یستفاد من هذه العبارات تفسیر آخر للتقوى وهو أنّ التقوى أن لا یسلس الإنسان قیاده للشیطان وعدم التقوى تعویض زمام اختیار الإنسان للشیطان. ولمزید من التوضیح لابدّ من الالتفات إلى أنّ الناس من هذه النظرة ثلاث طوائف:
1. الطائفة التی یئس الشیطان من إضلالها والتحکم بأمورها، وبالطبع فإنّ هذه الطائفة عدّة معدودة باسم «المخلصین» الذین قال فیهم القرآن على لسان الشیطان: (لاَُغْوِیَنَّهُمْ أَجْمَعِینَ * إِلاَّ عِبَادَکَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِینَ)(1). کما أمَّن الله تعالى هؤلاء فقال: (إِنَّ عِبَادِى لَیْسَ لَکَ عَلَیْهِمْ سُلْطَانٌ)(2). وهذه الطائفة من عبادالله عبارة عن المعصومین(علیهم السلام)وأولیاء  الله حیث قضى هؤلاء على عناصر وجذور الفساد فی باطنهم، ومن هنا لم یکن للشیطان من سبیل إلیهم.
2. الطائفة الخاضعة تماماً للشیطان حتى أنّها لتقتفی آثاره أحیاناً دون دعوته! ولا حاجة لتوضیح وضع هذه الطائفة.
3. الطائفة الثالثة التی لیست تابعة مطلقاً لله تعالى ولا مسلّمة محضاً للشیطان، بل تطیع أمرالله تارة وتخدع بالشیطان وتطیعه تارة أخرى. قال الله تعالى فی الآیة 20 من سورة الأعراف بشأن هذه الطائفة التی لیست قلیلة: «إنَّ الَّذینَ اتّقَوا إذا مَسَّهُم طائِفٌ مِنَ الشَّیطانِ تَذَکَّروا فإذا هُمْ مُبصِرُونَ». فالشیطان یطوف حول قلب الإنسان علّه یظفر ببوابة للدخول، بوابة المال والمقام والشهوة والمرأة والولد والمدح الکاذب وما شابه ذلک. ولابدّ أن نکون على الأقل ضمن هذه الطائفة لنتمکن من الإبصار عن طریق ذکر الله ونهرب من الشیطان کهروبنا من سارق الأموال فإن غفلنا سرق الشیطان مصادرنا.
إلهی! وفّقنا للسیر بغیة بلوغ طائفة المخلصین. 

1 . سورة الحجر، الآیة 40 ـ 41.
2 . سورة الحجر، الآیة 42.