الغنى نوعان: 1. الغنى باطن الذات 2. الغنى خارج الذات.
المراد من الغنى خارج الذات أن یستغنی الشخص عن الآخرین بواسطة الأشیاء الخارجة عن ذاته; بواسطة المقام والقدرة والأصدقاء والأموال وما شابه ذلک. وهذا الغنى خارج الذات الذی لیس له من اعتبار یذکر لا یشبع نهم الإنسان، ومن هنا فالأثریاء أعظم عطشاً من غیرهم! وعلى هذا الأساس حین سئل البهلول عن شخص نذر أن یساعد أفقر الناس فلمن یعطی؟ قال: لهارون الرشید(1).
2. النوع الثانى: الغنى باطن الذات وهو أن یستغنی الإنسان بالاستفادة من إمکاناته الذاتیة دون الإستعانة بالوسائل الخارجیة. وهؤلاء الأفراد یظفرون بالغنى الذاتی فی ظل الإیمان والثقة بالنفس والقناعة والتوکل على الله والتقوى التی تعد أعظم ذخیرة، فهم أغنى الجمیع. وأهم خصائص الغنى الذاتی تعذر سرقته، وکان علی(علیه السلام) ممن عرف بالغنى الذاتى. ومن هنا وقف صامدا کالجبل طیلة مدة سکوته لخمس وعشرین سنة عن حقّه فی الخلافة، وحین أتته السلطة لم تأسره، بل هو الذی أسرها ولم یعتن بالدنیا حیث لا یراها مع عظمتها أهون من فعل(2) ومن قضم جرادة».(3) وأهون من عفطة عنز(4) ومن عراق خنزیر فی ید مجذوم(5). هذا هو الرصید الواقعی والدائم.