1. تأتی أحیاناً بمعنى التجدید فی المسائل العلمیة والصناعیة والاجتماعیة والذوقیه وما شابه ذلک. فالإنسان إن طرح قضیة جدیدة على أساس الذوق السلیم وإرشاد العقل، فهذا أمر إیجابی وعادة ما یعبر عنه بالإبداع، ومن الواضح أنّ تطورالعلوم والصناعات البشریة فی ظل هذا الابداع.
2. المعنى الآخر للبدعة، تحریف أحکام الله أو إضافة شیء إلیها; وهذا النوع من البدعة بدعة سلبیة. وللأسف عادة ما یخلط بینهما حیث یتظاهرون بالبدعة الإیجابیة لتطبیق البدعة السلبیة، کأن یقال باسم الإبداع: «کان الوضوء فی زمان لم تراع فیه الأمور الصحیة بالشکل المطلوب ولم یکن الناس یغتسلون کما ینبغی، ومن هنا أوجب الإسلام الوضوء لرعایة الشؤون الصحیة، أمّا الآن وقد اهتم الناس بالقضایا الصحیة فلم یعد للوضوء من ضرورة!». ومن هنا ینبغى الحذر حتى لا یلبس أصحاب البدع السلبیة بدعهم ثوب الإیجابیة. والآن بعد أن اتضح مفهوم البدعتین السلبیة والإیجابیة والحدّ الفاصل بینهما
نعود إلى کلام أمیرالمؤمنین(علیه السلام). فقد قال(علیه السلام)فی تفسیر البدعة السلبیة أنّ أهل البدع مخالفون لأوامر الله ولکتابه ولرسوله. فالبدعة التی واجهها الإمام الحسین(علیه السلام) إنّما حیکت فی عصر الخلفاء سیما الخلیفة الثالث; حیث وضع بیت المال تحت تصرف قرابة الخلیفة وأغدقت المناصب الحکومیة على بطانته والتى کان ینبغی أن تمنح على أساس التقوى والعلم
والکفاءة والتدبیر. وکانت تلک أسوأ البدع التی تصدى لها الإمام الحسین(علیه السلام). أضف إلى کل ذلک فقد خلق معاویة بدعة عظیمة أخرى فاستبدل الحکومة الإسلامیة بالملوکیة وأحیا جمیع سنن وتقالید الملوک واستخلف یزید شارب الخمر وملاعب الطیور! فکانت هذه الأمور مخالفة لأوامر الله والقرآن الکریم وأهداف رسول الله(صلى الله علیه وآله). فما خالف أمر الله وکتابه وسنة نبیّه فهو بدعة، سواء أسمیناها قراءة جدیده أم عرّفناها بالتجدید، أو اطلق علیها تفسیر عصری.