بیّن أمیرالمؤمنین(علیه السلام) فی هذا الجانب من خطبته تشبیهین للتقوى: فقد شبهها فی العبارة الأولى بحبل عروته وثیقه وورد مثل هذا التشبیه للقرآن الکریم(1).
ولعل هذا التشبیه یشیر إلى أحد أمرین:
1. الدنیا کبئر والناس فی أعماقه، ولابدّ هنامن حبل متین لینجی التمسک به الناس من البئر. وقد وصف(علیه السلام) التقوى بمنزلة الحبل الذی یستطیع الإنسان أن ینقذ نفسه بواسطته من بئر الهوى وعالم المادة.
2. عادة مایصطحب متسلقو الجبال معهم حبلاً طویلاً للصعود إلى قمة الجبل الخطیرة فیلفونه حولهم فإن زل أحدهم حفظه الآخرون واحتمال زلة الجمیع لیست واردة. وعلیه لو زل أحد لا یسقط لأنّه متصل بهذا الحبل. وربّما أشارت إلى ذلک الآیة الشریفة: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِیعاً وَلاَ تَفَرَّقُوا)(2) فإن تمسک السالکون لقمة السعادة بحبل الله واتصلوا به وزلّ البعض حال الآخرین دون سقوطه. وشبّه التقوى فی الثانیة بذروة خارجة عن متناول العدو والمتقی یتربع على سفح هذه الذروة المنیعة. نعم، بالتمسک بحبل تقوى الله یمکن الخروج من بئر هوى النفس المرعب والصعود إلى قمة الکمال والسعادة واللواذ بکهف آمن بعیداً عن العدو.