بقی هنا شیء:
وهو أنّه قد یقال ـ کما یظهر من بعض کلمات العامّة ـ : إنّ مهر المفوّضة، مثل التی لم یذکر لها مهر، أو التی مهرها فاسد; لأنّ تفویض المهر یرجع إلى إبهام ظاهر، فمهرها فاسد، فیرجع فیه إلى مهر المثل; قال فی «المغنی»: «مفوّضة المهر کالمفوّضة البضع على مذهب أبی حنیفة; لأنّه خلا عقدها من تسمیة صحیحة، فأشبهت التی لم یسمّ لها شیء»(1)، هذا.
والإنصاف: أنّه لیس من قبیل المهر المبهم الفاسد; لأنّه فرق واضح بین تعیین المهر المجهول، مثل ذکر کلمة «شیء» وبین تفویض التعیین إلى أحدهما فی المستقبل من دون ذکر مهر، فأشبه ذکر الشرط فی العقد، واللازم الوفاء به.
أمّا الفرع الثالث: ـ وهو ما إذا فوّض الأمر إلى الزوجة ـ فالمشهور بل عرفت دعوى الإجماع علیه، أنّه لا یجوز لها التجاوز عن مهر السنّة.
ویدلّ علیه ـ مضافاً إلى دعوى الإجماع ـ روایات:
الاُولى: ما مرّ من روایة زرارة التی قد عرفت الکلام فی تصحیح سندها بعمل المشهور; وإن کان إبهام متنها غیر قابل للإنکار.
اللهمّ إلاّ أن یقال: عدم العلم بتفسیر هذا الفرق لا یرتبط بأصل الحکم، فتأمّل.
الثانیة: صحیحة محمّد بن مسلم، عن أبی جعفر(علیه السلام): فی رجل تزوّج امرأة على حکمها، أو على حکمه، فمات أو ماتت قبل أن یدخل بها، قال: «لها المتعة والمیراث، ولا مهر لها». قلت: فإن طلّقها وقد تزوّجها على حکمها؟ قال: «إذا طلّقها وقد تزوّجها على حکمها، لم یجاوز حکمها علیه أکثر من وزن خمسمائة درهم فضّة; مهور نساء رسول الله(صلى الله علیه وآله)»(2).