(مسألة 4) : لو شرط أن لا یخرجها من بلدها، أو أن یسکنها فی بلد معلوم أو منزل مخصوص، یلزم الشرط.
 
لزوم الوفاء بالشرط إذا اشترط الإسکان فی مکان خاصّ
أقول: فی المسألة قولان، أو ثلاثة:
الأوّل: صحّة العقد والشرط، وهو الأشهر.
الثانی: صحّة العقد، وفساد الشرط; ذهب إلیه جماعة من المتقدّمین والمتأخّرین.
الثالث: فساد العقد والشرط; بناءً على القول بسرایة الفساد منه إلیه.
قال فی «المسالک»: «القول بلزوم الشرط للشیخ فی «النهایة» وتبعه علیه جماعة، منهم العلاّمة فی «المختلف» و«الإرشاد» والشهید فی «اللمعة» والشرح... وصرّح ابن إدریس ببطلان الشرط، مع صحّة العقد، وتبعه جماعة من المتأخّرین. والشیخ فی «المبسوط» و«الخلاف» منع من اشتراط أن لا یسافر بها، وجعلوه من جملة القائلین بالمنع فی المسألة، ولیس کذلک; لأنّ السفر أمر آخر غیر الخروج عن البلد»(1).
ونقل فی «الریاض» القولین الأوّلین، وألزم القائلین بفساد الشرط القولَ بفساد المشروط أیضاً، مورداً علیهم «باستلزام فساد الشرط ـ على تقدیر تسلیمه ـ فساد المشروط بمقتضى القاعدة»(2).
وقال ابن قدامة فی «المغنی»: «إنّ الشروط فی النکاح تنقسم أقساماً ثلاثة: أحدها: ما یلزم الوفاء به; وهو ما یعود إلیها نفعه وفائدته، مثل أن یشترط أن لا یخرجها من دارها، أو بلدها، أو لا یسافر بها، ولا یتزوّج علیها، ولا یتسرّى علیها، فهذا یلزمه الوفاء لها به، فإن یفعل فلها فسخ النکاح»(3).
ولا یخفى علیک: أنّ ما ذکره أخیراً، ممّا لا یمکن الموافقة علیه فی تعمیم الحکم للتسرّی والتزویج علیها، وکذا فی جواز الفسخ، فقد عرفت أنّ مخالفة الشرط فی غیر الصفات، لا توجب حقّ الفسخ.
وعلى کلّ حال: العمدة فی المسألة أمران:
أوّلهما: أدلّة صحّة الشروط; وأنّ المؤمنین عند شروطهم، ووجوب الوفاء بالعقود.
نعم، قد یتوهّم: أنّ هذا شرط مخالف للشرع; لأنّ ذلک مناف لحقّ الزوج فی الاستمتاع.
ویرد علیه أوّلاً: النقض بکثیر من الشروط، مثل اشتراط عدم الدخول ولو فی العقد الموقّت، واشتراط الزوجة عدم الدخول قبل أخذ المهر، وکذلک فی أبواب المعاملات، مثل اشتراط عدم تسلیم المبیع قبل زمان کذا، أو ما أشبه ذلک.
وثانیاً: الحلّ بأنّ الزوج یجوز له أن یعدل عن بعض حقوقه، وطبیعة کلّ شرط کذلک; فإنّه یوجب صرف نظر الزوج أو الزوجة عن بعض حقوقهما.
نعم، إذا خالف کتاب الله أو مقتضى العقد بتمامه ـ لا مقتضى إطلاق العقد ـ کان باطلا، وفرق بین ما یخالف نفس العقد، وما یخالف إطلاق العقد، ومن الأوّل أن یشترط على المشتری عدم التصرّف فی المبیع مطلقاً، ومن الثانی أن یشترط علیه عدم التصرّف إلاّ بعد زمان.
ثانیهما: صحیحة أبی العبّاس، عن الصادق(علیه السلام): عن الرجل یتزوّج المرأة، ویشترط أن لا یخرجها من بلدها، قال: «یفی لها بذلک» أو قال: «یلزمه ذلک»(4).

(1). مسالک الأفهام 8 : 249 ـ 250.
(2). ریاض المسائل 10 : 450 ـ 451.
(3). المغنی، ابن قدامة 7 : 448.
(4). وسائل الشیعة 21 : 299، کتاب النکاح، أبواب المهور، الباب 40، الحدیث 1.