یشیر هذا الحدیث إلى الدنیا والآخرة; والآخرة کائنة، أى قادمة; وعلیه فما سیأتی لیس ببعید. أمّا الدنیا فمفارقة على کل حال وبائنة والبائن لیس بقریب. والخلاصة فإنّ الدنیا القریبة ظاهریاً بعیدة، أمّا الآخرة البعیدة ظاهریاً فقریبة ودائمة. والتعبیرات التی وردت فی الآیات والروایات بشأن الدنیا والآخرة کثیرة وعلّة التأکید على هذه المسألة ما یعرض لنا نحن الناس للأسف من غفلة. فمنطق بعض الناس کمنطق عمر بن سعد ـ لعنة الله علیه ـ حیث یقولون: الدنیا فی الید والآخرة مؤجلة فلا ینبغی بیع العاجل من أجل الآجل(1). والحال لیست الدنیا نقد ولا الآخرة فقد; فأعظم المقامات والمناصب تزول بطرفة عین، فیاله من نقد تافه ومتقلب. جاء فی الخبر أنّ أهل الآخرة حین ینظرون إلى الدنیا یرون جمیع عمر الدنیا لا یعدل فُواق ناقة. أمّا الآخرة فخالدة ولابدّ أن نقرّ بهذه الحقیقة ونؤمن بها وتتضح على ضوئها آثار الإیمان على أعمالنا وسلوکنا وعقائدنا. على غرار السراج إذا اُشعل فی دار فإنّ نوره یتخلل جمیع منافذها إلى الخارج.