أقسام الحقوق
قد ذکر أصحابنا المتأخّرون أو المعاصرون، أقساماً کثیرة للحقّ، ولکنّ الإنصاف أنّها لا تخرج عن أربعة أقسام:
الأوّل: ما یقبل الإسقاط والنقل والانتقال(1)، کحقّ التحجیر، فإنّه یجوز إسقاطه; وصرف النظر والإعراض عنه، ویجوز نقله إلى الغیر، کما ینتقل بعد موته إلى وارثه بمقتضى القاعدة المعروفة «ما کان للإنسان من مال أو حقّ، فإنّما ینتقل إلى وارثه».
الثانی: ما یقبل الإسقاط والنقل، ولا یقبل الانتقال القهری، کحقّ السبق إلى مکان الصلاة من المسجد، فإنّه یمکن إسقاطه أو نقله إلى الغیر، ولا ینتقل إلى وارثه; لعدم شمول أدلّة الإرث له.
الثالث: ما یقبل الإسقاط والانتقال، دون النقل، مثل حقّ الشفعة، فإنّه یجوز إسقاطه، کما یصحّ انتقاله إلى الوارث إذا لم یعمله المورّث فی حیاته، ولکن لا یمکن نقله إلى غیر الشریک.
الرابع: ما یقبل الإسقاط فقط، کحقّ الغیبة; بناءً على کونها حقّاً یجب الاستحلال منها، کما هو الظاهر، فإنّها سبب لهتک عرض المؤمن، کما لا یمکن نقله إلى الغیر، ولا ینتقل إلى الورثة.
والظاهر أنّ الحقّ بمعناه الفقهی، لا یخرج عن هذه الأقسام الأربعة; فإنّ الحقّ تظهر آثاره فی أحد اُمور ثلاثة: الإسقاط، والنقل، والانتقال، فلو لم یکن فیه شیء من هذه الثلاثة، لم یکن حقّاً، بل کان حکماً تکلیفیاً، أو وضعیاً، مثل ولایة الأب والجدّ على الصغیر، فإنّها لا یجوز إسقاطها، ولا نقلها، ولا تنتقل بالموت وشبهه إلى الورثة، فهی حکم إلهی یطلب من الأب والجدّ القیام به فی مقابل أولاده الصغار.
والظاهر أنّ الإسقاط من آثار الحقّ دائماً; فإنّه لو لم یقبل الإسقاط کان حکماً.
ثمّ إنّه قد ینضمّ الإسقاط إلى النقل، أو إلى الانتقال، أو کلیهما، فبذلک تحصل أقسام أربعة. هذا کلّه بالنسبة إلى مقام الثبوت.
 

(1). الانتقال إنّما یتحقّق بسبب قهری، کالإرث. )منه دام ظلّه(