(مسألة 9) : الظاهر أنّه من الإنفاق الذی تستحقّه الزوجة اُجرة الحمّام عند الحاجة; سواء کان للاغتسال أو للتنظیف إذا کان بلدها ممّا لم یتعارف فیه الغسل والاغتسال فی البیت، أو یتعذّر أو یتعسّر ذلک لها لبرد أو غیره. ومنه أیضاً الفحم والحطب ونحوهما فی زمان الاحتیاج إلیها، وکذا الأدویة المتعارفة التی یکثر الاحتیاج إلیها; بسبب الأمراض والآلام التی قلّما یخلو الشخص منها فی الشهور والأعوام. نعم، الظاهر أنّه لیس منه الدواء وما یصرف فی المعالجات الصعبة التی یکون الاحتیاج إلیها من باب الاتّفاق، خصوصاً إذا احتاج إلى بذل مال خطیر. وهل یکون منه اُجرة الفصد والحجامة عند الاحتیاج إلیهما؟ فیه تأمّل وإشکال.
 
استحقاق الزوجة اُجرة الحمّام والطبیب والأدویة عند الحاجة
أقول: ذکر المصنّف هنا فروعاً ثلاثة: الأوّل: حکم اُجرة الحمّام، والثانی: الحطب والفحم، وما یحتاج إلیه لطبخ الغذاء، أو تدفئة البیت فی الشتاء، الثالث: الدواء، وتتبعه اُجرة الطبیب، والحجّام، والفصّاد. ولکنّه فصّل فی الأخیر بین المعالجات السهلة والصعبة.
وإنّما فصل هذه الاُمور عن سائر الحاجات ـ مع أنّ الظاهر أنّه لا فرق بینها، بل الدواء أهمّ من کثیر منها ـ لبعض کلمات القدماء فیها، ولا سیّما الأخیر، فإنّه ورد فی کلمات الفقهاء; قال الشیخ(قدس سره) فی «المبسوط»: «وشبّه الفقهاء الزوج بالمکترى، والزوجة بالمکرى داراً; فما کان من تنظیف... فعلى المکتری... وما کان من حفظ البنیة کبناء الحائط... فعلى المکری; لأنّه الأصل، وکذلک الزوج، ما یحتاج إلیه للنظافة... فعلیه، وما کان من الأشیاء التی تراد لحفظ الأصل والبنیة ـ  کالفصد، والحجامة ـ فعلیها»(1).
وقال الفاضل الأصفهانی: «ولا تستحقّ علیه الدواء للمرض، ولا اُجرة الحجامة، والفصد، والطبیب، ولا اُجرة الحمّام; لعدم الدلیل; إلاّ مع البرد المانع من الاغتسال والتنظیف إلاّ فیه»(2).
وقال وهبة الزحیلی فی کتابه «الفقه الإسلامی وأدلّته»: «قرّر فقهاء المذاهب الأربعة، أنّ الزوج لا یجب علیه اُجور التداوی للمرأة المریضة; من اُجرة الطبیب، وحاجم، وفاصد، وثمن دواء، وإنّما تکون النفقة فی مالها إن کان لها مال، وإن لم یکن لها مال وجبت النفقة على من تلزمه نفقتها; لأنّ التداوی لحفظ أصل الجسم، فلا یجب على مستحقّ النفقة، کعمارة الدار المستأجرة تجب على المالک، لا المستأجر»(3).

(1). المبسوط 6 : 8.
(2). کشف اللثام 7 : 567.
(3). الفقه الإسلامی وأدلّته 10 : 7380.