قلّما کان من الکبائر کالغیبة علامة الوضاعة والضعف والذلة والعجز. وأولئک الذین یخوضون فی ذم الآخرین وعیوبهم من خلفهم ویزیلون ماء وجوه الآخرین بإفشاء عیوبهم المستورة، وعادة مایبتلى الناس بأحد هذه العیوب ویطفئون بهذه الطریقة نیران حسدهم وعداوتهم فهم عجزة ولا شخصیة لهم. جاء فی الحدیث(1) أن من یغتاب ویتوب آخر من یدخل الجنة وإن لم یتب فأول من یرد جهنم(2). وشبهت الغیبة فی الآیة 12 من سورة الحجرات بأکل لحم الأخ المسلم المیّت(3). وجاء فی حدیث آخر أنّ ثواب أعمال المغتاب یوم القیامة تنتقل إلى صحیفة أعمال من اغتابه فإن لم یکن له ثواب انتقلت ذنوبه إلى من اغتابه(4). وبالنظر لما تقدم فالعاقل لا یغتاب قط; لأنّ من یغتابه إمّا صدیقه أو عدوه. فإن کان صدیقه فالعاقل لیس مستعداً مهما کانت الظروف لأنّ یأکل لحم صدیقة المیت، وإن کان عدوه فلا یرضى قط أن تنقل إلیه حسناته یوم القیامة أو أن یتحمل عذاب ذنوبه.
وعلیه فالعقل السلیم یحکم بضرورة تطهیر الحیاة من هذه الکبیرة بالتعاون على البِرّ والتقوى وإنقاذ المجتمع من سوء عواقب هذه الکبیرة.
 

1 . بحار الأنوار، ج 72، ص 222.
2 . مائة وخمسون درساً من الحیاة، ص 60.
3 . راجع المباحث المتعلقة بالآیة المذکورة وبعض المطالب المرتبطة بالغیبة فی کتاب الأمثال القرآنیة، الجزء الثانی.
4 . المحجة البیضاء، ج 5، ص 273.