شبّهت التقوى فی هذا الحدیث العمیق المعنى، باللباس. فقد أشار أمیرالمؤمنین(علیه السلام)بهذه العبارة إلى الآیة 26 من سورة الأعراف، حیث قال تعالى: (یَا بَنِى آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَیْکُمْ لِبَاساً یُوَارِی سَوْآتِکُمْ وَرِیشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَى ذَلِکَ خَیْرٌ ذَلِکَ مِنْ آیَاتِ اللهِ لَعَلَّهُمْ یَذَّکَّرُونَ)فقد مَنّ الله تعالى فی هذه الآیة على عباده باللباس، والتعبیر «أنزلنا» بشأن اللباس رائع، وسر ذلک أن الله ینزل الماء من السماء فتشربه الحیوانات وتنمو به النباتات وتتغذى علیه. ثم ینبت على أجسامها الصوف والشعر لیعد الإنسان من الصوف والشعر لباسه. طبعاً یمکن القول لا یلزم فی التعبیرات مثل «أنزلنا» أن یکون هنالک علو مکانی مثل علو السماء بالنسبة للأرض، بل یکفی العلو المقامی فلیس لله مکان خاص وعلیه حیث أفاض الله تعالى على الإنسان اللباس عبّر بأنزلنا، وإن أعدّ هذا اللباس على الأرض.
أهمیة اللباس:
للباس ثلاثة أمور مهمة:
1. الحفظ حیث یمنع الأضرار الخارجیة.
2. ساتر العیوب ویحول دون ظهور عیوب الإنسان.
3. مدعاة للزینة وحرمة الإنسان; فالإنسان العاری أشبه بالحیوان ولهذا یمکن اعتبار اللباس علامة شخصیة الإنسان، ویمکن من خلال هذه العلامة قراءة أغلب الصفات الأخلاقیة للإنسان. فیعلم هل هذا الإنسان یتحمل أم لا یتحمل؟ منظم أم غیر منظم؟ حاد أم معتدل؟ له مشکلة مع أسرته أم لا؟
والخلاصة فإنّ اللباس یتابع ثلاثة أهداف، ولو ألقینا نظرة على الألبسة التی تلبس الآن سیما ما یلبسه بعض الشبّان والنساء لعلمنا أن بعضهم للأسف نسى الأهداف الأصلیة للباسه. على کل حال التقوى أیضاً لباس تنشد هذه الأهداف الثلاثة:
أولاً: التقوى تحفظ روح الإنسان وتصونه من الزلات الأخلاقیة; الزلات الأخلاقیة التی لا تجرح روحه فحسب، بل تقضی على کرامته الإنسانیة.
ثانیا: التقوى تستر عیوب الإنسان الأخلاقیة وتحول دون بروزها.
ثالثا: التقوى زینة الشخصیة وعلامتها، فالمتقى محترم حتى لدى عدیمی التقوى. فالتقوى لیست مجرّد لباس عادی، بل یمکنه أن یکون لباس الحرب. ولما کان الجهاد حادث دائمی لحیاة الإنسان سیما بعد الجهاد الأصغر ومجاهدة النفس، فهناک حاجة دائمیة لهذا اللباس.
وعلیه لابدّ من استغلال هذا اللباس القتالی دائماً لیحفظ الإنسان من الآفات والأخطار ویستر عیوبه ویکون له زینة.