حین بلغنا البحث حول صفة «حسن الخلق» فی تفسیر الأخلاق فی القرآن، ج 3، ص135 رأینا سعة هذا البحث، ورغم مطالعاتنا السابقة حول هذا الموضوع فقد وجدنا عبارات فی القرآن والأحادیث قلّما وردت فی مسألة أخرى. بعبارة أسهل فإنّ حسن الخلق والبشاشة والأدب وحسن التصرف مع الناس من أسس الإسلام. والروایات الکثیرة بتعبیراتها الرائعة الفریدة وتؤکد أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) کان یولی فائق الأهمیّة لحسن الخلق. وللأسف لم تلق هذه المسألة تلک الأهمیّة فی الأوساط الإسلامیة بل عمل على العکس منها، حتى ظن البعض أنّ الفرد الملتزم لابدّ أن یکون عبوساً وعنیفاً وجافاً ! والحال هذا خطأ کبیر. الواقع ماورد فی هذه الروایة إحدى الفوائد الدنیویة للأخلاق الحسنة. وقد دلت التجربة على أنّ من حسنت أخلاقه حسنت معیشته وحیاته. وقد اطّلعنا على إحصاء عن کیفیة کسب وعمل بعض الکسبة یفید أنّ الکسبة الحسنی الخلق کانوا موفقین بنسبة 70% وسیىء الخلق بنسبة 30%; ای ان 40% حصة حسن الخلق! ذلک لأنّ حسن الخلق یجذب  الناس وسوء الخلق یطردهم. فلابدّ أن یتحلى جمیع المسلمین سیما من یتعامل مع الناس بالبیع بحسن الخلق، فحسن الخلق یعمر المجتمع ویؤدّی إلى طول العمر، حیث ورد فی الحدیث «إن البرّ وحسن الخلق یعمران الدیار ویزیدان فی الأعمار»(1).
سؤال: لماذا یوجب حسن الخلق سعة الرزق؟
الجواب: إنّما یشترى الإنسان سلعة من الکاسب فی المثال المذکور حین یثق به. فإن شک فی کاسب وضعفت ثقته به هرب منه وعلیه لابدّ للکاسب أن یحظى بثقة المشتری وأحد طرق ذلک المعاملة الحسنة، فالمشتری یرى حسن الخلق للبائع نابع من أمانته وصدقه وثقته. نقل شخص انی ذهبت للعلاج فی أحد بلدان الغرب، وبعد العلاج والمعاملة الحسنة والاستقبال الرائع طلبت قائمة الحساب، فقالوا لی بمنتهى الأدب والاحترام: لا تعجل بهذا الخصوص عد سالماً إلى إیران وسنرسل لک قائمة الحساب ولک أن تضع المبلغ المطلوب برقم الحساب المذکور أسفلها. وبالمقابل هنالک بعض المستشقیات فی بلداننا الاسلامیة لا یستقبلون المریض مالم یدفع النقود، فأین هذا من ذاک؟ للأسف ما کان یخشاه الإمام علی(علیه السلام) ـ سبق الآخرین للعمل بالإسلام ـ تحقق فی بعض الأمور.

1 . میزان الحکمة، ج 3، ص 151، الباب 1114، ح 5077.