إن سُئلَ: ما السبیل للقضاء على الذنب ومعصیة الأشخاص والأسر والبلدان وبالتالی جمیع أبناء العالم؟ لقلنا فی الجواب: لابدّ من عنصرین مهمّین لبلوغ هذا الهدف السامی:
الأول: أن تتهذب المجالات الذهنیة والروحیة والأخلاقیة لبلوغ حالة التقوى لدى الإنسان والتی تعدّ سدّاً إزاء هجوم الشهوات وکلما کانت هذه الملکة أقوى ازدادت حصانة الإنسان.
والثانی: زوال المقدمات الخارجیة للذنب، لا أن تتسع وتکثر کل یوم مقدمات المعصیة بذریعة الحریة، سیما الشبّان الذین یتعرضون للمعصیة وطغیان الشهوة أکثر من غیرهم لابدّ أن یولون أهمیة فائقة لهذین العنصرین، فلا یحضرون مجالس المعصیة ولا یطالعون القصص المثیرة للجنس وروایات الغرام الإباحیة ولا یعاشروا أصحاب السوء الذین یشجعون على  الرذیلة، ویجتنبون سائر ممهدات ومقدمات الآثام. ولو تمعنا فی المعارف والأحکام الإسلامیة لوجدنا التعالیم بهذین الشأنین. فالله تعالى لم یأذن بارتکاب الذنب ویعاقب المذنب، بل ضاعف العذاب لمن یجاهر بالذنب; ولم یحرم القمار فحسب، بل حکم بحرمة شراء وبیع وحفظ آلات القمار. ولم یحظر شرب الخمر وکل مسکر فحسب، بل لعن صاحب بستان العنب الذی یصنع منه الخمر ومصنع الخمر والوسیلة النقلیة التی تحمله ومخزن الخمر وبائعه وشاربه وساقیه(1).
وتتضح بهذه المقدمة القصیرة الإجابة عن المغالطة التی یردّدها البعض «أنّ المرأة لابدّ أن تکون حرّة فی مسألة الحجاب سواءً رغبت فیه أم لم ترغب! والناس أحرار فی الإتیان أو ترک سائر الواجبات والمحرمات، لکلٍّ أن یفعل ما یشاء!». وبطلان هذا الکلام واضح. فالعقلاء کافّة یقولون لا ینبغی إلقاء الناس فی الهاویة وترکهم أحراراً، فجمیع العقلاء یضعون سوراً حول الهاویة، ویضعون أسواراً حول النوافذ ولا یعرضون حسب الاستدلال المذکور أرواح أولادهم للخطر، ویرى الامام علی(علیه السلام)فی هذه الروایة أنّ العافیة المعنویة، أی السلامة من الذنب لها عشرة أجزاء تسعة منها فی السکوت، إلاّ أن یلهج الإنسان بذکر الله. لأنّ الجانب الأعظم من الذنوب یتمّ باللسان، ولهذا تسعة أجزاء العافیة فی السکوت. فهنالک ثلاثون کبیرة تحصل باللسان ولهذا لابدّ أن نسعى للتکلّم قلیلاً فإن قلّ کلامنا قلّت أخطاؤنا، وعلیه فالصمت مهم للغایة بحیث یمکن معرفة الأشخاص من اللسان. الجزء العاشر للعافیة والذی یعدّ إحدى مقدمات الذنب، ترک مجالس السوء والمعصیة; أی أن حضور مجالس الذنب حرام وإن أذنب الآخرون ولم تذنبوا، بل تنظرون إلیهم فقط. فالأشخاص والأُسر والمجتمع یستطیعون ردع أنفسهم عن اقتراف الذنوب والمعاصی من خلال العمل بهذه الروایات.

1 . هناک روایة تقول: «لعن الله عشرة من الأفراد الذین یعدون ویحفظون ویتناولون المشروبات الکحولیة». راجع هذه الروایات فی وسائل الشیعة، ج 12، ابواب مایکتسب به، الباب 55، ح 5-3 .