سؤال: ورد فی العبارة الأولى: «ألا لا خیر فی علم لیس فیه تفهّم» فهل هنالک علم دون تفهّم؟
الجواب: بلى، کثیر العلم الذی لا حاصل له سوى خزین من المعلومات والقواعد والصیغ الجافة التی لا یفکّر فیها صاحبها ولا یتأمل نتائجها. فالعالم الذی یخترع الذرة ویطلق هذه الطاقة العظیمة، ترى لم فعل ذلک؟ هل کان هدفه القضاء على جمیع الکائنات الحیّة وإزالة جمیع آثار الحیاة فی «ناکازاکی» و«هیروشیما» فی الیابان، والتی مازالت آثارها المشؤومة للأسف قائمة لحد الآن بعد عشرات السنین؟! أم کان هدفه صنع محطة کهربائیة لیضیىء بواسطتها العالم ویحرک عجلات المعامل والمصانع وتستغل فی سائر الفوائد؟ للأسف لیس لأغلب العلماء المادیین تفهم فی علومهم، ومن هنا تحولت الدنیا إلى بؤرة مظلمة فالدنیا التی لیس لعلمائها من هدف سوى اللذة المادیة ولا یفرق لهم أن تنشط باختراعاتهم واکتشافاتهم مصانع الأدویة أو مصانع القنابل، بل یرجحون ما کان دخله أکثر ویجلب لجیوبهم أکبر عدد ممکن من الدولارات فإن مثل هذه الدنیا بؤرة ظلام وهذا العلم مضر حقاً!
وجاء فی العبارة الثانیة: «ألا لا خیر فی قراءة لیس فیها تدبّر» نعم کثیرون من یتلون القرآن والقرآن یلعنهم(1). ذلک لأنّهم لا یعملون بهذه الوصفة المشفیة وما فیها من وصایا، فهؤلاء حین یقرأون الآیات المتعلقة بالغیبة وهم یغتابون الآخرین فتلعنهم هذه الآیات حین یقرأ آیات الربا وهو ملوث بهذا الذنب الکبیر تلعنه آیات الربا، وهکذا سائر الآیات التی لا یعمل بها.
«تدبّر»: من مادة «دبّر» على وزن قصر التفکیر بالعاقبة. وتالی القرآن حین یتلو الآیات الشریفة لابدّ أن یفکر بعاقبة الأفراد الذین تتحدث عنهم الآیات المتلوّة، فقراءة آیة بتدبّر أفضل من ختمة دون تدبّر.
وقال فی العبارة الثالثة: «ألا لا خیر فی عبادة لا فقه فیها». فهل فکرنا فی معانی سورة الحمد حین تلاوتها فی الصلاة عندما نقف بین یدی الله؟ فإن بلغنا قوله تعالى «إیّاک نعبد وإیّاک نستعین» نظرنا إلى قلوبنا هل حقاً نعبد الله فقط به نستعین؟ أم أنّ عبادة الهوى والمال والمقام لم تدع فی قلوبنا من موضع لعبادة الله؟! حین نصل إلى التشهد ونشهد بوحدانیة الله ونطل على قلوبنا ونلاحظ هل هنالک من أوثان فی هذه القلوب أم أنّ هذه القلوب لیس فیها سوى الله، نعم لابدّ من اقتران العبادة بالتفکر، ذلک لأنّ العبادة المقرونة بالتفکر یمکنها أن تغیر مصیرنا.