تستفاد بعض الأمور من هذه الروایة، والأمران المهمان هما:
1. العالم لابدّ أن یکون ناطقاً وبخلافه سیکون کالکنز المخفی فی التراب لا یقدم من فائدة للمجتمع. وعلیه فالخطیب العالم هو الذی یفود المجتمع إلى الصراط المستقیم وقد کان الإمام علی(علیه السلام)، مصداقاً تاماً وکاملاً «للعالم» کما کان خطیباً بارعاً وأوحداً. أضف إلى ذلک فإن «نطق» العالم لابدّ أن یکون مثل «نطق» نبی الاسلام(صلى الله علیه وآله)(وَمَا یَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى)(1) وعلیه فینبغی أن یکون کل ما یقوله لرضى الله ولیس إرضاء هوى النفس.
2. «العالم الناطق» لابدّ أن یبادر للعمل الصالح قبل دعوة الآخرین إلیه، وینتهی عن الباطل قبل أن ینتهی الآخرون عنه. وفی هذه الحالة یکون عالماً ربانیاً والنظر إلیه وحتى النظر إلى باب بیته وحضور مجلسه عبادة وکلامه جهاد فی سبیل الله.(2) والمجتمع یکون فی خیر وصلاح إن لم یحتکر العالم علمه، بل نشره وعمل به قبل الآخرین وأشرک الأغنیاء الفقراء فی أموالهم، وصبر الفقراء على فقرهم; إلاّ أنّ المصیبة تحلّ حین یکتم العالِم علمه عن الآخرین ولا یأخذ الغنی بید الفقیر والمحتاج ویفقد الفقیر صبره وتحمله.
أیّها القارىء العزیز! إنّ کل واحد منّا أحد هذه الأصناف الثلاثة، فلنسأل الله أن یوفقنا فی ما علینا من وظیفة.

1 . سورة النجم، الآیة 3.
2 . سئل الصادق(علیه السلام): روی أنّ رسول الله(صلى الله علیه وآله) قال: النظر للعلماء عبادة. فمَن هم هؤلاء العلماء؟ قال: المراد العالم الذی إن نظرت إلیه ذکرت الاخرة ومن لم یکن کذلک (فلیس فقط لا عبادة فی النظر إلیه، بل) فتنة. میزان الحکمة، الباب 2845، ح 13438.