقی هنا أمران:
الأوّل: أنّک قد عرفت فی المسألة حکم المسکن، وقد صرّح المصنّف(قدس سره) فیها بأنّ الواجب على الزوج، إسکانها فی مسکن یلیق بها، وتکون له مرافق حسب الحاجة إلیها; إمّا بعاریة، أو إجارة، أو ملک; أی ملک الزوج، ولم یتعرّض المصنّف له هنا.
وقد عرفت: أنّ الشهید الثانی(قدس سره) عند تقسیمه فی أوّل المسألة، جعل المسکن ممّا لا تستحقّه إلاّ على وجه الإباحة قطعاً، والظاهر أنّه کذلک.
ولکن ورد فی روایات الباب الثامن من أبواب نفقات «الوسائل» ما ظاهره خلاف ذلک; ففی روایة سعد بن أبی خلف، عن أبی الحسن موسى(علیه السلام) ـ فی حکم المطلّقة الرجعیة ـ قوله: «ولها النفقة والسکنى حتّى تنقضی عدّتها»(20) والمطلّقة الرجعیة بحکم الزوجة.
وفی کثیر من روایات الباب المذکور الناظرة إلى حکم البائنة: أنّه «لیس لها سکنى، ولا نفقة»(21)، ومفهومه أنّ لغیرها النفقة والسکنى، واللام إذا دخل على الأموال دلّ على الملکیة، لاسیّما مع اتّحاد سیاقه مع النفقة.
ولکن فرق بین «السکن» و«السکنى» فإنّ «السکن» و«المسکن» هو المنزل والبیت، کما صرّح به أهل اللغة(22)، وأمّا «السکنى» فهو اسم مصدر بمعنى السکون فی الدار، أو إسکان غیره، فإذا قلنا: «للمرأة السکنى» أی إسکانها فی بیت، وهذا لا یدلّ على الملک قطعاً.
نعم، إذا شرطت الزوجة تملیک المسکن فی عقد النکاح، أو کان من شأنها ذلک
ـ وقلیلا ما یکون کذلک ـ وجب تملیکها،ولکن یبقى ملکاً متزلزلاما دامت الزوجیة باقیة.
الثانی: فی حکم الحلیّ، واللازم أوّلا التکلّم فی کونها من النفقة، أم لا، ثمّ بعد الفراغ عن کونها من النفقة، هل هی بعنوان الملک، أو الإباحة؟
ومن العجب أنّ أحداً من الفقهاء ـ فیما تفحّصنا بأنفسنا، وکذلک بمعونة بعض الإخوة ـ لم یتعرّض لذلک فی باب النفقات نفیاً وإثباتاً! مع أنّها ممّا لا تنفکّ عن المرأة، کما قال الله تعالى فی شأنهنّ: (أَوَ مَنْ یُنَشَّأُ فِى الْحِلْیَةِ...)(23)، فالحلیة جزءمن حیاة النساء.
ویظهر من قوله تعالى: (وَلاَ یَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِیُعْلَمَ مَا یُخْفِینَ مِنْ زِینَتِهِنَّ)(24)، أنّ الحلیّ الخفیة کانت لدى النساء فی عصر نزول القرآن، فکیف بالجلیة؟!
وقد ورد فی روایات المعصومین(علیهم السلام) تفسیر الزینة الظاهرة بالخاتم وغیره(25)، کما ورد فی کلام أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فی «نهج البلاغة» قوله(علیه السلام): «ولقد بلغنی أنّ الرجل منهم کان یدخل على المرأة المسلمة، والاُخرى المعاهَدة، فینتزع حِجْلها، وقُلْبَها، وقلائدها، ورُعُثَها...»(26).
وهذا یدلّ على أنّ جمیع أنواع الحلیّ، کانت متداولة بین المسلمین فی عصرهم
صلوات الله علیهم.
بل یظهر من بعض الروایات، أنّ الصدّیقة الطاهرة کانت لها فی بعض الأیّام، قلادة وسوار من الفضّة، کما یظهر من بعض روایات کربلاء، أنّ بنات رسول الله(صلى الله علیه وآله)کانت عندهنّ بعض الحلیّ، فسلبها منهنّ أعداء الإسلام وأجلاف بنی اُمیّة، فکیف لم یتعرّض فقهاء الإسلام فی باب النفقات لهذا الأمر؟!
وأعجب من ذلک أنّهم ذکروا: «أنّ ثیاب التجمّل من النفقة» ولم یذکروا الحلیّ التی هی لیست دونها; لو لم تکن أهمّ!! قال العلاّمة(قدس سره) فی «القواعد»: «وإذا کانت من ذوی التجمّل، وجب لها ـ زیادة على ثیاب البِذْلة(27) ـ ثیاب التجمّل بنسبة حال أمثالها»(28).
وقال المحقّق(قدس سره) فی «الشرائع»: «وتزداد إذا کانت من أهل التجمّل ـ زیادة على ثیاب البِذْلة ـ بما یتجمّل أمثالها به»(29).
و قبله صاحب «الجواهر»(رحمه الله) و استدلّ له بإطلاق أدلّة النفقة، و وجوب المعاشرة بالمعروف(30).
و مثله ما ذکره غیرهم من نظائرهم.
ونزداد عجباً إذا ما راجعنا کلامهم عن الحلیّ فی باب الاستطاعة، کما فی «المسالک» حیث قال: «وحلیّ المرأة ـ المعتادة لها بحسب حالها، وزمانها، ومکانها ـ فی حکم الثیاب»(31).
وقال المحقّق الکرکی فی باب الخمس: «ما صرفته فی الحلیة اللائقة بأمثالها فی النسب والجمال، لا خمس علیها فیه; وهو بمنزلة ثیاب التجمّل»(32).
ومعنى جمیع ذلک: أنّ الحلیّ أیضاً من أقسام النفقة، ولِمَ لا تکون کذلک مع أنّها من حاجات المرأة الرفاهیة، وحاجتها إلیها أشدّ من الخدم الذین أشاروا إلیهم فی باب النفقات؟! فسکوتهم عن ذلک نفیاً وإثباتاً، عجیب.
على کلّ حال: لا شکّ فی أنّ الحلیّ من النفقة; إذا کانت بالحدّ المعقول المناسب لشأن المرأة، وکانت بعیدة عن الإسراف والتبذیر، بل قد عرفت أنّه قد تکون حاجتها إلیها، أشدّ من الخادم والإدام وشبههما.
ولکن لا دلیل على کونها تملیکاً لها، بل الظاهر أنّها من باب إباحة التصرّف.
والإنصاف: أنّ الغالب فی عرفنا تملیک الحلیّ للمرأة، فلو حصل الفراق بینهما لا یبعد عدم خروجها عن ملکها، وعلى الأقلّ نقول بلزوم المصالحة بینهما، والله العالم.


(1). هذا ملخّص کلامه فی مسالک الأفهام 8 : 463.
(2). جواهر الکلام 31 : 346.
(3). ما فی القواعد هو القول بالملک، لا الإمتاع. )منه دام ظلّه(
(4). الحدائق الناضرة 25 : 125.
(5). الفقه الإسلامی وأدلّته 10 : 7390.
(6). البقرة (2): 233.
(7). وسائل الشیعة 21 : 513، کتاب النکاح، أبواب النفقات، الباب 2، الحدیث 1.
(8). راجع المسند، أحمد بن حنبل 15 : 293.
(9). وسائل الشیعة 21 : 510، کتاب النکاح، أبواب النفقات، الباب 1، الحدیث 3.
(10). وسائل الشیعة 21 : 511، کتاب النکاح، أبواب النفقات، الباب 1، الحدیث 5.
(11). وسائل الشیعة 21 : 511، کتاب النکاح، أبواب النفقات، الباب 1، الحدیث 7.
(12). وسائل الشیعة 21 : 509، کتاب النکاح، أبواب النفقات، الباب 1، الحدیث 1.
(13). وسائل الشیعة 21 : 511، کتاب النکاح، أبواب النفقات، الباب 1، الحدیث 9.
(14). جواهر الکلام 31 : 348 ـ 349.
(15). جواهر الکلام 31 : 349.
(16). شرائع الإسلام 2 : 294.
(17). جواهر الکلام 31 : 350.
(18). ریاض المسائل 10 : 548.
(19). مسالک الأفهام 8 : 467.
(20). وسائل الشیعة 21 : 519، کتاب النکاح، أبواب النفقات، الباب 8، الحدیث 1.
(21). راجع وسائل الشیعة 21 : 519، کتاب النکاح، أبواب النفقات، الباب 8، الحدیث 3، 5، 6، 8 وغیرها.
(22). لسان العرب 13 : 212.
(23). الزخرف (43): 18.
(24). النور (24): 31.
(25). راجع وسائل الشیعة 20 : 200، الباب 109 من أبواب مقدّمات النکاح. )منه دام ظلّه(
(26). الحجل بالکسر والفتح هو الخلخال، والقلب هو السوار، والقلائد جمع قلادة، والرُعُتْ جمع رَعْتَة بمعنى الفرط، ویطلق علیها فی الفارسیة: (خلخال، ودست بند، وگردن بند، وگوشواره). )منه دام ظلّه(
(27). أی التی تلبس کلّ یوم.
(28). قواعد الأحکام 3 : 105.
(29). شرائع الإسلام 2 : 571.
(30). جواهر الکلام 31 : 340.
(31). مسالک الأفهام 2 : 129.
(32). رسائل المحقّق الکرکی 2 : 285.
 

 

جواز بذل قیمة الطعام والإدام مع التراضی اختلاف الزوجین فی الإنفاق والنفقة
12
13
14
15
16
17
18
19
20
Lotus
Mitra
Nazanin
Titr
Tahoma