کما أنّ للإنسان روحاً وجسماً کذلک للعبادات روح وجسم، وجسم العبادة ظاهرها الذی یدرکه کل شخص، وروح العبادة فلسفتها الوجودیة والمصالح الکامنة فیها، على سبیل المثال، لصلاة الجماعة جسم وروح; والکثیر من یأتی بحسن الشکل وظاهر هذه العبادة الکبرى، کصلوات الجماعة الملیونیة فی مکة والمدینة أیّام مناسک الحج العظیمة، لکنها للأسف خالیة من الروح. وروح الصلاة نهیها عن المنکر والفساد; غیر أنّ الفساد یضج فی مدن السعودیة بغض النظر عن مکة والمدینة. وروح صلاة الجماعة الوحدة والوئام، وللأسف لیس هنالک من اتحاد بین کل هؤلاء المسلمین. لقد بین أمیرالمؤمنین(علیه السلام)فی العبارة 252 من کلماته القصار فی نهج البلاغة فلسفة عشرین حکماً من الأحکام الإسلامیة، مثلاً، قال بشأن الحج «فرض الله... الحج تقربة للدین». ففی أیّام الحج یجتمع ملایین المسلمین وأجسامهم متقاربة، بینما هنالک مسافة شاسعة بین القلوب، ومن هنا لا تحل فی هذا المؤتمر الضخم مشکلة واحدة من مشاکل المسلمین وکأنّهم لا مشکلة صعبة لدیهم. وللصوم جسم وروح; وجسم الصوم الامتناع عن الأکل والشرب وسائر المفطرات. أمّا روح الصوم بالاضافة إلى الإمتناع عن المفطرات الإبتعاد عن جمیع الذنوب! حتى یبلغ الصائم مرتبة التقوى حسب تعبیر القرآن الکریم(1). ومن الواضح أنّ الجسم بدون روح لیس أکثر من تمثال. وبالنظر لذلک فالصوم ثلاثة أنواع:
1. صوم من یقتصر على إجتناب المفطرات بینما لاتصوم عینه وأذنه وسائر جوارحه.
2. صوم من یجتنب الذنوب بالإضافة للإمتناع عن المفطرات.
3. صوم من طهر کعبة القلب من کل ماسوى الله ولم یقطنه سوى حب الله. 

1 . کما إشارت إلى ذلک الآیة 183 من سورة البقرة.