أشار أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فی هذه الروایة إلى أربعة مواضیع مهمّة ومصیریة، والحقیقة أنّه خلق ثقافة بهذه العبارات الأربع وطرح مفهوماً جدیداً لبعض الکلمات، نکتفی بشرح العبارة الأولى منها رعایة للاختصار:
العبارة الأولى: «أحسن حلیة المؤمن التواضع». فقد استعمل(علیه السلام) الحلیة فی هذه العبارة بمفهوم جدید وأخرجها من معناها المادی لیبین لها معنى روحیاً. ووردت عدّة مطالب کثیرة فی الآیات والروایات فی التواضع بصفته حلیة المؤمن; منها ماورد فی الآیة 18 من سورة لقمان: (وَلاَ تَمْشِ فِی الاَْرْضِ مَرَحاً) فهل المراد بالمشی فی الآیة الشریفة المشی الاعتیادی الذی یعد من مصادیق التواضع، أم المشی بالمعنى الواسع للکلمة ویشمل المشی والأسلوب الاجتماعی والسیاسی والثقافی والسلوک الصغیر والکبیر؟ لا یبعد أن یکون المراد المعنى الثانی. جاء فی الروایة عن علی(علیه السلام) أنّه قال: «ثمرة التواضع المحبة وثمرة الکبر المسیئة»(1). والتواضع بمعنى ترک الکبر وهو مهم للجمیع ولاسیما أهل العلم والافراد القدوة للمجتمع. وإحدى علامات التواضع الابتداء بالسلام، حیث کان النبی(صلى الله علیه وآله) یبتدأ بالسلام حسبما ورد فی الروایة(2) وهکذا شد إلیه قلوب الناس، فلم لا نستفید من هذا الأمر القلیل الکلفة والعظیم الفائدة؟!